صيدا - نداء الوطن

إقفال أفران ومحالّ في صيدا القديمة وتغيّر مهن تناسب الواقع

العم أبو حسن دياربي يكافح من أجل لقمة العيش الكريم

13 آب 2022

02 : 00

أبو حسن أمام محله في صيدا القديمة (محمد دهشة)

يكافح العم محمد سليم دياربي «أبو حسن» البالغ من العمر 84 عاماً، من اجل تأمين قوت يومه وعائلته في هذه الظروف العصيبة، منذ 70 عاماً وهو يعمل «كحلونجي» داخل محله في صيدا القديمة، ولكن مع استفحال الازمة المعيشية والاقتصادية وطول أمدها، تخلى عنها طوعاً لانها باتت عند الكثيرين من ابناء «البلد» من الكماليات ولا يقبلون عليها الا بالمناسبات السعيدة، وما أقلها في هذه الايام».

يقول أبو حسن لـ»نداء الوطن» بحرقة: «للأسف باتت الحلويات من الكماليات في ظل الازمة المعيشية، كنت أصنع البقلاوة والمعمول و»البورما» والمشبك والمعكرون وهي حلوى شعبية، والآن تحولت الى صناعة المعجنات عجين محشو باللحمة (صفيحة)، حيث أبيع الحبة الواحدة بـ 6 آلاف ليرة لبنانية، والدزينة بـ 70 الف ليرة لبنانية، وكل يشتري حسب امكانياته».

ويضيف «هذه ايام عجاف لم تمر علينا مثلها من قبل، انها حرب طاحنة لم تبق خيارات مفتوحة اما التأقلم مع الواقع الجديد او الاقفال والجلوس في المنزل او حزم الحقائب والهجرة، هذا بلدنا ولن نتركه ابداً مهما كانت الظروف قاسية وعصيبة».

في احياء صيدا، يروي الناس حكايات كثيرة عن الفقر، البعض ألغى اشتراكات المولدات، والبعض الآخر اعتمد جدول التقشف الكبير، وفق ما تقول الحاجة «أم محمد» البطش: «نعيش كل يوم بيومه، وعلى قاعدة «قوت لا نموت»، ولولا بعض المبادرات الخيرية والتكافل الاجتماعي لكان الوضع مزريا وتعيساً جداً».

اللافت في صيدا القديمة اقفال غالبية الافران التي تؤمن الخبز اليومي، لم يبق الا فرن واحد ويفتح ثلاثة ايام في الاسبوع فقط، واقتصر عمل بعضها على صناعة المناقيش، فيما اقفل الكثير من المحال التجارية والدكاكين. ويقول علي آغا: «الغلاء اصبح ناراً، والناس تعيش على هامش الحياة، لقد حجزوا اموالها في المصارف بلا وجه حق، واليوم ارتفاع الدولار يلتهم ما تبقّى من عملة وطنية».

وخارج أسوار صيدا القديمة، تبدو المعركة مفتوحة بين «اللجنة الشعبية» التابعة لـ»التنظيم الشعبي الناصري» وبعض أصحاب المولدات الخاصة، ووقع اشكال في منطقة الهلالية، سقط فيه ثلاثة جرحى بعدما تطور الامر الى عراك وتضارب واطلاق نار في الهواء، وخلصت المواجهة الاولى الى تمترس كل فريق وراء مواقفه، اللجنة تطالب اصحاب المولدات بالالتزام بالتسعيرة الرسمية الصادرة عن وزارة الاقتصاد وبعضهم يؤكدون ان ذلك يعني الخسارة.

يتساءل الصيداويون بمرارة اين الاجماع السياسي في اجبار هؤلاء على الالتزام بالتسعيرة؟ يبدو النائب أسامة سعد وحيداً في خوض غمار المواجهة، وقد أكد أمام حشد شعبي حضر الى مكتبه: «سنبقى الى جانب المظلومين ضد السارقين والنهابين، وان بقينا وحدنا سنواصل الدفاع عن حقوق الناس وعن لقمة عيشهم، هذا خيارنا الذي لن نتراجع عنه. طلبنا هو فواتير عادلة لاشتراكات المولدات في ظل غياب الدولة عن تأمين خدمة الكهرباء، وبمواجهة احتكار مافيات المولدات التي تفرض الفواتير بشكل عشوائي من دون مراعاة لاي اعتبار ولا حتى لتسعيرة وزارة الطاقة التي هي اساساً مكلفة للمواطن ومع ذلك نقول علينا الالتزام بها ولكنهم يفرضون التسعيرة التي يريدونها، كما يحاولون فرض الاذعان على الناس، وهذا مرفوض».