ترامب يوقّع "قانون حقوق الإنسان والديموقراطيّة في هونغ كونغ"

بكين "الغاضبة" تتوعّد واشنطن

10 : 59

ناشط يتماهى بتمثال الحرّية الأميركي خلال تجمّع مرحّب بتوقيع ترامب في هونغ كونغ

استدعت الصين أمس سفير الولايات المتحدة وهدّدت بالرد بعدما وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب على قانون يدعم المتظاهرين المدافعين عن الديموقراطيّة في هونغ كونغ، في وقت تسعى أكبر قوّتَيْن اقتصاديّتَيْن في العالم للتوصّل إلى هدنة تجاريّة. ووقّع ترامب القانون تحت ضغط كبير من الكونغرس، حيث حصل التشريع على تأييد نادر من الحزبَيْن الجمهوري والديموقراطي. ويُجبر القانون المسمّى "قانون حقوق الإنسان والديموقراطيّة في هونغ كونغ"، الرئيس الأميركي على مراجعة الوضع التجاري التفضيلي للمدينة سنويّاً ويُهدّد بإلغائه في حال تمّ تقييد الحرّيات فيها. ووقّع ترامب كذلك قانوناً يحظر بيع الغاز المسيّل للدموع والرصاص المطاط وغيرها من المعدّات التي تستخدمها قوّات الأمن في هونغ كونغ لقمع المتظاهرين المطالبين بالديموقراطيّة.وتحدّث ترامب في بيان، عن "احترامه" للرئيس الصيني شي جينبينغ، داعياً الطرفين إلى "تسوية خلافاتهما ودّياً". لكنّ بكين ردّت بغضب واستدعت السفير الأميركي مهدّدةً باتّخاذ "إجراءات مضادّة حازمة"، وحضّت واشنطن على عدم تطبيق القانون. ووصفت وزارة الخارجيّة الصينيّة الخطوة الأميركيّة بأنها "بغيضة جدّاً وتحمل نوايا خبيثة"، مضيفةً في بيان أن "الصين تحضّ الجانب الأميركي بشدّة على تصحيح أخطائه وتغيير مساره".

من جهته، صرّح الناطق باسم السفارة الأميركيّة بأنّ "الولايات المتّحدة تعتقد بأنّ الحكم الذاتي في هونغ كونغ وامتثال السلطات لحكم القانون والتزامها حماية الحرّيات المدنية، تُعدّ غاية في الأهمّية للمحافظة على وضعها الخاص بموجب القانون الأميركي".

أمّا حكومة هونغ كونغ المحلّية، فأعربت عن "أسفها الشديد" بعد توقيع ترامب القانونَيْن، معتبرةً أنّهما "يتدخّلان بوضوح في الشؤون الداخليّة" للمدينة، وحذّرت من أن الخطوة "تبعث برسالة خاطئة إلى المتظاهرين"، فيما دان مكتب الاتصال التابع لبكين في المدينة سلوك واشنطن "المقزّز الذي سيتسبّب بمشكلات وفوضى".

في المقابل، رحّب ناشطون في هونغ كونغ بخطوة ترامب، معتبرين أنها "تهدف إلى بناء دعم دولي لحراكهم". وقال الطالب ساني شيونغ، الذي أدلى بشهادته أمام الكونغرس دعماً للقانون، لوكالة "فرانس برس"، إنّه سيمنح "شعب هونغ كونغ قدرة على التأثير في الوقت المناسب للضغط على سلطته وبكين لإدخال إصلاحات ديموقراطيّة".

وفي واشنطن أيضاً، أصدر عضوا مجلس الشيوخ الجمهوريّان ماركو روبيو وجيم ريش، إلى جانب الديموقراطيَّيْن بين كاردن وبوب مينينديز، بياناً مشتركاً للترحيب بقرار ترامب، تضمّن أنّه "باتت لدى الولايات المتّحدة الآن أدوات جديدة وذات معنى لمنع مزيد من التأثير والتدخل من قبل بكين في الشؤون الداخليّة لهونغ كونغ"، المتمتّعة بحكم شبه ذاتي. كذلك، قالت رئيسة مجلس النوّاب نانسي بيلوسي في بيان، إن "هذا القانون الذي أقرّه المجلسان والحزبان، يؤكد مدى التزام أمّتنا بالديموقراطيّة وحقوق الإنسان وحكم القانون في وجه حملة بكين الأمنيّة". وأضافت: "أنا سعيدة لتوقيع الرئيس هذا القانون وأتطلّع لدخوله حيّز التنفيذ فوراً".

وكانت سرت تكهّنات بأن ترامب قد يمنع صدور القانون لحماية فرصه في ضمان إبرام اتفاق تجاري مع الصين، مع تزايد زخم حملته الانتخابيّة للفوز بولاية ثانية العام المقبل، لكنّه كان ليواجه احتمال تعرّضه لتجاوز مهين سياسيّاً من الكونغرس، حيث يُمكن لثلثَيْ الأصوات إلغاء قرار للرئيس، في وقت تفاقمت الضغوط بعد فوز المعسكر الداعم للديموقراطيّة بغالبيّة الأصوات في انتخابات هونغ كونغ المحلّية الأحد الماضي. وتمخّضت هذه التكهّنات بعدما غيّر الرئيس موقفه الداعم للمتظاهرين في هونغ كونغ، إذ أكد الثلثاء أنه يقف "إلى جانبهم"، لكنّه ما لبث أن شدّد على علاقاته القويّة بالرئيس الصيني وجهوده للتوصّل إلى حلّ للحرب التجاريّة بين البلدَيْن. وقال ترامب: "تسير الأمور بشكل جيّد جدّاً لكنّنا نُريد أن نراها تسير بشكل جيّد أيضاً في هونغ كونغ. أعتقد أن ذلك سيحصل، أعتقد أن الرئيس شي قادر على تحقيق ذلك".

وفي تطوّر ميداني، اقتحمت الشرطة أمس حرم جامعة الـ"بوليتكنيك" في هونغ كونغ بعدما حاصرتها لأيّام. وغادر معظم المتظاهرين المكان مع تعرّض بعضهم للاعتقال والضرب لدى محاولتهم الفرار، فيما جمع عناصر الشرطة أدلّة، بينها قنابل حارقة وأقواس رماية من الموقع.

وتظاهر سكّان هونغ كونغ بأعداد ضخمة خلال الأشهر الستة الماضية، على خلفيّة سنوات من المخاوف المتزايدة من تقييد الصين للحرّيات في المدينة. ولم تُقدّم حكومة المنطقة المدعومة من بكين الكثير من التنازلات، فيما نفّذت الشرطة حملة أمنيّة مشدّدة ضدّ المتظاهرين في إطار مواجهات اتخذت منحى عنيفاً، وتمّ توقيف أكثر من 5800 شخص وتوجيه اتهامات إلى حوالى ألف، بينما ازدادت عمليّات الاعتقال خلال الشهرَيْن الماضيَيْن. لكنّ العنف لم يؤثر كثيراً في الدعم الشعبي للحراك، إذ حقق المرشّحون المدافعون عن الديموقراطيّة فوزاً ساحقاً في انتخابات المجالس المحلّية التي جرت الأحد.