الكباش في شأن هونغ كونغ مستمرّ

بكين تتّخذ تدابير عقابيّة بحق واشنطن

11 : 08

ثوّار هونغ كونغ يسعون إلى تعزيز الديموقراطيّة في المدينة

كما كان متوقّعاً، لم تستسغ السلطات الشيوعيّة في بكين القانون الأميركي الذي يدعم الاحتجاجات المؤيّدة للديموقراطيّة في هونغ كونغ، إذ أعلنت الصين أمس التعليق الفوري لرسو السفن الحربيّة الأميركيّة في المستعمرة البريطانيّة السابقة وفرض عقوبات على منظّمات أميركيّة غير حكوميّة عدّة. وقالت المتحدّثة باسم وزارة الخارجيّة الصينيّة هوا شونيينغ للصحافيين: "ردّاً على السلوك غير المنطقي للجانب الأميركي، قرّرت الحكومة الصينيّة تعليق مراجعة طلبات السفن الحربيّة الأميركيّة للذهاب إلى هونغ كونغ للراحة والاستجمام، اعتباراً من اليوم (أمس)".

وفي هذا الصدد، قال مايكل راسكا، الباحث الأمني في جامعة نانيانغ التكنولوجيّة في سنغافورة لوكالة "فرانس برس": "من الناحية العمليّة والعسكريّة، الأمر لا يُحدث فارقاً حقيقيّاً بالنسبة إلى الولايات المتّحدة، إذ يُمكنهم استخدام العديد من القواعد البحريّة في المنطقة". لكن القرار برأي راسكا "يبعث إشارة إلى أن التوترات بين الولايات المتّحدة والصين ستستمرّ في التعمّق"، فيما رأى جيه مايكل كول، وهو زميل في معهد تايوان العالمي ومقرّه تايبيه، أن هذه الخطوة رمزيّة، لكنّها علامة أخرى على "تصعيد للأفعال المتبادلة التي تُسمّم العلاقات الثنائيّة". وترسو سفن أميركيّة بشكل منتظم في هونغ كونغ، في إطار زيارات تُتيح لها خصوصاً تأمين حاجاتها في هونغ كونغ. وعرقلت بكين زيارتَيْن لسفن أميركيّة في آب الماضي، بحسب البحريّة الأميركيّة، من دون أن تُقدّم أسباباً. وسبق أن حصلت زيارة للبحريّة الأميركيّة الى هونغ كونغ في نيسان، قبل بدء التظاهرات في هونغ كونغ في حزيران. كما أوضحت المتحدّثة الصينيّة أن بكين ستفرض عقوبات على منظّمات غير حكوميّة أساءت التصرّف في هونغ كونغ، خصوصاً المنظّمات الناشطة في مجال حقوق الإنسان، وهي الصندوق الوطني للديموقراطيّة والمعهد الديموقراطي الوطني للشؤون الدوليّة والمعهد الجمهوري الدولي و"هيومن رايتس ووتش" و"فريدم هاوس"، من دون تحديد ما هي العقوبات. وأشارت إلى أنّه "هناك بالفعل الكثير من الحقائق والأدلّة التي توضح أن هذه المنظّمات غير الحكوميّة تدعم القوى المناهضة للصين وتُحرّض على الأنشطة الانفصاليّة من أجل استقلال هونغ كونغ". واتهمت هذه المنظّمات "بالمسؤوليّة الكبيرة عن الوضع الفوضوي في هونغ كونغ".

كذلك، ذكرت صحيفة "غلوبال تايمز"، التي تُعتبر لسان الحكومة الصينيّة، في افتتاحيّتها أنّ بكين قد تتّخذ إجراءات أكثر إذا واصلت الولايات المتّحدة تصعيد الاستفزازات في هونغ كونغ. وتابعت أنّ "الإجراءات المعلنة الإثنين هي الأخف"، في وقت أعلنت منظّمة "هيومن رايتس ووتش" أنّها "لم تتلقَ بيانات من الحكومة الصينيّة" حول معنى العقوبات. وقال مديرها التنفيذي كينيث روث في بيان: "عوضاً عن استهداف منظّمة تسعى إلى الدفاع عن حقوق أهالي هونغ كونغ، ينبغي على الحكومة الصينيّة احترام هذه الحقوق".

أميركيّاً، أوضح وزير الخارجيّة مايك بومبيو أن الولايات المتّحدة تُريد أن "يفي الحزب الشيوعي الصيني بوعوده التي قطعها العام 1997"، وقال: "لقد التزموا مبدأ بلد واحد ونظامَيْن ومن واجبهم الوفاء بهذا الالتزام"، معتبراً أن المتظاهرين يُطالبون بـ"الحرّية وامكان تأسيس عائلة وممارسة ايمانهم كما يشاؤون". وردّاً على سؤال عمّا إذا كانت تدابير بكين تُهدّد فرص التوصّل إلى اتفاق تجاري معها، أقرّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنّ ذلك لن يُسهّل المفاوضات. لكنّه اعتبر أن "الصينيين يُواصلون التفاوض ويُريدون اتفاقاً".

والأسبوع الفائت، وقّع ترامب مشروع قانون متعلّقاً بحقوق الإنسان والديموقراطيّة في هونغ كونغ، وهو يدعم الامتناع عن الاعتقال التعسّفي ويفرض عقوبات على الذين يُخالفون هذه المبادئ. ويُجبر القانون الرئيس الأميركي على مراجعة الوضع التجاري التفضيلي للمدينة سنويّاً، ويُهدّد بإلغائه في حال تقييد الحرّيات في المنطقة التي تتمتّع بحكم شبه ذاتي. كما وقّع ترامب قانوناً يحظر بيع الغاز المسيّل للدموع والرصاص المطاطي وغيرها من المعدّات التي تستخدمها قوّات الأمن في هونغ كونغ لقمع المتظاهرين. ويأتي الإجراء الصيني فيما يخوض البلدان مفاوضات مكثفة لوضع اللمسات الأخيرة على "المرحلة الأولى" لاتفاق تجاري يُنهي الحرب التجاريّة المطوّلة بينهما.

وكانت شرطة هونغ كونغ قد أطلقت الغاز المسيّل للدموع الأحد لتفريق عشرات آلاف المتظاهرين المطالبين بتعزيز الديموقراطيّة، بينهم أطفال، بعد أسبوع من تحقيق حركتهم فوزاً ساحقاً في الانتخابات المحلّية. وجرت التظاهرة الرئيسيّة في حي تسيم شا تسوي التجاري في جنوب شبه الجزيرة، وكان قد دعي إلى ثلاث تظاهرات الأحد لزيادة الضغط على السلطات المحلّية. وشارك متظاهرون أيضاً في مسيرة إلى القنصليّة الأميركيّة لشكر واشنطن على دعمها لحركة الاحتجاج في المدينة.


MISS 3