عالم مائيّ في كوكبٍ من نوع "الأرض الهائلة"؟

02 : 00

كوكب TOI-1452b

يجب أن يتابع العلماء ملاحظات "مقراب جيمس ويب الفضائي" لدراسة الغلاف الجوي للكوكب الخارجي ويطلقوا أحكاماً أكثر مصداقية حول طبيعة الكوكب الجديد. مع ذلك، تبقى النتائج الأولية مثيرة للاهتمام.

كان الكوكب الخارجي يدور حول ثنائي قريب من نجوم الأقزام الحمراء الصغيرة والخافتة، تفصل بينها 97 وحدة فلكية فقط. إنها مسافة قريبة لدرجة أن يبدو النجمان وكأنهما نجم واحد.

من خلال قياس كمية الضوء التي يبثها النجم وإلى أي حد يصبح خافتاً حين يمرّ الكوكب الخارجي أمامه، تأكد الباحثون من صغر حجم الكوكب الخارجي الذي يبدو أكبر من كوكب الأرض بـ1.672 مرة، وهو يدخل في خانة كواكب "الأرض الهائلة" (Super-Earth).

في المرحلة اللاحقة، ألقى الباحثون نظرة فاحصة على النجم، فدرسوا سرعته الشعاعية، أي طريقة تنقله تحت تأثير جاذبية الكوكب الخارجي، لأن أي جسمَين في نظام معيّن يدوران حول مركز جاذبية مشترك، ما يعني أن النجم يتحرك، ولو بدرجة بسيطة، في إطار ترتيبه المداري مع كوكب TOI-1452b. تكشف التغيرات الحاصلة في ضوء النجم هذه الحركة، حتى أنها تسمح لعلماء الفلك باحتساب كتلة الجسم المدارية عبر تحديد قوة تلك الحركة. نتيجةً لذلك، استنتج الباحثون أن كتلة كوكب TOI-1452b هي أكبر من الأرض بمعدل 4.82 مرات. يتخذ الاكتشاف منحىً مثيراً للاهتمام في هذه المرحلة بالذات.

بعد معرفة حجم الجسم وكتلته، يمكن استنتاج متوسّط كثافته. في ما يخص كوكب TOI-1452b، تبلغ تلك الكثافة 5.6 غرامات لكل سنتيمتر مربّع: إنه رقم قريب جداً من كثافة الأرض (5.5). لكن يظن الباحثون أن الكثافة المشابهة لكوكب الأرض في جسمٍ يحمل كتلة أكبر حجماً تشير إلى تكوين ذلك الجسم من مواد أخف وزناً.

يقول عالِم الفلك، شارل كاديو، من جامعة مونتريال في كندا: "يُعتبر TOI-1452b من أفضل الكواكب المرشّحة لتكون مليئة بالمحيطات حتى الآن. تشير كتلته وسرعته الشعاعية إلى كثافة أقل بكثير مما يمكن توقّعه في كوكبٍ يتألف بشكلٍ أساسي من معادن وصخور مثل الأرض".

صمّم العلماء نموذجاً عن التركيبة الداخلية للكوكب الخارجي واستنتجوا أن 30% من كتلته قد يتألف من الماء. إنها نسبة هائلة من المساحات الرطبة. يشكّل الماء مثلاً أقل من 1% من كتلة الأرض. أما تركيبة كوكب TOI-1452b، فهي تبدو أقرب إلى قمر "أوروبا" المائي في المدار مع كوكب المشتري، أو قمر "إنسيلادوس" في المدار مع زحل. لكن يستحيل أن يؤكد العلماء على تركيبة TOI-1452b الدقيقة استناداً إلى القياسات التي يملكونها حتى الآن. يلعب "مقراب ويب" دوراً أساسياً في هذا المجال بالذات.

يمرّ الكوكب الخارجي بين الأرض ونجمه، ويمرّ جزء من ضوء النجم بالغلاف الجوي للكوكب الخارجي، إذا كان مزوّداً بغلاف مماثل. يُعتبر "مقراب ويب" دقيقاً بما يكفي لرصد الاختلاف في ذلك الضوء بتفاصيل وافية، ما يسمح للعلماء بتحديد محتوى الغلاف الجوي للكوكب الخارجي.

إذا كان كوكب TOI-1452b عالماً مائياً فعلاً، سيكون "مقراب ويب" أفضل أداة للتوصل إلى هذا الاكتشاف.

يقول عالِم الفلك، رينيه دويون، من جامعة مونتريال: "ستكون الملاحظات التي نستخلصها عبر "مقراب ويب" أساسية لتحسين طريقة فهمنا لكوكب TOI-1452b. وحالما نصل إلى تلك المرحلة، سنستخدم التلسكوب نفسه لمراقبة هذا العالم الغريب والمدهش". نُشرت نتائج البحث في "المجلة الفلكية".

قد يكون كوكب خارج المجموعة الشمسية، على بُعد مئة سنة ضوئية عن الأرض، أفضل مرشّح حتى الآن للتأكيد على نشوء عالمٍ مائي ومليء بالمحيطات. يحمل هذا الكوكب اسم TOI-1452b، وتشير قياسات حجمه وكتلته إلى كثافة تتماشى مع محيط عالمي سائل. يظن العلماء أن وجود هذا النوع من العوالم ممكن، لكنهم لم يتأكدوا من وجوده بشكلٍ قاطع بعد.