جاد حداد

Look Both Ways... ليلي راينهارت تتألق في دورَين متوازيَين

31 آب 2022

02 : 01

يعرض فيلم Look Both Ways (طريق باتجاهَين)، من إخراج وانوري كاهيو وكتابة أبريل بروسير، خطَّين زمنيَّين متوازيَين لكنه يستعمل أسلوباً سلساً لتقديم محتواه. يبقى تأثير هذه المقاربة ودياً ومُطمئناً بشكل عام، فتؤكد أجواء العمل على تحسّن الوضع في نهاية المطاف، لا سيما في موضوع الأمومة في عمر مبكر. لا يتعلق العامل الذي يبرر عرض زمنَين متوازيَين بقرار «ناتالي بينيت» (ليلي راينهارت) المرتبط بالاحتفاظ بالطفل الذي تحمل به من صديقها «غيب» (داني راميرز) خلال ليلة تخرّجها من جامعة تكساس في أوستن، بل يتعامل صانعو العمل مع هذا الجانب من القصة بسرعة وبساطة.

بل تتمحور إحدى المسائل الأساسية في هذا الفيلم، الذي يمتد على ساعة و50 دقيقة، حول حقيقة حمل «ناتالي» على اعتبار أن «غيب» استعمل واقياً ذكرياً وقام بكل ما يلزم لتجنب هذه النتيجة. في الخط الزمني الأول، يكون اختبار الحمل سلبياً وتذهب «ناتالي» إلى لوس أنجلوس مع صديقتها المقرّبة «كارا» (آيشا دي) سعياً لتحقيق أحلامها في عالم الرسوم المتحركة في هوليوود. لكن في الخط الزمني الثاني، تكون نتيجة الاختبار إيجابية وتُخبِر «ناتالي» صديقها بحملها، فيتخذ هذا الأخير الموقف المناسب ويخبرها بأنه يحترم قرارها. ثم تقتنع «ناتالي» بأن ما أصابها هو قدرها وتقرر العودة إلى منزل والديها (لوك ويلسون وأندريا سافاج).

ثمة خلل واضح بين الخطَّين الزمنيَّين اللذين يمتدان على خمس سنوات ثم يتقاطعان بسلاسة: يحمل الخط الزمني في لوس أنجلوس طابعاً واقعياً، بينما تتخذ حبكة الأمومة منحىً خيالياً بدرجة معينة. تشق «ناتالي» طريقها في لوس أنجلوس وتصبح مساعِدة قدوتها «لوسي» (نيا لونغ)، رئيسة شركة إنتاج رسوم متحركة، ثم تبدأ بمواعدة زميلها الوسيم والأكبر سناً «جايك» (ديفيد كورينسويت الذي يشبه الممثل هنري كافيل إلى حد كبير)، لكنها تجد صعوبة في «إيجاد صوتها» في عالم الرسوم المتحركة، كما تقول لها «لوسي» صراحةً في أحد المشاهد. قد تبدو هذه الأحداث تفاؤلية أكثر من اللزوم، لكنها تحمل طابعاً مألوفاً يمكن رصده في طموحات الناس في شبابهم، وتُعرَض تفاصيل كافية حول وضع المساعدين في لوس أنجلوس.

في المقابل، يبدو الخط الزمني المرتبط بالحمل ركيكاً. لا يشمل سيناريو بروسير تفاصيل كثيرة عن شخصية «ناتالي» قبل الحمل. كل ما نعرفه هو أنها كانت فتاة مجتهدة ولديها خطة مفصّلة حول حياتها خلال السنوات الخمس اللاحقة، لكننا لن نعرف ما يدفعها إلى إنجاب طفل في عمر الثاني والعشرين. تشعر «ناتالي» الغارقة في عالم الأمومة بأنها وحيدة حين تراقب صفحات صديقاتها على «إنستغرام»، وتجد صعوبة في تحديد ما تريده، ولا يتسنى لها أن تترك فسحة للرسم الذي كان هدفها الأساسي. لكن يتجنب صانعو العمل التطرق إلى أي مسائل شائكة أو عملية: لن نشاهد أي نقاشات حقيقية حول وضعها المالي، أو إمكانية أن يستمر الود مع «غيب» حين يضطران لتربية الطفل معاً. ينشأ صراع مثمر مع «كارا»، وهو خلاف منطقي بالنسبة إلى صديقتَين كانتا مقربتَين سابقاً في مجالات مختلفة من الحياة، لكن سرعان ما ينتهي هذا الصدام باعتذار قصير وعابر.

مع ذلك، يسهل أن يستمتع المشاهدون بالفيلم. يستعمل المخرج ألواناً دافئة وموسيقى سلسة، ويقسم فصول القصة عبر شرائح متحركة تحمل عنوان كل فصل جديد. تتمتع الممثلة ليلي راينهارت بعينين واسعتَين وساطعتَين، ويحمل وجهها خصائص شخصيات الرسوم المتحركة: تتّضح نقطة قوتها هذه حين تطلب «لوسي» من «ناتالي» أن تفتعل تعابير وجه مشابهة لتلك الشخصيات خلال مقابلة العمل. بشكل عام، يتّسم أداء راينهارت بأعلى درجات الصدق والعفوية ويسهل تصديق الشخصية التي تقدمها على الشاشة، حتى لو تعثرت القصة المحيطة بها.

لكن لا يمنحها الفيلم المواد اللازمة لتقوية أدائها. لا داعي كي تصبح تجربة الأمومة عبئاً في الحياة، لكن تبرز الحاجة إلى إقامة توازن معيّن بين واجبات الأمومة والسعادة التي ترافق هذه التجربة، تزامناً مع الحفاظ على أجواء مرحة. لكن تحمل هذه القصة توازناً من نوع آخر، وتتراوح بين الراحة التي يشعر بها الفرد حين يدرك أن الحياة قد تتخذ مسارات مختلفة وتصل إلى نهاية إيجابية من جهة، وفراغ الأهداف التي ترتكز بكل بساطة على الأمنيات من جهة أخرى.