عون يحدّد أولويات الحكومة الجديدة لتصحيح الإعوجاج

جعجع يراها "حكومة من لون واحد" واختصاصييها "ديكوراً": السلطة في المريخ

02 : 00

مشهد حكومي متعثر، والازمة الحكومية لم تسلك طريقها الى الحل بعد، وقصر بعبدا مستعدّ لاستشارات التكليف بعد غد الاثنين.

وكان أعلن رئيس الجمهورية ميشال عون أن "أولويات الحكومة الجديدة ستكون تحقيق الإصلاحات الضرورية في مختلف القطاعات، واستكمال عملية مكافحة الفساد وتصحيح الاعوجاج والخلل في عمل إدارات الدولة ومؤسساتها".

وشدّد عون امام وفد من نقباء المهن الحرة، على "أهمية إعادة الثقة بالدولة ومؤسساتها"، داعياً إياهم "كل في مجاله إلى العمل لتحقيق هذا التوجه"، وأمل في أن "تتشكل الحكومة الجديدة في أسرع وقت ممكن لتبدأ في معالجة المشاكل التي تحتاج إلى عناية واهتمام سريعين، لا سيما منها عودة الثقة بين الدولة والمواطنين تعزيزاً للوحدة الوطنية التي تبقى الأساس في قيام الدولة من كبوتها".

جعجع

في هذا الوقت، لاحظ رئيس حزب "القوّات اللبنانيّة" سمير جعجع أن "الوضع الاقتصادي المعيشي في مكان، وقوى السلطة تتصرف وكأنها تعيش على المرّيخ"، واعتبر ان "سلوك السلطة الحاكمة كفيلٌ لوحده بإشعال اضخم الثورات من دون منّةٍ من أي سفارة أو أي جهة اخرى".

واعتبر جعجع، بعد اجتماع تكتل "الجمهوريّة القويّة"، أن "المحظور وقع، وأصبح لبنان في وسط عاصفة الانهيار المالي والاقتصادي، وذلك بعدما كانت بوادر ومؤشرات هذا الانهيار واضحة منذ فترةٍ طويلة، ولكن من دون ان تُبادر الأكثرية الوزارية الى اتخاذ أي خطوةٍ اصلاحية جدّية في الاتجاه الصحيح، لا بل أمعنت في سلوكها السابق مسرّعةً من عجلة الانهيار". وأكد أن "دخان الإطارات المشتعلة على الطرقات والشحتار الأسود الذي خلّفته الأيادي البيض للثوار والعمال والفقراء والمساكين، ما هو الا انعكاس لقلوب الطبقة الحاكمة السوداء ونفوسها الظلماء وآذانها الصمّاء". وقال: "لم تؤمن الناس بالثورة الا لأنها كفرت بالواقع القائم في ظل طبقةٍ حاكمة انتهازية مكابرة، تتحكّم بمفاصل النظام السياسي وبمقدرات البلاد وأعناق العباد من دون أي وازعٍ أخلاقي أو وطني، وفي ظل منظومة محاصصةٍ تأتي بالأكثر استزلاماً لا بالأكثر نزاهةً أو كفاءة أو استقامةً".

وقال: "نرى الوجوه ذاتها بالعقليات نفسها والسلوكيات إياها تطمر رؤوسها في الرمال وتتصرف وكأن شيئاً لم يكن: منذ اللحظة الأولى وجماعة السلطة تحاول الالتفاف والتذاكي على الناس. آخر هذه المحاولات تجري فصولها اليوم، إذ بعد خمسين يوماً على الانتفاضة الشعبية السلمية والمطالبة بحكومة إنقاذ، حكومة جديدة قولاً وفعلاً من خلال اخصّائيين مستقلّين، تحضّر جماعة السلطة لتركيب حكومة، أوّلاً قسم منها فقط أخصائيون، والباقي سياسيون، وثانياً حتّى أن الأخصّائيين فيها لن يكونوا مستقلّين بل مجرّد مستشارين تقنيين للمجموعة الحاكمة نفسها، بمعنى أنّ قرارهم الفعلي سيكون عند المجموعة نفسها التي كانت هي في أصل خراب البلاد".

وأضاف: "يتحدثون عن حكومة تكنو-سياسية وعن ممثلين للحراك في محاولةٍ لتقزيم المبادئ العامة للثورة ومطالبها الاقتصادية والمعيشية المُحقّة، وكأن مشكلة الثورة والحراك هي مشكلة حصص أو مشكلة تمثيل وزاري داخل السلطة أو مشكلة شراكة بين الثورة وبين من تثور عليهم. ومن يمكنه ان يدّعي تمثيل الثورة والنطق بإسمها اصلاً؟".

وشدد على أن "الحكومة التكنو- سياسية التي تطرحها قوى السلطة اليوم ما هي الا حكومة لون واحد، لأن الأخصائيين فيها هم مجرد "ديكور" للقوى السياسية ذاتها التي تعمل وفق خلفياتٍ سياسية ومصلحية وفئوية، والتي أفقدت لبنان ثقة الناس به داخلياً وخارجياً، فيما المطلوب اليوم حكومة تعمل وفق خلفيات علمية واقتصادية ووفق اسلوب جديد، يتميّز بالنزاهة والكفاءة والموضوعية والتجرد ويُعيد الى لبنان الثقة المفقودة".

وتابع: "المطلوب اليوم حكومة متخصصة، مستقلة بالكامل عن أطراف السلطة، يأتي الوزراء اليها لا ليعملوا بخلفياتٍ سياسية أو عقائدية أو مناطقية، وإنما بخلفياتٍ علمية موضوعية، ويأتون اليها لا لتعصف بها رياح التعطيل والمناكفات السياسية والحرتقات الانتخابية السابقة، وإنما لتعصف بها رياح التغيير من خلال افكارٍ نيّرة وخطواتٍ فعّالة وسلوكٍ شفاف، وخطط علمية مدروسة قابلة للتنفيذ سريعاً".

الكتائب

إلى ذلك، أعلن النائب نديم الجميل عدم مشاركته في استشارات التكليف، وكتب عبر "تويتر": "بعد المتابعة مع كل اللبنانيين منذ انطلاق الثورة، ومدى غياب وامتناع المسؤولين وعلى رأسهم رئيس الجمهورية عن الاستماع الحقيقي لمطالب وروحية الثورة، أتت مسرحية التحضير للاستشارات النيابية الملزمة. ‏لذا، لا جدوى من المشاركة بهذه الاستشارات. فلم أتعود البصم سلفاً على قرارات ومسرحيات". وحذّر رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل من أننا "أصبحنا في صلب الإنهيار الإقتصادي وحالات اليأس القاتلة تتكرر بوتيرة سريعة، في المقابل لا يزال أهل السلطة في عالم آخر، يتناتشون الحصص ويمتهنون سياسة عض الأصابع". وقال: "لا بتقشعوا! لا بتسمعوا! لا بتحسّوا! ولا بتشبعوا! الثورة قليلة فيكن! ".

"سيدة الجبل"

ورفض "لقاء سيدة الجبل" تمادي رئيس الجمهوريّة في انتهاكه للدستور بدلاً من الحفاظ عليه استناداً لقسمه، ووضع حدّ لكل من يحاول تجاهله، ممّا يفسح بالمجال ويعطي الحق لانتقاد فخامة الرئيس دستورياً وسياسياً وشعبياً. وطالب "اللقاء" المرجعيات المسيحيّة، الروحيّة والحزبيّة والسياسيّة، التمايز الصريح عن رئيس جمهورية لبنان. لقد دفع الموارنة كفايةً اثماناً باهظة بسبب أخطاء البعض منهم. ونرفض رفضاً قاطعاً الاستمرار في الشيء نفسه. ربما "حان الوقت" لمحاسبة سياسية مكشوفة للذين سببوا في الماضي ويتسببّون اليوم بهجرةٍ معنوية وجسدية.


MISS 3