روسيا تُعلّق العمل بمنشأة "فوردو" الإيرانيّة

الأوروبّيون يشكون طهران للأمم المتّحدة وترامب يُحذّرها من ردّ قوي

11 : 33

من الاحتجاجات الأخيرة التي هزّت إيران (أرشيف - أ ف ب)

في وقت تستعطف إيران دول الغرب لمفاوضات "5+1" جديدة مشروطة برفع العقوبات عنها رأفةً باقتصادها المتهالك، يجذب سلوكها المستفزّ اتهامات هذه الدول بمخالفة قرارات دوليّة متعلّقة ببرنامجها النووي، وبقتل واعتقال آلاف من شعبها، كما بتدبير مخطّطات معادية في الشرق الأوسط والعالم. وبعد انتهاك طهران المتكرّر لبنود الاتفاق النووي المبرَم العام 2015، تحرّكت الدول الأوروبّية الثلاث الموقّعة عليه، وشكتها لدى الأمم المتحدة، في حين استغلّت إسرائيل الظرف لتقديم مبادرة لتشكيل تحالف عسكري غربي - عربي بقيادة الولايات المتّحدة ضدّ عدوّها اللّدود الجمهوريّة الإسلاميّة، فيما كرّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب انتقاده لقمع طهران للتظاهرات الشعبيّة، واصفاً ذلك بأنّه "مروّع ووحشي"، ومؤكّداً وقوف واشنطن مع حقوق الشعب الإيراني. وقال خلال اجتماع مع ديبلوماسيين من الأمم المتّحدة في البيت الأبيض: "إنّهم يقتلون العديد من الأشخاص ويعتقلون الآلاف من مواطنيهم في قمع وحشي". وأضاف أنّه "وضع مروّع"، محذّراً من أن أي تهديد من إيران "سيتمّ الردّ عليه بشكل قوي جدّاً".

واتّهمت بريطانيا وألمانيا وفرنسا، إيران، بالمضيّ قدماً في تطوير صواريخ قادرة على حمل رؤوس نوويّة، في مخالفة لقرار من مجلس الأمن يُطالبها بالكف عن مثل هذه الأنشطة. وحضّت الدول الأوروبّية الثلاث في رسالة مشتركة وزّعها مندوبوها لدى الأمم المتّحدة أمس الأوّل، الأمين العام للمنظّمة الدوليّة أنطونيو غوتيريش، على إبلاغ مجلس الأمن في تقريره المقبل بأنّ أنشطة طهران الصاروخيّة الباليستيّة لا تتماشى مع القرار الصادر من المجلس في 20 تموز 2015 دعماً للاتفاق النووي. وتُشير الرسالة إلى لقطات نُشرت على الإنترنت في 22 نيسان الماضي، تُظهر اختبار صاروخ "شهاب 3" متوسّط المدى، الذي "يُعدّ قادراً من الناحية التقنية على حمل رأس نووي".

كما طرحت الدول الأوروبّية ثلاث حالات أخرى لـ"الأنشطة الإيرانيّة المتنافية" مع قرار مجلس الأمن: الأولى، إطلاق صاروخ باليستي متوسّط المدى من طراز "بركان 3"، أعلنت عنه جماعة الحوثيين اليمنيّة المدعومة من طهران في 2 آب 2019، وهو يُعدّ نسخة معدّلة من صاروخ "قيام 1" الإيراني. الثانية، إطلاق صاروخ باليستي حلّق لمسافة تتجاوز ألف كيلومتر في 24 تموز 2019، مع ورود تقارير إعلاميّة أفادت بأنّ الحادث كان اختباراً لصاروخ "شهاب 3". والثالثة، محاولة فاشلة لإطلاق صاروخ من طراز "سفير" يحمل قمراً اصطناعيّاً في 29 آب 2019، وخلص الخبراء الأمميّون إلى أن التكنولوجيّات المستخدمة فيه تشبه بكثير ما في الصواريخ الباليستيّة.

وجدّدت قناعتها الثابتة بأنّ مضيّ إيران قدماً في تطوير مثل هذه الصواريخ والتكنولوجيات المتعلّقة بها لا يتماشى مع التزام القرار الأممي، داعيةً إيّاها إلى "الامتناع عن ممارسة أي أنشطة تتعلّق بصواريخ تُعدّ قادرة على حمل رؤوس نوويّة"، بينما انتقد وزير الخارجيّة الإيراني محمد جواد ظريف الرسالة الأوروبّية، واصفاً إيّاها بـ"الكاذبة واليائسة"، معتبراً أنّه إذا أرادت الدول الثلاث قدراً كبيراً من الصدقيّة العالميّة، فيُمكنها الشروع بممارسة السيادة، "بدلاً من الركوع إلى البلطجة الأميركيّة".

واستغلّت إسرائيل هذا الاتهام الأوروبي لتقديم مبادرة لتشكيل تحالف عسكري غربي - عربي بقيادة واشنطن ضدّ إيران، طرَحها وزير خارجيّتها يسرائيل كاتس في تغريدة نشرها أمس عبر حسابه على "تويتر"، وذلك "بغية ردع العدوان الإيراني" وسط "هذه اللحظات الحرجة". وأكد كاتس في بيان أصدره لاحقاً أنه أوعز لمكتبه بإعداد لائحة بكافة الانتهاكات الإيرانيّة للاتفاق النووي، لطرحها خلال الجلسة السنويّة التي سيعقدها مجلس الأمن في 19 كانون الأوّل الجاري، للبحث في تطبيق قراره المتعلّق بالاتفاق النووي.

تزامناً، أعلنت شركة الوقود النووي الروسيّة التابعة للدولة أنّها علّقت العمل في تجديد أحد المواقع في منشأة "فوردو" النوويّة الإيرانيّة. وأوضحت شركة "تي في إي إل"، التي تصنع مكوّنات الوقود النووي في بيان، أن قرار إيران استئناف تخصيب اليورانيوم في منشأة "فوردو" يجعل من المستحيل تحويل المنشأة لإنتاج نظائر مشعّة للأغراض الطبّية.

وفي وقت تسعى الدول الأوروبّية إلى معاقبة إيران، حاذيةً حذو الولايات المتحدة، ولو متأخّرة، انتقلت الإدارة الأميركيّة إلى مرحلة أخرى أعلنها الموفد الأميركي الخاص للشؤون الإيرانيّة براين هوك، وتتمثل بعرض مكافأة ماليّة بقيمة 15 مليون دولار لقاء معلومات عن مسؤول في "الحرس الثوري" الإيراني موجود في اليمن ويُدعى عبد الرضا شهلات، متّهم بالتورّط في محاولة اغتيال وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجيّة عادل الجبير، ومخطّطات أخرى ضدّ واشنطن والمنطقة، من بينها نقل أسلحة للمتمرّدين الحوثيين.

وقال هوك خلال مؤتمر صحافي في واشنطن أمس: "صادرنا سفينة إيرانيّة محمّلة بشحنات صواريخ مضادة للسفن متّجهة إلى اليمن" في بحر العرب، "تُعتبر الأكثر تطوّراً". وحضّ إيران على أن "توقف التدخّل في اليمن وتستمع لشعبها"، الذي تظاهر بالآلاف خلال أسبوعَيْن. وكشف هوك أنّ لدى الولايات المتّحدة تقارير تُشير إلى أنّ "النظام الإيراني قَتَلَ أكثر من ألف شخص في التظاهرات الأخيرة"، واعتقل حوالى 7 آلاف محتجّ نُقِلوا إلى سجنَيْن. وأضاف أن "الشعب الإيراني تظاهر ضدّ نظامه مطالباً بوقف المغامرات الطائفيّة".

وترفض إيران الاعتراف بالحصيلة الفعليّة للقتلى، لكنّ مرشدها الأعلى علي خامنئي وافق أمس على تصنيف بعض الضحايا الذين "لم يكن لهم دور" في الاضطرابات بأنّهم "شهداء"، ما يعني فتح المجال أمام تقديم تعويضات وإعانات ماليّة لأسرهم وأبنائهم، إضافةً إلى تسهيلات لحصول هؤلاء على عمل أو دخولهم الجامعات. وبحسب ما أفاد الموقع الرسمي لخامنئي، قدّم أمين المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني، بطلب من المرشد الأعلى، تقريراً يهدف إلى الإضاءة على "أسباب الاضطرابات" وتحديد هويّات القتلى وظروف موتهم.


MISS 3