أفصلوا الرواتب عن الودائع

00 : 38

كان من المنتظر أن تتعامل المصارف مع الأزمة النقدية بحكمة أوسع. فالباع الطويلة في إدارة أنجح القطاعات الاقتصادية وتكبير حجمه إلى 3 مرات حجم الإقتصاد الوطني نجح في أيام الرخاء، لكنه لم يصمد لأيام مع اندلاع الأزمة. فمشّطت المصارف التعامل مع المودعين بالأداة نفسها، متناسيةً أنّ ما نسبته 1.1 في المئة من الودائع تستحوذ على 120 مليار دولار، في حين أنّ السواد الاعظم من المواطنين هم من محدودي الدخل الذين يعتاشون بشكل مباشر من حساباتهم المصرفية، سواء كانت ودائع صغيرة أم عبارة عن رواتب "موطّنة".

الحالات الإنسانية تزداد مأسوية يوماً بعد آخر. وما محاولة الموظف الذي عجز عن الحصول على أكثر من 500 ألف ليرة من راتبه، المحسوم منه أساساً 50 في المئة، إحراق نفسه في المصرف، إلا دليل على تعمّق الأزمة وعدم جدوى إدارتها بالعصي نفسها. حرمان صغار المودعين من استخدام أرصدتهم بحرية تامة لن يؤثر مطلقاً على حجم السيولة في البلد. وتقسيط رواتب الموظفين بمئتي دولار أسبوعياً لا يحمي القطاع المصرفي من الإنهيار، بل بالعكس، ان السير بهذه الإجراءات يزيد طين الانهيار الإقتصادي والإجتماعي بلّة، وسيدفع في القريب العاجل إلى ما لا تحمد عقباه من ردات فعل عنيفة.

تحرير الرواتب من سجن الخزائن المصرفية وتشجيع صغار المودعين على استعمال ودائعهم بحرية يساهمان بتنشيط الإقتصاد ويكسران الجمود في الأسواق، والأهم أنهما يعيدان بعض الثقة بالقطاع المصرفي ويحدّان بنسبة كبيرة من ارتفاع الديون المتعثرة وعدم قدرة المواطنين والشركات على دفع ما يتوجب عليهم من ديون.


MISS 3