"بدعة" تعيين قاضٍ رديف تشعل المواقف... وتلويح بطلبات ردّ وتنحٍّ:

دفن للعدالة بقرارٍ باطل يؤدي إلى تطيير التحقيق وتهريب المدّعى عليهم

02 : 00

مرفأ بيروت بعد الإنفجار

الخطوة القضائية «غير القانونية» والقاضية بتعيين محقق عدلي رديف في ملف انفجار مرفأ بيروت، يتولّى مهمة البتّ بإخلاء سبيل الموقوفين في القضية، إلى حين عودة المحقق العدلي الأصيل طارق البيطار إلى ممارسة مهامه المجمّدة منذ تسعة أشهر، ظلت أصداؤها تتردّد في الأروقة القضائية والسياسية وفي صفوف أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت، وقد أشعلت المواقف الرافضة تعيين قاضٍ رديف على اعتبار أن هذا التعيين ضربة قاضية لدور البيطار واستهداف للعدالة.

نواب التغيير

وفي هذا السياق، اعتبر تكتل نواب قوى التغيير أن «وزير العدل في لبنان، الغائب منذ تعيينه عن شؤون العدالة والقضاء، يرتكب - بالاشتراك مع مجلس القضاء الأعلى - عملية استهداف للعدالة في قضية جريمة العصر، بفبركة «إخراج» غير قانوني يتّسم بمخالفات فادحة الجسامة لتعيين «محقّق عدلي جديد بصلاحيات استثنائية مُبتكرة» كضربة قاضية لدور المحقّق العدلي الحالي طارق البيطار!».

وقالوا في بيان إنه «كان الأجدر مثلاً توقيع مرسوم تشكيل الهيئة العامة لمحكمة التمييز من وزير المالية وذلك كان كافياً لإعادة تفعيل القضية وغيرها من الأمور العالقة!» وأضافوا: «يبدو أنّ أهل العدالة أنفسهم، فضّلوا أنْ يختاروا الوسائل غير القانونية السُرِيالية «لحسن سير العمل القضائي وإحقاقاً للحقّ»- وفاقاً لأقوالهم - فاغتالوا العدالة بأيديهم وقدّموها قرابين على مذبح الإرادات السياسية المُلتوية الشتّى، فراكموا اليقين فوق اليقين أنّ القضاء لا يزال تحت رحمة السياسيين!».

وإذ سأل النواب «أهكذا يُعاد مسار العدالة في هذه القضية، يا أصحاب الضمائر الميتة؟!»، ختموا: «اليوم، ربما دفنتم العدالة في جريمة 4 آب، وهي حيّة، بقرارٍ باطلٍ ومنعدم الوجود! لكنّنا غداً، بالتأكيد، سنتصدّى له ولكم بكلّ الوسائل!».

معوض

واعتبر النائب ميشال معوض أن «‏موافقة مجلس القضاء الأعلى على تعيين بديل عن المحقق العدلي طارق البيطار لبتّ الطلبات الطارئة والضرورية في قضية تفجير مرفأ بيروت ‬ومن بينها إطلاق سراح بعض الموقوفين تأتي نتيجة ضغط فاجر من المنظومة الفاسدة والمجرمة لتطيير التحقيق وإلغاء العدالة وتدمير ما تبقّى من استقلالية القضاء».

«إئتلاف استقلال القضاء»


واعتبر «ائتلاف استقلال القضاء» في بيان أن قرار تعيين قاضٍ رديف «يشكل اعتداء سافراً من السلطة التنفيذية على استقلالية المحقق العدلي وهو غير قانوني «طالما أنه يؤدي إلى نقل الملف القضائي من قاضٍ إلى آخر من دون موافقة القاضي الأول على ذلك، وهذا الأمر يتعارض مع كلّ المبادئ الدولية التي لا تسمح بعزل قاضٍ عن النظر في ملف قضائي إلا من خلال الآليات المحدّدة في القانون وهي الآليات التي عمدت القوى السياسية إلى تعطيلها، من خلال تعطيل مرسوم التشكيلات القضائية ومعه الهيئة العامة لمحكمة التمييز الناظرة في طلبات متصلة بالمرفأ كما سبق بيانه».

وأضاف البيان: «فنحن هنا أمام تدخل مباشر من وزير العدل للتأثير على وجهة القرار في ملف قضائي معيّن وبتغطية من مجلس القضاء الأعلى المعين في الغالبية الكبرى لأعضائه من القوى السياسية وفق قاعدة المحاصصة. ولا يردّ على ذلك بوجود سابقة 2006، لأسباب عدّة أهمها أنّ تعيين قاضٍ رديف محل القاضي الأصيل تمّ آنذاك بموافقته وبرضاه، ولتغيّبه في إجازة إرادية خارج الأراضي اللبنانية، في حين أن التعيين الحالي يتم خلافاً لإرادة القاضي الأصيل الموجود على الأراضي اللبنانية والممنوع عن العمل قسراً تبعاً لتعطيل الهيئة العامة لمحكمة التمييز بقرار سياسي غير قانوني أساسه استغلال النفوذ لضرب العدالة.

وما يزيد من عدم قانونية القرار هو أنه ليس مبرراً بالضرورة ولا محصوراً بمعاملة معينة أو أجل معين. فقد وضع الوزير ضمن الحالات التي بإمكان القاضي البديل النظر فيها «طلبات إخلاء السبيل» و»الدفوع الشكلية» فضلاً عن أي أمور ملحّة أخرى، علماً أنه ليس بإمكان أحد تخيّل وجود ضرورة في بتّ دفوع شكلية في قضية تم كفّ يد القاضي فيها. ومؤدّى ذلك ليس فقط تمكين الموقوفين من تقديم طلبات إخلاء سبيل، إنما أيضاً وربما بالأخص تمكين المدّعى عليهم غير الموقوفين وبعضهم فارّ من العدالة (وفي مقدمهم الوزراء المدعى عليهم) من تقديم شتى الدفوع الشكلية ومنها دفع الحصانة لإنهاء الادعاء ضدهم والتفلّت تماماً من المحاكمة وكسر مذكرات التوقيف الصادرة بحقهم، كل ذلك تحت غطاء أن بعض الموقوفين ساءت أحوالهم الصحية بشهادة وزير العدل ومن دون أي دليل».

وتابع البيان: «أنه يؤدي إلى فتح زاروب لتهريب المدعى عليهم والمشتبه فيهم من العدالة مقابل التطبيع مع تعليق التحقيق بالكامل. من البيّن أن كتاب الوزير يمهّد لارتكاب اعتداء جديد على حقوق ضحايا المرفأ وذويهم بالعدالة وحق المجتمع بالحقيقة، بعد ممارسات عدوانية شرسة ضد المحقق العدلي انتهت إلى تعطيل التحقيق بشكل كامل. وعليه، مؤدّى القرار في حال تفعيله، فتح زاروب يمكن القوى السياسية من تهريب المدعى عليهم المحسوبين عليها وضمناً غير الموقوفين منهم، من العدالة، مقابل التطبيع مع فكرة منع القاضي من العمل في إحدى أكبر الجرائم المرتكبة في لبنان.

وما يزيد من خطورة الأمر أن القاضي الرديف الذي يعين في هذه الظروف سيكون بإمكانه تسريب معطيات سرية في الملف، مع ما يشكّله ذلك من خطر على سلامة التحقيق برمته. إنه يعرّي الانحطاط في أداء السلطات العامة في لبنان».

واعتبر «ائتلاف استقلال القضاء» أن القرار يميط اللثام مرة أخرى «عن الدرك الذي وصل إليه أداء السلطات العامة المسخرة لخدمة مصالح شخصية وفئوية بما يناقض المصلحة العامة ويقوّض حظوظ اللبنانيين بالعدالة. فوزير العدل الذي يفترض أنه مؤتمن على حسن سير العدالة، استباح القضاء بكتاب مفخخ ومفعم بسوء النية، مؤداه فرض تأويلات مخالفة تماماً لمعايير استقلال القضاء وتهريب المدّعى عليهم الفارين من العدالة، كل ذلك من دون أن يقوم بأي جهد حقيقي لإعادة التحقيق إلى سكّته.

والنواب الذين يفترض أنهم يمثلون الأمة، واصلوا سعيهم إلى تقزيم قضية المرفأ وآلاف الضحايا والعاصمة المدمرة في اتجاه اختزالها بقضية مشتبه فيه محسوب عليهم. ولم يجدوا حرجاً في اقتحام مجلس القضاء الأعلى لإملاء مطالبهم في عدوان فئوي سافر عليه. ومجلس القضاء الأعلى الذي يفترض أنه يسهر على استقلال القضاء وحسن سير العدالة، ها هو يذعن لمطالب القوى السياسية من دون مقاومة تذكر.

هذا فضلاً عن عدم إمكانية استبعاد أن يكون هذا القرار جزءاً من تسوية سياسية مؤداها تكريس نظام اللاعدالة».

ودعا القضاة المستقلين «الى حماية المرجعية القضائية واستقلاليتها تعويضاً عن سقوط مجلس القضاء الأعلى في أداء هذه الوظيفة، وذلك انتصاراً لاستقلال القضاء واعتراضاً على استباحته، ونحن ندعو في الوقت نفسه أي قاض يتم تعيينه بالطريقة المذكورة إلى رفض هذه المهمة احتراماً لقسمه، والتحقيق الفوري في دور وزير العدل والنواب في التأثير في قرار مجلس القضاء الأعلى، تمهيداً لإجراء المقتضى، علماً أن محاسبة وزير العدل على تعرضه للقضاء باتت أمراً مستحقاً سيبادر ائتلاف استقلال القضاء إلى اتخاذ الخطوات اللازمة من أجله، والتضامن الكلي مع الضحايا وذويهم ضد كل محاولات تقزيم قضيتهم ووأدها».

«متحدون»


وسأل تحالف «متحدون» في بيان: «هل ان طلب وزير العدل «تعيين محقق عدلي آخر بصلاحيات استثنائية مبتدعة» يخدم تطبيق القانون وحسن سير العدالة في جريمة بهذا الحجم وفي بلد يرزح تحت نير ظلم متعدد الأشكال متمادٍ ومتفاقم بسبب غياب حكم القانون والعدالة؟». وأكد أنه «مهما كانت الملاحظات لدينا على عمل المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، فإنه من غير الجائز لوزير العدل الذي يبدو أنه نسي أو تناسى ما يعنيه العدل كقاضٍ، وقد شهدنا استنكافه عن إحقاق الحق والثابت في أكثر من مناسبة ليس آخرها التنكر لحقوق المودعين، أن يقضي بهذا الشكل على ما تبقّى من عدل مرتجى!».

كما سأل التحالف «إلى متى يستمرّ تقويض حكم القانون وضرب القضاء حد «الضرب بالميت» ومن أهل القضاء نفسه لا بل من «القيّمين عليه»؟ وهل يجوز تقويض حكم القانون نتيجة لأخذ الناس رهائن، أساساً؟ إلى متى يبقى القضاء واضعاً نفسه «غب الطلب» لمنظومة الحكم في لبنان بدل أن يتصرف كسلطة مستقلة لا يقوم من دونها وطن وتقرر بحق باسم الشعب اللبناني؟».

وأعلن التحالف أنه «مع تفهمنا حقوق ومطالب الموقوفين في قضية انفجار المرفأ وكل متضرر، فإن الحل الأنجع والأجدى يكون بإعادة تشكيل «الهيئة العامة لمحكمة التمييز» عبر إنجاز المرسوم ذي الصلة، الأمر كفيل بمعالجة القضايا العالقة. ».

وأضاف:» لقد كفانا تعطيلاً للقضاء وتدميراً لما تبقى من مؤسسات، فلسنا من دعاة وضع أي معوقات أمام عمل القضاء، إلا أن قراراً كهذا لا يمتّ إلى عمل القضاء وفق الأصول وسيواجهه محامو التحالف أصحاب الصفة بكل حزم».

«روّاد العدالة»


وأوضحت مجموعة «روّاد العدالة» في بيان أن «الدائرة القانونية إذ تنظر بعين الريبة والخجل الى هذه الخطوة غير المسؤولة ترى أنَّ تعيين محقق عدلي رديف ليقوم بأعمال قضائية ولو طارئة - وأياً تكن ماهيتها ونوعها- في ظل وجود محقق عدلي أصيل، كمن يعيّن قاضيين للنظر في الملف الواحد وهو يشبه إلى حد كبير وجود إلهين للكون الواحد قد تختلف مواقفهما في الواقع حيال ذات الأمر الواحد، وهو ما لا يستقيم منطقاً وقانوناً وشكلاً وموضوعاً».

ولفتت الى أن «القانون الناظم لأصول الإجراءات الجزائية لم يجز إطلاقاً تعيين رديف للمحقق العدلي، كما فعل بالنسبة لأعضاء المجلس العدلي في المادة 357 منه، إذ نصَّ المشترع صراحةً في المادة 360 على تعيين محقق عدلي واحد لا أكثر ولا يوجد في ذلك القانون أي إشارة على إمكان تعيين محقق رديف وذلكَ لغاية جديرة أراد المشترع الاستمرار بالحفاظ عليها من قِبَل محقق واحد وهي سرية التحقيق، بحيثُ إنَّ تعيين محقق عدلي إضافي رديف للبتّ المزعوم بـ»الطلبات الطارئة» يعني ما يعنيه إمكان إطّلاعه حُكماً على ملف ومحضر ضبط التحقيق، في الوقت الذي تشدّد فيه المشترع بحماية تلك السرية المحظّر قانوناً إفشاؤها».

ورأت أن «المشترع الإجرائي قد تشدَّد كثيراً في الأصول الخاصة بتعيين المحقق العدلي، ولم يجز تعيين رديف له حتّى في الحالة التي (يتعذّر) فيها عليه إصدار مذكرة إلقاء القبض بحق المتهم، معطياً هذه الصلاحية حينها حصراً واستثناءً وفقط عند بدء المحاكمة لرئيس المجلس العدلي».

وأكدت أن «تعيين محقق عدلي رديف، لا يعني، بأي حالٍ من الأحوال، حق هذا الأخير في اتخاذ قرارات طارئة يتم تدوينها على محضر التحقيق، ذلك انَّ الردافة لا يمكن أن تجد مجالاً لتطبيقها في ظل وجود الأصالة...» وأهابت أخيراً بالمجلس الأعلى للقضاء «أن يبقى عالياً سامياً محلّقاً بهيبته في سماء العدالة، لا أن يجعل من نفسه أسيراً لزعامات سياسية لا مسؤولة بائسة زائلة».


MISS 3