حدائق دْجِبّة التونسية المعلّقة تصارع شحّ المياه

02 : 00

تنتشر في بلدة دْجِبَّة الجبليّة على ارتفاع 700 متر عن سطح البحر بشمال غرب تونس، آلاف أشجار التين في "حدائق معلّقة" مدرجة ضمن "نظم التراث الزراعي ذي الأهمية العالمية" وتعدّ نموذجاً قادراً على الصمود في ظل شحّ المياه الذي تعانيه البلاد والمنطقة.

شهد تموز الفائت أعلى حرارة في تونس منذ 1950، ولم تتجاوز نسبة امتلاء سدود البلاد 34 بالمئة في نهاية آب المنصرم. تحافظ دْجِبَّة على خضرتها رغم تضاؤل سقوط الأمطار وارتفاع الحرارة بفضل نظامها الزراعي الفريد.

في أعلى الجبل حيث يقام "مهرجان التين" السنوي، تعلو أشجار التين والسفرجل والزيتون والرمان التي تُزرع تحتها مجموعة واسعة من الخضروات والبقوليات. وتُسقى الحدائق بالماء الذي يتدفّق من منابع في أعلى الجبل إلى قنوات تقليدية تمتدّ عبر المزارع، ويتداول المزارعون الريّ عبر فتح القنوات وغلقها لساعات محدّدة بموجب نظام تقاسُم يقوم على حجم كل حديقة وعدد أشجارها.

وتتوزّع في المنحدرات "الحدائق المعلّقة" المثبّتة بمدرجات تشكّلت طبيعياً أو بناها المزارعون من الأحجار الجافة فاصلةً بين الحدائق وتعدّ مثالاً على الزراعة الحرجية المبتكرة، ويتطلّب إنشاؤها جهداً كبيراً لترويض الطبيعة القاسية بسبب التضاريس غير المستوية والتربة الصخرية غير العميقة. تتضمّن الحدائق نبعَي ماء في أعلى الجبل يفصل بينهما مجرى يحمل الأمطار شتاءً بين الحدائق وصولاً إلى بحيرة جبليّة لريّ نحو 25 ألف شجرة تين على امتداد مساحة تناهز الـ900 هكتار.

ويهدّد شحّ المياه الحدائق الواقعة أسفل المرتفعات فبدت أغصان بعض أشجارها مصفرّة، علماً أن دْجِبَّة تنتج كمياتٍ وافرة من التين تُصدّر إلى الخليج وقطر والسعودية وعُمان فضلاً عن ليبيا المجاورة خصوصاً صنف "البوحولي" البنفسجي المخطّط بالأخضر بمردودٍ أعلى وهو يثمر مرّتين بين حزيران ومنتصف أيلول.