أمين عيسى

مساحة حرة

السلطة والثورة... الطلاق نهائي

13 كانون الأول 2019

02 : 00

من التحركات في ساحة الشهداء (رمزي الحاج)

عندما طالب رئيس الجمهورية ما أسماه "الحراك" بانتداب ممثّلين عنه لطرح مطالبهم، تأكّد أنّ بين السلطة والمواطنين استحالة لإجراء حوار، ليس لعدم رغبة هؤلاء إنّما لكون الطرفين ينطقان لغتين مختلفتين يعجز معهما أيّ "ترجمان" على القيام بمهامه.

يتحدّث الرئيس عن "مطالب" لـ"حراك" كأنّ السائل هو فئة أو طبقة تطلب تعديل قانون أو إصدار مرسوم أو تحفيزاً أو منحة، أما الواقع فهو "مطلب" واحد طُرح منذ أول يوم "الانتفاضة الجامعة لكل المواطنين وليس لفئة، وهو تغيير النظام من خلال حكومة مستقلة عن "الأحزاب-الطوائف" التي أرهقت البلاد".وعن كلمة "نظام"، هنا تأكيد آخر على النطق بلغتين مختلفتين.




فعندما يتحدّث المنتفضون عن إسقاط النظام، يفهم رئيس الجمهوريّة أنّ عهده هو المستهدف بينما يقصد المواطنون النظام الطائفي الذي يمثّله الرئيس بموقعه على رأس الهرم. وبدوره يشعر رئيس مجلس النوّاب بالاستهداف في حين أنّ نظام الزبائنية المتجذّر في المجلس النيابي هو الهدف. وكذلك الأمر بالنسبة لرئيس الحكومة الذي يعتبر أنّ موقفه هو المقصود بينما يعني المنتفضون حكومة المحاصصة.

وأيضاً السيّد حسن نصرالله يرى أنّ المقاومة في مرمى الاتهام بينما النظام والفساد المستشري هما من في قفص الاتهام.

أما "القوات اللبنانية" و"الحزب التقدمي الاشتراكي"، وعلى عكس الآخرين، فبمجرد تأييدهما للانتفاضة يعتقدان بأنّهما استحصلا على براءة ذمة، في حين أنّ المنتفضين يعتبرونهما شريكين متضامنين ومتكافلين مع بقية الأفرقاء في نظام الزبائنيّة والمحاصصة والفساد.نحن أمام معضلة؛ كوكبان لا يلتقيان ولكن هنا قمّة الإيجابية لأنهّ منذ 17 تشرين وصاعداً ومهما كانت الصعوبات ومهما طال الزمن، لا مجال للتفاوض على تسويات إنّما هناك تراجع لفريق وتقدّم لآخر حتى إنجاز الطلاق النهائي بينهما، وسيستولي المواطنون على "المؤخّر" على الرغم من أنّهم هم من بادروا الى طلب الطلاق. هذا ليس ضرباً بالرمل أو أمنية، فعندما تصل الأمور في أيّ مجتمع إلى هذا المستوى من التناقض في المبادئ والأخلاقيّات والسلوكيّات لا بدّ من الإنفصال النهائي، ومن سقوط مَنْ أصبح خارج الواقع والتاريخ.



*منسّق الإدارة السياسيّة في "الكتلة الوطنيّة"


MISS 3