ماكرون لرئيسي: كرة "النووي" في ملعبكم

"ثورة نسائية" ضد النظام الإيراني وتنديد دولي بالقمع "الممنهج"

02 : 00

خلال لقاء رئيسي وماكرون في نيويورك أمس (أ ف ب)

ككرة الثلج تتدحرج حالة الغضب الشعبي وتكبر منذ وفاة الفتاة الإيرانية مهسا أميني بعد احتجازها لدى "شرطة الأخلاق" لارتدائها الحجاب بشكل "غير لائق"، فتفجّرت "ثورة نسائية" ضدّ نظام الجمهورية الإسلامية في شوارع مدن إيرانية عدّة، حيث خرج آلاف المحتجّين خصوصاً من النساء اللواتي ظهرنَ في مقاطع فيديو وهنَّ يخلعنَ حجابهنَّ ويحرقنه.

وشهد إقليم كردستان التحرّكات الأعنف، إذ قُتِل 3 أشخاص خلال التظاهرات الصاخبة والعنيفة التي دعا خلالها المحتجّون إلى إسقاط النظام وسط هتافات ضدّ قيادات البلاد، في وقت يُحاول فيه النظام تهدئة الغضب الشعبي المتصاعد، إذ قام ممثل المرشد الأعلى علي خامنئي في محافظة كردستان، عبد الرضا بورزهبي بزيارة إلى منزل عائلة أميني الإثنين، استغرقت ساعتَين.

ووسط الجدل المتزايد في إيران حول سلوك "شرطة الأخلاق" المعروفة رسميّاً باسم "غاشت اي إرشاد" أو "دوريات الإرشاد"، رأى رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف أنه يجب التحقيق في سلوك هذه الشرطة ومراجعة أساليبها لتجنّب تكرار ما حدث مع أميني.

وفيما تهزّ الاحتجاجات طهران وعدداً من المحافظات الأخرى، رفع نواب في البرلمان أصواتهم، وقال النائب جلال رشيدي كوشي لوكالة أنباء "إسنا" الإيرانية إن هذه الشرطة "لا تُحقّق أي نتيجة سوى إلحاق الضرر بالبلاد"، معتبراً أن "المشكلة الرئيسية تكمن في أن بعض الأشخاص لا يُريدون رؤية الحقيقة". وتساءل: "هل يستعيد الأشخاص الذين تقودهم شرطة التوجيه هذه إلى جلسات توعية إدراكهم ويتوبون عندما يخرجون؟".

وفي موقف أكثر تشدّداً، أعلن برلماني آخر عن نيّته اقتراح الإلغاء الكامل لهذه القوة. وقال معين الدين سعيدي لوكالة أنباء "إيلنا": "أعتقد أنه بسبب عدم فعالية هذه الوحدة في نقل ثقافة الحجاب يجب إلغاؤها حتّى لا يشعر أبناء هذا البلد بالخوف عندما يُصادفون هذه القوة".

ميدانيّاً، تجدّدت التظاهرات في معظم الجامعات الإيرانية، لا سيّما في العاصمة طهران. فقد اندلعت مواجهات أمس بين طلبة جامعة العلوم والصناعة وعناصر الباسيج، في حين خرجت تظاهرات في الجامعة الطبية في مدينة تبريز، عاصمة أذربيجان الشرقية، وجامعة يزد وسط إيران وغيرها من الجامعات حيث يزداد الغضب زخماً يوماً بعد يوم منذ مقتل أميني.

وردّد المتظاهرون شعارات "الموت للديكتاتور" و"المرأة، الحياة، الحرّية"، بينما كان بعض المحتجين يضرمون النيران ويُحاولون قلب سيارات الشرطة في مدن عدّة، وسط مواجهات عنيفة مع قوّات الأمن وعناصر الباسيج الذين يقمعون المتظاهرين بالهراوات ومدافع المياه وحتّى يُطلقون الأعيرة النارية في اتجاههم.

كما تتوالى ردود الفعل الدولية إزاء وفاة مهسا، إذ دعا وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن الحكومة الإيرانية إلى إنهاء "الاضطهاد الممنهج" ضدّ النساء وطالب السلطات بالسماح بحرّية الاحتجاج السلمي، في حين قال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان: "ليس من المستغرب بالنسبة إلينا أن نرى أشخاصاً من مختلف مشارب الحياة يخرجون في إيران للاعتراض بشدّة على ذلك، ويقولون إن هذا ليس نوع المجتمع الذي يُريدون العيش فيه".

وتصاعد القلق الدولي حيال ما وصفه ناشطون بحملة أمنية دموية في إيران ضدّ المتظاهرين. وذكرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن شهادات شهود وتسجيلات مصوّرة تداولتها وسائل التواصل الاجتماعي "تُشير إلى أن السلطات تستخدم الغاز المسيّل للدموع لتفريق المحتجّين واستخدمت على ما يبدو عنفاً قاتلاً في محافظة كردستان".

وفي جنيف، أعربت المفوّضة الأممية السامية لحقوق الإنسان بالإنابة ندى الناشف عن قلقها حيال وفاة أميني و"ردّ قوات الأمن العنيف على المتظاهرين"، مشيرةً إلى وجوب فتح تحقيق مستقلّ في "وفاة مهسا أميني المأسوية وفي الاتهامات بالتعذيب وسوء المعاملة".

وإذ شدّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال لقائه نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس على "احترام حقوق النساء" في إيران، اعتبر ماكرون أن "الكرة الآن في ملعب طهران" لإحياء الاتفاق النووي، فيما أبدى البيت الأبيض تشاؤماً في شأن حدوث انفراجة في الاتفاق خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وبعد اجتماعه مع رئيسي في نيويورك، وهو الاجتماع الأوّل المباشر الذي يعقده الرئيس الإيراني مع زعيم غربي منذ انتخابه العام الماضي، تمسّك ماكرون بـ"ضرورة أن تكون الوكالة الدولية للطاقة الذرية قادرة على القيام بعملها باستقلالية كاملة"، في إشارة إلى تحقيق الوكالة الدولية حول آثار لليورانيوم المخصب رُصدت في 3 مواقع غير مُعلن عنها في إيران.

وأوضح الرئيس الفرنسي أنه قدّم له "الإطار الواضح" لاتفاق "يُمكن للوكالة الدولية للطاقة الذرية التحقق منه ويُحافظ على أمن المنطقة، أي جميع دول الجوار" وعلى وجه الخصوص "دول الخليج وإسرائيل"، مؤكداً أنّه "لا يُمكننا اللعب بالثقة والأمن".

وبينما كشف سوليفان أن الرئيس الأميركي جو بايدن سيُكرّر التأكيد على أن "الولايات المتحدة مستعدّة لامتثال الجانبين للاتفاق، وإذا كانت إيران مستعدّة لأن تكون جادة في الوفاء بالتزاماتها وقبول تلك الصيغة، فيُمكن التوصل إلى اتفاق"، قلّل منسّق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل من شأن توقعات حدوث انفراجة في الاتفاق النووي في الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الحالي، مشيراً إلى أنه لا يعتقد أن اللقاء مع رئيسي "سيكون مثمراً".


MISS 3