كييف تضع الابتزاز الروسي في خانة "الخوف من الهزيمة"

موسكو تستعجل "الإستفتاءات الانفصالية" والغرب يعتبرها "خطوات زائفة"

02 : 00

من آثار القصف على منطقة دونيتسك أمس (أ ف ب)

مع توالي الهزائم العسكرية الروسية في الميدان الأوكراني، دفع الكرملين في اتجاه تنظيم استفتاءات في الأراضي الانفصالية الموالية لموسكو في منطقتَي دونباس في شرق أوكرانيا وخيرسون في جنوبها حول الانضمام إلى روسيا بين 23 أيلول و27 منه، وفق ما أفادت سلطاتهما ووكالات أنباء رسمية، الأمر الذي رأى فيه مراقبون استعجالاً من الجانب الروسي لضمّ مناطق جديدة تعويضاً على الخسائر الفادحة التي تكبّدتها الآلة العسكرية الروسية.

وستُنظّم هذه الاستفتاءات في دونيتسك ولوغانسك الواقعتَين في منطقة دونباس واللتَين اعترف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستقلالهما قبيل إطلاق هجومه على أوكرانيا. وكان رئيس "البرلمان" المُعلن ذاتيّاً في لوغانسك دينيس ميروشنيتشنكو أوّل من أعلن موعد تنظيم الاستفتاء، ليحذو حذوه دينيس بوشيلين، القيادي الموالي للكرملين في دونيتسك، وقد حضّ بوتين على المسارعة لضم المنطقة إلى روسيا.

وصباح أمس، كان الرئيس الروسي السابق والرجل الثاني في مجلس الأمن الروسي دميتري ميدفيديف أوّل من دعا إلى إجراء استفتاء في أقرب وقت مُمكن في شأن ضمّ منطقتَي لوغانسك ودونيتسك. واعتبر أن الاستفتاء في دونباس "له أهمية كبيرة لاستعادة العدالة التاريخية"، محذّراً من أن "التعدّي على الأراضي الروسية جريمة، وفي حال ارتكابها يُسمح باستخدام كلّ القوات للدفاع عن النفس".

وفي المقابل، توعدت الرئاسة الأوكرانية بـ"القضاء" على التهديد الروسي، بينما قارنت وزارة الدفاع تلك الاستفتاءات بـ"آنشلوس"، في إشارة إلى ضمّ النمسا إلى ألمانيا النازية في 1938. وجاء في تعليق على "تلغرام" لمدير مكتب الرئاسة الأوكرانية أندري يرماك أن "أوكرانيا ستسوي المسألة الروسية. لا يُمكن القضاء على التهديد إلّا بالقوة"، مندّداً بـ"ابتزاز" من جانب موسكو مدفوع بـ"الخوف من الهزيمة".

توازياً، أكد وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا أن أوكرانيا "ستواصل تحرير أراضيها بغض النظر عما تُعلنه روسيا"، في وقت سارعت الولايات المتحدة إلى التنديد بعمليات الاستفتاء المزمعة واعتبرتها خطوات "زائفة".

ورأى مستشار البيت الأبيض لشؤون الأمن القومي جيك سوليفان أن "تلك الاستفتاءات إهانة لمبادئ السيادة ووحدة الأراضي"، معتبراً أنه "إذا حدث ذلك، فإنّ الولايات المتحدة لن تعترف مطلقاً بمطالبات روسيا بأي أجزاء من أوكرانيا تقول إنها ضمّتها".

كذلك، ندّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالإعلان عن تنظيم استفتاءات، معتبراً أن أي استفتاء في شأن الضم لن تكون له أهمية من الناحية القانونية. وعلى هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال ماكرون للصحافيين: "أعتقد أن ما أعلنت عنه روسيا مهزلة"، معتبراً ذلك "استفزازاً جديداً لن يؤثر على موقفنا". ورأى أن "فكرة تنظيم استفتاءات في مناطق تشهد حرباً، وتتعرّض لقصف، هي قمة السخرية".

بدوره، اعتبر المستشار الألماني أولاف شولتز أن "الاستفتاءات الوهمية" "غير مقبولة" و"لا يُغطيها القانون الدولي". وعلى هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال شولتز للصحافيين: "كلّ ذلك ليس إلّا عدواناً إمبرياليّاً يتمّ تمويهه"، داعياً موسكو إلى سحب جنودها.

من ناحيته، ندّد الأمين العام لـ"حلف شمال الأطلسي" ينس ستولتنبرغ بالإعلان عن تنظيم استفتاءات، معتبراً أنها تصعيد إضافي في الحرب التي يشنّها الكرملين. وكتب ستولتنبرغ على "تويتر": "استفتاءات زائفة ليس لها شرعية ولا تغيّر في طبيعة الحرب العدوانية الروسية على أوكرانيا"، معتبراً أن "على المجتمع الدولي أن يُدين هذا الانتهاك السافر للقانون الدولي وأن يزيد من دعمه لأوكرانيا".

وفي الغضون، تعهّدت رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس المحافظة على الدعم العسكري لأوكرانيا، لا بل زيادته، خلال أوّل زيارة لها إلى الخارج كرئيسة للحكومة للمشاركة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، في وقت دعا فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى ايجاد مخرج "مشرّف" للحرب في أوكرانيا.

وقال الرئيس التركي من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة: "معاً علينا ايجاد حلّ ديبلوماسي مقبول سيسمح للجانبَين بالخروج من الأزمة بشكل مشرّف"، مضيفاً: "سنواصل تكثيف جهودنا لانهاء الحرب على أساس وحدة أراضي أوكرانيا واستقلالها"، فيما كان قد كشف في وقت سابق أن روسيا وأوكرانيا اتفقتا على "تبادل 200 أسير".

تزامناً، أكد بوتين أن بلاده ستمضي قدماً بـ"مسارها السيادي" على الساحة الدولية، وقال: "بالنسبة إلى روسيا، لن ننحرف عن مسارنا السيادي"، محذّراً من أن دور الولايات المتحدة في الخارج يُعرقل التنمية على مستوى العالم.