جاد حداد

I Used To Be Famous... قصة بسيطة ومؤثرة عن صديقَين غير متوقّعَين

22 أيلول 2022

02 : 01

يروي فيلم I Used To Be Famous (كنتُ مشهوراً)، المقتبس من فيلم قصير يحمل العنوان نفسه للمخرج إيدي ستيرنبيرغ، قصة "فينس" و"ستيفي" اللذين يأتيان من خلفيتَين مختلفتَين للغاية، لكن سرعان ما تجمعهما صداقة غير متوقعة.

كان "فينس" (إيد سكرين) عضواً في فرقة موسيقية سابقاً، لكنه يواجه الآن مصاعب كبرى بعد مسيرة مهنية ناجحة في بدايتها. لقد أصبح مضطراً للغناء في شوارع لندن لجني المال، رغم شهرته السابقة، وبالكاد يتعرف عليه الناس أو يعترفون بموهبته. أما "ستيفي" (ليو لونغ)، فهو شاب يطمح إلى دخول كلية الموسيقى. لكن تشكك والدته "آمبر" بأحلامه للأسف وتميل إلى المبالغة في حمايته لأنه مصاب بالتوحد.

تبدو الفرص المستقبلية الإيجابية ضئيلة في حياة الشابَين، لكن حين يقابل "فينس" "ستيفي" ويكتشف مهارته في قرع الطبول، تتجدد آماله باسترجاع شهرته المفقودة.

ينجح "فينس" في إقناع "آمبر" بالسماح لابنها بالعزف معه في إحدى المناسبات. لكن عندما تفشل هذه التجربة، تمنعه من رؤية ابنها مجدداً. نتيجةً لذلك، ينفطر قلب الشابَين لأنهما يدركان أنهما يملكان ما يلزم لتحقيق النجومية في عالم الموسيقى. سرعان ما ينجح "فينس" في إقناع "آمبر" بتغيير رأيها، فيحصل على فرصة التواصل مع "ستيفي" مجدداً وتقديم العروض معه. لكن عندما يتسنى لـ"فينس" لاحقاً أن يقدّم عرضاً مع زميل ناجح له من الفرقة الموسيقية السابقة، يواجه فجأةً خياراً صعباً: هل يجب أن يقتنص هذه الفرصة لاسترجاع شهرته على الساحة العالمية؟ أم يُفترض أن يتابع صداقته مع "ستيفي" ويدعم ذلك الشاب الذي يحمل أحلاماً موسيقية كبرى؟

من الناحية الإيجابية، لا يحمل الفيلم أي إساءة للمصابين بالتوحد. يقدم ليو لونغ أول دور تمثيلي له في هذا العمل، وهو مصاب بالتوحد في الحياة الحقيقية أيضاً. كان اختياره قراراً صائباً، فهو يقدم أداءً صادقاً ومقنعاً ولا يتكل على الإيماءات الدرامية المفرطة التي استعملها ممثلون مثل داستن هوفمان ومادي زيغلر حين قدّما شخصيات مصابة بالتوحد في فيلمَي Rain Man (رجل المطر) و Music (الموسيقى) على التوالي. شمل هذا الفيلم الأخير جوانب مسيئة عندما عرض سلوكيات المصابين بالتوحد بطريقة غير دقيقة، وتعرّض لانتقادات لاذعة لأنه يطرح أفكاراً بالية عن هذه الحالة.

لم يكن لونغ الممثل الوحيد المصاب بهذا الاضطراب في الفيلم، فقد اختار المخرج عدداً آخر من الممثلين المصابين بالحالة نفسها لتقديم شخصيات في فريق العلاج الموسيقي الذي يشارك فيه "ستيفي". من المدهش أن يقوم المخرج بهذا النوع من الخيارات التمثيلية اللافتة. نجح ستيرنبيرغ بهذه الطريقة في تجنب الانتقادات المرتبطة بعدم اختيار مصابين بالتوحد، ومنح فرصة قيّمة لممثل مثل لونغ كي يثبت أن المصابين بالتوحد لا يستحقون التجاهل بسبب حالتهم.

يقدم هذا الممثل الشاب أداءً مبهراً في دوره الأول، على أمل أن تكون مسيرته اللاحقة طويلة وناجحة كممثل أو موسيقي (أو الاثنين معاً).






لكن رغم هذه الإيجابيات كلها، لا يُعتبر الفيلم قوياً بما يكفي لأن السيناريو ليس مقنعاً في جميع الأوقات. توافق "آمبر" مثلاً على السماح بعودة "فينس" إلى حياة "ستيفي" بسرعة، مع أنها تطلب منه سابقاً أن يبتعد عن ابنها بأقسى العبارات. وفي مشهد آخر، يُطلَب من "فينس" أن يلعب دور الأستاذ في فريق العلاج الموسيقي الذي يشارك فيه "ستيفي" بعد نجاحه في إحراز تقدّم بارز مع أحد الطلاب. لكن لا يبدو المشهد الذي يسلّط الضوء على ذلك التقدم مقنعاً بأي شكل، ويصعب أن نصدّق أن الأستاذ الأصلي يوافق بهذه السهولة على تسليم دوره لـ"فينس" الذي يشارك في الحصص منذ وقتٍ قصير.

لكن يسهل أن نغفل عن هذه الشوائب لأن الرابط المميز الذي ينشأ بين "فينس" و"ستيفي" هو الأهم في القصة. يتمتع كل واحد منهما بشخصية محبوبة كُتِبت بما يتماشى مع الأفكار النمطية المألوفة. قد يفتقر جزء من جوانب الحبكة المحيطة بهاتين الشخصيتَين إلى الإقناع في بعض اللحظات، لكن يسهل أن نصدّق عمق صداقتهما لأنهما يقدّمان شخصيات واقعية بامتياز.

في النهاية، يبقى هذا الفيلم ممتعاً ومليئاً باللحظات العاطفية، وهو يتّسم بنهاية مؤثرة أيضاً. كان العمل ليستفيد طبعاً من تقوية السيناريو، لكنه يجذب المشاهدين حتى النهاية بفضل قوة الأداء التمثيلي وقصته المُلهِمة.