إيران: المتظاهرون يتحدّون النظام الإسلامي

02 : 00

المتظاهرون الإيرانيّون يُطالبون بإسقاط النظام (أ ف ب)

يواجه النظام الإسلامي في إيران تحدّيات هائلة تمسّ أُسس وجوده بحدّ ذاتها بعد وفاة الفتاة مهسا أميني، فيما تُشعل النساء النار بحجاباتهنَّ والمتظاهرون بصور رجال الدين، وسط هتافات تُنادي بإسقاط نظام الجمهورية الإسلامية وبالموت لرجال الدين مع اتّساع رقعة التظاهرات التي كسرت المحرّمات لتشمل عشرات المدن والقرى في إيران.

وكانت إيران قد شهدت "الحركة الخضراء" في العام 2009 بعد انتخابات مثيرة للجدل، ثمّ خروج تظاهرات في تشرين الثاني 2019 بعد ارتفاع أسعار البنزين والتضخم العام. لكنّ المحلّلين يقولون إن الاحتجاجات الحالية تطرح تحدّياً أكثر تعقيداً للنظام الإسلامي بقيادة المرشد الأعلى علي خامنئي.

وفي هذا الصدد، قال الخبير في الشأن الإيراني علي فتح الله نجاد لوكالة "فرانس برس": "هذه أكبر احتجاجات منذ تشرين الثاني 2019"، موضحاً أن "التحرّكات الوطنية السابقة كانت تقودها الطبقات العاملة وأثارها تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، لكنّ الشرارة هذه المرّة كانت اجتماعية - ثقافية وسياسية".

ورأى أنّه "لم يتوقع النظام أن يؤدّي اعتقال مواطنة ووفاتها إلى إثارة انتفاضة وطنية". والأكثر دهشة هو أن التمرّد يأتي بشكل أساسي من النساء. وقال المحلّل في معهد أمن واستراتيجية القدس ألكسندر غرينبرغ: "إنّهنَّ الضحايا ومن الطبيعي أن يقمنَ بالاحتجاج. والأهم من ذلك هو أن الرجال يدعمونهنَّ"، مشيراً إلى تزايد "علمنة" المجتمع.

وأضاف: "كما أن ذلك يُقلق المتديّنين الإصلاحيين. إنّهم يُدركون أن النتيجة ستكون أن الشعب سينتهي به الأمر إلى كره الإسلام والدين". وبين الشعارات التي ردّدها المتظاهرون: "الموت للديكتاتور"، في إشارة إلى خامنئي، و"الموت للباسيج"، والعديد من التصريحات المناهضة للنظام ورموزه، فيما برزت صرخة: "إمرأة، حياة، حرّية".

وأظهرت لقطات غير مسبوقة متظاهرين يُضرمون النار في صورة القائد السابق لـ"فيلق القدس" في "الحرس الثوري" اللواء قاسم سليماني، أحد رموز النظام الذي تحوّل إلى شخصية أسطورية منذ اغتياله بضربة أميركية في العراق في كانون الثاني 2020. كما قاوم النشطاء قوات الأمن بحيث رفضت النساء ارتداء الحجاب بينما أُحرقت سيارات الشرطة.

من ناحيته، قال ديبلوماسي أوروبي: "أعتقد أنه سيكون هناك تشدّد في النظام، سيدفعهم ذلك أيضاً إلى عدم إظهار أي مرونة في شأن خطة العمل الشاملة المشتركة"، معتبراً أن "هذه التظاهرات ستُعرّض استمرارية النظام للخطر. ففي تشرين الثاني 2019 لم يتردّدوا في إطلاق النار على المحتجين، ولا أرى ما سيردعهم هذا العام".

بدورها، اعتبرت مديرة منظمة المادة 18 مكتب شمال أفريقيا والشرق الأوسط للدفاع عن حرّية التعبير سلوى الغزواني أن ردّ فعل النظام "هو نفسه في كلّ مرّة. عدد لا يُحصى من حالات الوفاة أثناء الاحتجاز وقتل المتظاهرين وغيرها من الانتهاكات والجرائم الصارخة"، مشيرةً إلى أن "هذا الأمر يعكس تفاقم الإفلات من العقاب في البلاد واللجوء إلى مستويات أعلى من العنف لقمع الانتقادات والاحتجاجات".

وكانت مهسا أميني في طهران مع أسرتها الأسبوع الماضي عندما اعتقلتها "شرطة الأخلاق" لانتهاكها قواعد اللباس المطبّق منذ الثورة الإسلامية عام 1979. ودخلت في غيبوبة بعد وقت قصير من اعتقالها وتوفيت متأثرة بجروحها الجمعة. ويؤكد النشطاء أنها تعرّضت لسوء معاملة أثناء الاحتجاز وربّما أُصيبت في رأسها.