"حزب الله" يطلق "رصاصة الشغور" على رأس الجمهورية... وهذا ما طلبه من الفرنسيين!

"ثلاثية" الدعم العربي - الدولي للبنان: الإصلاح والطائف والقرارات الدولية

01 : 59

أتمّ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مهمته الأممية في نيويورك مخاطباً العالم باسم لبنان المنهار الذي يواجه "أسوأ أزمة اقتصادية اجتماعية" في تاريخه وضعت غالبية أبنائه "تحت خط الفقر"، مؤكداً أن حكومته تسير "ببطء وحذر شديدين في حقل ألغام سياسية واقتصادية لتدارك الوضع وتأسيس الأرضية المناسبة للوصول بالبلاد إلى برّ الأمان". وإذ استعرض في الكلمة التي ألقاها في الدورة الـ77 للجمعية العامة للأمم المتحدة مجمل التحديات التي يواجهها اللبنانيون والاستحقاقات التي تنتظرهم، متعهداً باسم لبنان الرسمي "الالتزام التام بتنفيذ كامل مندرجات القرار الدولي 1701 وكافة قرارات الشرعية الدولية"، ومبدياً "الرغبة الصادقة في التوصل إلى حل تفاوضي طال انتظاره" في ملف الترسيم الحدودي البحري مع إسرائيل، ناشد ميقاتي "الأصدقاء الدوليين والدول العربية الشقيقة التي لا غنى عنها، أن تساعد لبنان وتؤازره للخروج من محنته ومعالجة تداعياتها الخطيرة على الشعب اللبناني وبنية الدولة وهيكليتها"، مجدداً "الالتزام باتفاق الطائف وعدم التساهل مع أي محاولة للمسّ بمندرجاته إضافة إلى الالتزام بمبدأ النأي بالنفس لإبعاد وطننا قدر المستطاع عما لا طاقة له عليه".

وفي المقابل، كان الموقف حازماً وواضحاً في بيان الاجتماع الثلاثي الذي عقده ممثلون من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة وفرنسا على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، لناحية رسم خارطة طريق "ثلاثية" الأبعاد لتقديم الدعم المنشود إلى لبنان، والتي ترتكز في جوهرها على "تطبيق الإصلاحات المطلوبة والتزام اتفاق الطائف الذي يحفظ الوحدة الوطنية والسلم الأهلي وضرورة تنفيذ قرارات مجلس الأمن 1559 و 1680 و 1701 و 2650 وغيرها من القرارات الدولية ذات الصلة، بما فيها تلك الصادرة عن جامعة الدول العربية".

وعلى أبواب الاستحقاق الرئاسي، شدد البيان السعودي – الأميركي – الفرنسي على "ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها بما يتماشى مع الدستور"، مطالبا بأن "يحرص الرئيس المنتخب على توحيد الشعب اللبناني وأن يعمل مع الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة للتغلب على الأزمة الحالية"، وذلك بالتوازي مع الدعوة إلى "تشكيل حكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات الهيكلية والاقتصادية المطلوبة بشكل عاجل لمواجهة الأزمات السياسية والاقتصادية في لبنان، وتحديداً تلك الإصلاحات اللازمة للتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي"، فضلاً عن إعادة التأكيد على وجوب "إقرار الدور الحاسم للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي بوصفهما المدافعين الشرعيين عن سيادة البلد واستقراره الداخلي".

وفي بيروت، سرعان ما لاقى السفير السعودي وليد بخاري البيان الثلاثي المشترك بالإضاءة على أهمية وأولوية التزام لبنان بمندرجات اتفاق الطائف. إذ وغداة اقتباسه مقولة الرئيس حسين الحسيني: "اتفاق الطائف غير صالح للانتقاء وغير قابل للتجزئة"، بادر بخاري أمس إلى التشديد عبر صفحته الرسمية على "تويتر" على أنّ "رسالة" البيان السعودي – الأميركي – الفرنسي الصادر من نيويورك مفادها: "إتفاق الطائف هو المؤتمن على الوحدة الوطنيّة وعلى السّلم الأهلي في لبنان".

ومقابل الحرص العربي – الدولي على تحصين اتفاق الطائف الناظم للحياة الدستورية والسياسية والسلم الأهلي في لبنان، عكست أوساط ديبلوماسية هواجس عربية وغربية متعاظمة من "مخطط يجري الإعداد له من قبل بعض الجهات اللبنانية والإقليمية لنسف مندرجات دستور الطائف عبر تصعيد وتيرة الأزمات الداخلية في لبنان وقطع الطريق أمام إنجاز الحلول اللازمة لها بغية تعميق حالة الانهيار الشامل على أرضية الدولة وشل مؤسساتها لفرض معادلة تغيير النظام وتعديل دستور الطائف بما يخدم أجندة وضع اليد على لبنان وتغيير هويته".

وفي هذا الإطار، أعربت الأوساط الديبلوماسية عن قلقها من أن يستخدم "حزب الله" مسألة الشغور في سدة الرئاسة الأولى لتكون بمثابة "الرصاصة التي يطلقها على رأس الجمهورية لفرض معادلات دستورية جديدة يستطيع من خلالها تعديل النظام بشكل يكرس سطوته على هيكلية الحكم في لبنان"، كاشفةً في هذا الإطار أنّ ما عزز هذه المخاوف في الأروقة الدولية والعربية هو ما نقلته تقارير ديبلوماسية من أنّ مسؤولين قياديين في "حزب الله" بادروا خلال اجتماع عقدوه في الفترة الأخيرة مع السفيرة الفرنسية آن غريو إلى وصف اتفاق الطائف بـ"التسوية"، مع ما يختزنه هذا الوصف من "دلالات بالغة ترمي إلى تحجيم هذا الاتفاق ومندرجاته بما يعكس النية إلى استبداله بتسوية جديدة تعيد تشكيل بنية النظام الدستوري في لبنان"، لا سيما وأنّ المسؤولين في "حزب الله" فاتحوا السفيرة الفرنسية خلال الاجتماع صراحةً بالحاجة إلى تعديل الطائف باعتباره "تسوية لم تعد صالحة وأصبح من الضروري تعديلها".