عون وميقاتي... "تهويل ما قبل التشكيل"!

"دار الفتوى": تحصين الطائفة والطائف

01 : 59

لا شك في أنّ اجتماع دار الفتوى اليوم لن يخرج بخلاصات وقرارات حاسمة تقلب موازين القوى في البلد، لكنّ الأكيد أنه سيلقي بثقله في ميزان التحديات والاستحقاقات الراهنة والداهمة على الساحتين الوطنية والدستورية، خصوصاً وأنّ الهدف الأساس منه يتمحور حول "لمّ الشمل" السنّي وجمع نواب السنّة على كلمة سواء ترتقي إلى مستوى الهواجس والمخاطر المحدقة باللبنانيين كلهم على مختلف انتماءاتهم الطائفية والسياسية.

تحت سقف "الدار"، ينعقد اللقاء الرامي إلى "تعزيز الوحدة السنية الإسلامية والوطنية" برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان عصر اليوم، لإعادة تصويب البوصلة باتجاه "الثوابت والجوامع" بين النواب السنّة في مقاربة "الملفات الأساسية والمنعطفات المفصلية التي يمرّ بها لبنان في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخه" كما نقلت مصادر مطلعة على أجواء تحضيرات اجتماع دار الفتوى، مشددةً على أنّ "الغاية منه بعيدة كل البعد عن لعبة الاصطفافات الطائفية والمذهبية في البلد لكنها ترتكز بشكل محوري حول تحصين وحدة الطائفة السنّية في مواجهة كل محاولات شرذمة صفوفها، ووضع خط أحمر عريض في الوقت نفسه حول اتفاق الطائف في وجه مخططات العبث به وتقويض مندرجاته الناظمة للحياة الدستورية في لبنان والحافظة لاستقراره وسلمه الأهلي".

وإذ انحصرت الدعوة إلى اللقاء بأعضاء البرلمان من الطائفة السنّية، لم يشذ عن تلبيتها سوى ثلاثة نواب هم أسامة سعد وابراهيم منيمنة وحليمة قعقور، لاعتبارات واعتراضات "مبدئية" كما جاء في نصّ اعتذار منيمنة عن عدم المشاركة في لقاء دار الفتوى بوصفه "يتعارض مع المبادئ التي ننطلق منها في عملنا لجهة رفض الاصطفافات الطائفية"، بينما لم ينظر زملاؤه في تكتل "نواب التغيير" إلى اللقاء من المنظار نفسه، فأكد كل من النواب ياسين ياسين ورامي فنج ووضاح الصادق المشاركة في اللقاء.

وفي المقابل يؤكد القيّمون على اجتماع اليوم أنّ "دار الفتوى لم تكن ولن تكون يوماً عنواناً لتعزيز الانقسامات الطائفية في لبنان بل هي كانت وستبقى معنيّة بوحدة الصف السني والإسلامي تحت سقف وطني جامع لكل اللبنانيين"، وعلى هذا الأساس "ترى بحكم مسوؤليتها الروحية والوطنية أنّ نواب الطائفة السنية تقع على عاتقهم مسؤولية كبيرة في سبيل تكريس وحدتهم حيال الاستحقاقات الدستورية الحاسمة في مسار تعزيز وحدة الدولة والوطن"، لا سيما وأنّ مجلس النواب سيكون أمام "امتحان الاستحقاق الرئاسي الذي سيشكل نقطة مركزية في خريطة الطريق الإنقاذية المنشودة لاستنهاض البلد، بينما هناك جهات تبذل كلّ جهدها لتعطيل هذا الاستحقاق وإدخال سدة رئاسة الجمهورية في شغور طويل الأمد بالتوازي مع العمل على تطويق صلاحيات مجلس الوزراء لإدخال السلطة التنفيذية في شلل خانق لكل مؤسسات الدولة لغاية في نفس الطامعين بتغيير النظام ونسف دستور الطائف، ومن هنا فإنّ اجتماع دار الفتوى سيشكل جبهة برلمانية سنّية رافضة للشغور في موقع رئاسة الجمهورية وللمسّ بموقع رئاسة الحكومة وصلاحيات مجلس الوزراء تحت شعارات وفتاوى مبتدعة لتشريع التعطيل وتكريس الفراغ على المستويين الرئاسي والحكومي".

في الغضون، يتواصل "المد والجزر" بين قصر بعبدا والسراي الحكومي في الأمتار الأخيرة من عملية تأليف الحكومة العتيدة، بحيث جدد رئيس الجمهورية ميشال عون خلال الأيام الماضية حملة التهويل على الرئيس المكلف نجيب ميقاتي ملوّحاً بالإقدام على خطوة إصدار مرسوم قبول استقالة الحكومة الذي يصدر عادة بالتزامن مع مرسوم تشكيل الحكومة الجديدة، ما سيؤدي إلى فرط حكومة ميقاتي الحالية وشل قدرتها على تصريف الأعمال، الأمر الذي وضعته مصادر حكومية في خانة "تهويل ما قبل التشكيل" مؤكدةً أنّ "عون يعلم قبل سواه أنه لا يستطيع اتخاذ هكذا خطوة انتحارية أو بالأحرى فإنّ "حزب الله" لن يسمح له بهدم الهيكل فوق رؤوس الجميع"، ورأت أنّ "الرسائل التهويلية التي يطلقها عون بين الحين والآخر لا تندرج سوى في خانة استباق ولادة الحكومة بمحاولة تسجيل نقاط إضافية في مرمى الرئيس المكلف للإيحاء بعد تأليفها بأنه استطاع إخضاعه وإجباره على التشكيل في نهاية المطاف".

وكان ميقاتي قد أكد أمس إثر لقائه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في نيويورك العمل على "إنهاء الملف الحكومي الأسبوع المقبل"، مشدداً على أنّ المسألة لم تعد تحتاج إلى "الكثير من النقاش" مع رئيس الجمهورية، خصوصاً وأنّ "البلد بحاجة الى حكومة تستطيع التصدي قدر المستطاع للمشكلات"، مع الإشارة في هذا المجال إلى أنّ "الموضوع لا يزال عالقاً عند وزير من هنا وآخر من هناك".