ترجيح تشكيل حكومة يمينية "إئتلافية" برئاسة جورجيا ميلوني

إيطاليا تنتخب: تراجع المشاركة وتصدّر اليمين

02 : 00

ناخبون في أحد مراكز الاقتراع في روما أمس (أ ف ب)

على وقع التدفّق الهائل للمهاجرين غير الشرعيين عبر البحر نحو الجزر الإيطاليّة، وفيما تُعاني البلاد من أزمات اجتماعية واقتصادية جمّة أظهرت فشل الطبقة السياسية التقليدية وكشفت "عورات" العقل البيروقراطي السائد في إدارة البلاد، تصدّر اليمينيّون والمحافظون المشهد الانتخابي في شبه الجزيرة الإيطالية حيث دُعي أكثر من 50 مليون ناخب إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم في البرلمان أمس، مع بروز نجم زعيمة حزب "فراتيلي ديتاليا" (إخوة إيطاليا) جورجيا ميلوني، التي يصفها متابعون للشأن الإيطالي بـ"أيقونة" المسيحيين المحافظين من دون منازع.

وسُجّلت نسبة مشاركة منخفضة في الانتخابات، إذ بحسب وزارة الداخلية، بلغت نسبة الاقتراع 50 في المئة بحلول الساعة 17:00 بتوقيت غرينتش، بتراجع 8 نقاط بالنسبة للانتخابات التشريعية في العام 2018. وكان التراجع ملحوظاً بشكل خاص في المناطق الجنوبية (-12 نقطة) التي ساهمت بشكل كبير في انتصار حركة "5 نجوم" الشعبوية قبل 4 سنوات، وهي تشكيل مناهض للنظام. وانتهى التصويت عند التاسعة مساء بتوقيت غرينتش.

وفي ظلّ توقعات تمنح حزب "إخوة إيطاليا" من أقصى اليمين حوالى ربع نوايا الأصوات، من المرجّح أن تتولّى زعيمته ميلوني (45 عاماً) رئاسة حكومة ائتلافية تكون الهيمنة فيها لليمين الصارم على حساب اليمين التقليدي. وسيُشكّل ذلك زلزالاً حقيقيّاً في إيطاليا، إحدى الدول المؤسّسة لأوروبا وثالث قوة اقتصادية في منطقة اليورو، إنما كذلك في الاتحاد الأوروبي. لكن العلاقة بين روما وبروكسل ستبقى متينة.

وكتبت ميلوني صباح أمس على "تويتر" متوجّهةً إلى أنصارها: "اليوم (أمس)، يُمكنكم المساهمة في كتابة التاريخ"، فيما كانت قد قالت سابقاً: "في أوروبا، إنهم قلقون جميعاً لرؤية ميلوني في الحكومة... انتهى العيد. ستبدأ إيطاليا بالدفاع عن مصالحها القومية". بدوره، قال رئيس حزب "الرابطة" المناهض للهجرة غير الشرعية ماتيو سالفيني للصحافيين أثناء توجهه للتصويت: "ألعب لأفوز، لا لأشارك"، مؤكداً أن حزبه سيكون "على منصّة الفائزين: الأوّل أو الثاني وفي أسوأ الأحوال الثالث". وأضاف سالفيني الذي شغل منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية في حكومة جوزيبي كونتي (2018-2019): "أتطلّع إلى العودة من الغد إلى حكومة هذا البلد الاستثنائي".

ونجحت ميلوني التي ترفع شعار "الرب الوطن العائلة"، في جعل حزبها أقوى قوّة سياسية بسرعة قياسية عبر طرحها المسائل التي تُحاكي استياء مواطنيها وإحباطهم بلغتهم وببقائها في صفوف المعارضة. ومثلما فعلت قبلها زعيمة "التجمّع الوطني" الفرنسي مارين لوبن، تخلّت ميلوني عن مشروعها القاضي بالخروج من اليورو، لكنّها تُطالب بـ"مراجعة قواعد ميثاق الاستقرار" المعلّقة بسبب الأزمة الصحية والتي تُحدّد سقف العجز في ميزانية الدول وديونها بـ3 في المئة و60 في المئة توالياً من إجمالي ناتجها المحلّي.

وفي المسائل الاجتماعية، تعتمد ميلوني المتحدّرة من روما مواقف محافظة متشدّدة، إذ تُعرّف عن نفسها بأنّها "إيطالية مسيحية محافظة"، وهي قالت في حزيران: "نعم للعائلة الطبيعية، لا للوبي مجتمع الميم! نعم للهويّة الجنسية، لا لإيديولوجيا النوع الاجتماعي!". وسيؤدّي وصولها للسلطة إلى إغلاق حدود بلد يصل إلى سواحله سنويّاً عشرات آلاف المهاجرين غير الشرعيين. وتُراهن ميلوني على تشكيل ائتلاف حكومي مع حلفاء مثل ماتيو سالفيني وسيلفيو برلوسكوني، ليستمرّ طويلاً، على الرغم من أن إيطاليا معروفة بافتقارها إلى الاستقرار الحكومي.