سيلفانا أبي رميا

"ديدي" فرح: لا مكان للطفل على شاشات اليوم

1 تشرين الأول 2022

02 : 01

أغرمت بالمسرح وبتفاعل الناس
عرفها الجمهور اللبناني والعربي باسم "ديدي"، أحبها الكبار والصغار خصوصاً في برنامج "كيف وليش" الذي شكّل ذكريات لا تُنسى. أعطت أكثر من 5 آلاف ساعة بث تلفزيوني بشغف وحب لم ينطفئ، برسالة تلوّن الطفولة والبراءة وتعلّم الإنسانية. وفي زمن غابت فيه برامج الأطفال واحتلّت المسلسلات المدبلجة شاشاتنا، إلتقت "نداء الوطن" الإعلامية ومعدة البرامج ديزيريه فرح للحديث عن هذا التحدي وعن رحلتها الطويلة في قلوب اللبنانيين على شاشة الزمن الجميل.

كيف انطلقت ديدي في عالم التلفزيون؟

كنت أبلغ 11 عاماً عندما دخلت إلى محطة "تلفزيون لبنان" حيث كانت والدتي ميمي فرح تعمل في مجال برامج الأطفال وتحديداً "على دروب لبنان"، وطُلب مني التمثيل فشاركت في مسلسلات عدة تابعة للقناة.

تزوجت عند بلوغي عامي الـ16 من رينيه معوض الذي كان يعمل حينها في قناة "LBCI"، فطلب مني مدير البرامج هناك أن أجهّز فكرة تجريبية لبرنامج أطفال... وهكذا صار، وبعدما نال اعجابهم، انطلق برنامجي الأول "بيت بيوت" العام 1986.



شخصيات الزمن الجميل



أخبرينا عن "كيف وليش" الذي طبع طفولة الكثيرين.

برامج كثيرة أطلقتها قبل "كيف وليش" منها "بيت بيوت"، "صار وقت النوم" و"ديدي و جوجو"، ثم أجبرتنا الحرب على مغادرة لبنان لفترة ليست بقصيرة. وعند عودتنا ولدت فكرة "كيف وليش" الذي شكّل نقلة نوعية في برامج الأطفال، إن كان من ناحية التصوير أو الإخراج أو الشخصيات والأغاني الخاصة به.

أما شخصياته فكانت مميزة للغاية استوحيتها من قصص الأطفال وكتب الصغار فصممت أشكالها وكتبت لكل منها صفات معينة لا تشبه الأخرى. فولدت 18 شخصية في برنامج يعرض 5 أيام في الأسبوع ويُعاد مرتين في نهاية الاسبوع.

شخصيات "كيف وليش" حققت نجاحاً لم أتوقعه وما زالت مطبوعة لليوم في أذهان وذاكرة الناس الذين يعترضون طريقي في الشارع لتذكيري بها وبالحلقات التي بقيت عالقة داخلهم، مثل "الست حشورة" التي أدّت دورها كارين رزق الله، "جوجو المهرج" (فادي شربل)، ساعي البريد (كميل خليل)، "نونا الملبّكة" (جورجيت الفغالي)، "السيد ثرثار" (زينة شماس)، "لولو النعسان" (روميو الهاشم)، "الست جميلة"، "الست معجوقة"، "الست نظافة"، "السيد وسخ"، "الست سؤال" وغيرها.

وهكذا استمر البرنامج لنحو 10 سنوات متتالية وكان محبوباً من الأكثرية ثمّ توقف في 2002 وعدتُ بعده ببرنامج "Big بيت". وفي 2004 ختمت مسيرتي في برامج الأطفال وغادرت لبنان مجدداً.

في 2006 إبان حرب الجنوب، تغيرت كل حياتي وتطلعاتي وانتقلت إلى البرامج الإنسانية، ومنها "نحنا لبعض" الذي حاولت فيه مساعدة كل من وقع ضحية الحرب والنزوح.




من كواليس "من القلب"



ما الذي ميز هذا البرنامج برأيك؟

تضمّن فقرات كثيرة كان يمكن للأطفال المشاركة فيها. الحياة لم تكن سهلة كما اليوم، ولا سيما مع غياب الانترنت. تخيلي كان الأهل يقصدون البريد لمسافات ليضعوا فيه صور أولادهم ورسوماتهم وأشغالهم اليدوية والرسائل التي يكتبونها لتصلنا ونعرضها في البرنامج. "كيف وليش" لم يكن للأطفال فحسب بل كانت تنتظره وتشارك فيه كل العائلة. أيام راقية وبسيطة وجميلة اختفت وما زلت حتى اليوم أحلم بعودتها.



لعب وألوان وضحكات



كم مسرحية في رصيدك؟

في رصيدي حوالى 8 مسرحيات. مع العلم أن المسرح الذي عملت فيه لم يكن موسمياً كما هو معروف، بل كان يستمر عرض كل مسرحية نحو السنتين بلا توقف. أول مسرحية لي كانت في أوائل التسعينيات تحت عنوان "Fais Boom" والتي أحدثت ضجة كبيرة ولن أبالغ إذا قلت إنّ كل لبنان شاهدها. عشقت المسرح بكل تفاصيله والأجمل كان محبة الناس وتفاعلهم معي ومع شخصيات المسرحية.






ما أكثر ما تتذكرينه في مشوارك التلفزيوني؟

لا أستطيع اختصار مسيرة تفوق الـ40 سنة، كل حقبة منها كان لها نكهة خاصة وذكريات لا تُمحى. طبعاً برامج الأطفال هي الأحب الى قلبي لأنني كبرت معها وأخذت خبرات من عظماء التلفزيون الذين تعاملت معهم وهي كنز أعتزّ به.

هل غادرت ديزيريه فرح الشاشة؟

كلا، ما زلت أعمل في البرامج الإنسانية. التلفزيون بيتي الثاني ولا أستطيع تركه، إنما غادرت برامج الأطفال فحسب. ففي السنوات الماضية نجح برنامجي "قصتنا ما خلصت" على شاشة الـ"MTV" وبرنامج "ميني مواطن" الذي سألنا خلاله الأطفال عن رأيهم بلبنان وكيف يحلمون به، وللأسف اكتشفنا أن صوتهم غير مسموع حتى من ذويهم... أنا متأكدة لو أن الأهل والشعب استمعا على مدى 45 حلقة لأحلام الصغار وما يرونه ويتمنونه ويقترحونه للبنان لما انتخبوا المنظومة نفسها.

ما الفرق بين أطفال الجيل السابق والحالي؟

الفرق شاسع، لكن الطفل يبقى طفلاً، ما تغيّر هو طبيعة الحياة وطريقة العيش وسمات العائلة. وبرأيي مواقع التواصل الاجتماعي دخلت كالصاعقة والتهمت كل شيء ولا سيما الجو العائلي الذي تربّينا عليه.

ما رأيك بغزو المسلسلات المدبلجة الفترة المسائية المخصصة للاطفال؟

أستذكر اليوم الجيل السابق، وكيف كانت السادسة مساءً ساعة مقدسة بكل ما للكلمة للمعنى، تتربع خلالها العائلة بأكملها بدفئها وتماسكها وبساطتها أمام الشاشة منتظرةً بفارغ الصبر برنامج الأطفال لتضحك سوياً وتترقب رسومات ورسائل أولادها لتسجّلها عبر الـ"VHS"... كان لكل شيء قيمة حتى للأغاني. اليوم لا مكان للطفل على شاشة التلفزيون اللبناني، مَحَتْه المسلسلات المدبلجة باجتياحها المخيف.

لا أدري ما الذي أجبر محطاتنا على تغيير ساعة برامج الأطفال واستبدالها بالمسلسلات التركية مع العلم أنها ليست مجانية ويُدفع ثمنها بالعملة الأجنبية. واقع مؤسف أتمنى أن يتحرك أحد ويعيد للطفل اللبناني مكانه الصحيح في برامج تنمّي قدراته الذهنية وتترك له ذكريات طفولة صحية يتربّى عليها.

هل من مشاريع مستقبلية؟

أنا في صدد تحضير لعمل جديد بمناسبة الميلاد المجيد وسيكون مفاجئة جميلة لأطفالنا. بالإضافة إلى أعمال أتمنى أن تبصر النور عنوانها محبة الأطفال وإعادتهم إلى الطفولة الحقيقية.

ما نصيحة دزيريه الأمّ للأهل في خضم التغيرات التكنولوجية؟

أعرف أن صعوبات الحياة والضغوطات اليومية كبيرة خاصة مع التدهور الاقتصادي ولكن أرجوكم انتبهوا لأطفالكم، التطور جميل ومغرٍ ومواقع التواصل لها جانب جذاب إلا أنها تأخذ أطفالكم إلى مكان غريب بعيد عن يوميات الطفولة وأحلامها والتفكير الطفولي.


MISS 3