خالد العزي

كييف تُحرج الغرب بطلبها الإنضمام السريع للناتو

5 تشرين الأول 2022

02 : 01

زيلينسكي (أ ف ب)

أثارت رسالة الفيديو للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي أعلن فيها تقدّمه بطلب للانضمام السريع إلى "حلف شمال الأطلسي" ضجة واسعة، ما دفع الحلفاء الغربيين إلى ايجاد طرق جديدة لمساعدة كييف وتشجيع خيارها الأوروبي - الأطلسي.

لقد عادت قضية عضوية كييف في الناتو إلى جدول أعمال دول الحلف مع التأييد الواضح من قبل 14 دولة في الحلف، بينما لا تزال الولايات المتحدة وكندا وألمانيا وقيادة الناتو يتحفظون على الإسراع بقبول كييف في صفوف الحلف.

الجميع مؤيّد بشدة لقرار قمة الناتو لعام 2008 في بوخارست في شأن انضمام أوكرانيا في المستقبل. وفي خطابهم الأخير، أعرب قادة الدول الأوروبية عن دعمهم لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها، وأكدوا مجدّداً عدم اعترافهم بالاستفتاءات الأخيرة وضمّ 4 مقاطعات أوكرانية إلى روسيا.

وكييف مصمّمة على توفير إمدادات وأسلحة جديدة، والمضي بالانضمام إلى الناتو، وهو أمر غير ممكن، ويوضح القادة الغربيون أن عدم قبول طلب الانضمام السريع إلى الحلف يعود بشكل أساسي إلى تهرّب كييف من إصلاحات في التنمية الادارية داخل الدولة، والتي تستغرق سنوات عدّة.

وتأمل أوكرانيا في هزيمة روسيا بمساعدة الغرب، لأنّها تعتبر نفسها جزءاً لا يتجزأ من الأمن الأوروبي - الأطلسي. وطلبها بالانضمام للناتو يضعها تحت "مظلّة" المادة الخامسة التي تؤمّن الحماية الأطلسية القانونية لها، ولقواتها المسلحة. لكنّ كييف تدرك أنه لن يكون هناك قبول سريع لها في الناتو، لهذا تستغلّ الوقت للحصول على دعم مالي وديبلوماسي.

كذلك، تُريد كييف تسريع توريد الأسلحة الغربية التي تعتمد عليها لإنهاء الحرب بشكل سريع لصالحها، وعدم الرضوخ للإجراءات البيروقراطية السائدة، والعمل السريع على تطوير الهياكل الأمنية بمساعدة الغرب.

وطلب الرئيس الأوكراني الانضمام إلى الناتو وضع واشنطن بموقف صعب للغاية، لكنّ الأخيرة أوضحت أنّه إذا تم قبول كييف في الناتو فحتماً سيمرّ بالطرق القانونية.

وفي إطار الرد الغربي على الطلب، أكد وزيرا الخارجية الكندية ميلاني جولي والأميركي أنطوني بلينكن عدم صحة فكرة زيلينسكي بالعضوية السريعة في الناتو، إذ لا يُمكن المقارنة مع طلبات فنلندا والسويد للانضمام إلى الناتو التي حصلت بسرعة البرق، وذلك لأنّهما شريكان في الناتو منذ فترة طويلة. كما يعملان بتنسيق وثيق مع الحلف، ويتوافقان مع تكنولوجيا الناتو، ويمتلكان جيشاً متقدّماً للغاية، فضلاً عن أنّهما يتمتّعان بنظام ديموقراطي، وهما عضوان في الاتحاد الأوروبي.

والمواقف الغربية عبّر عنها أيضاً وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن بإعلانه أن بلاده ستؤمّن كل ما تحتاجه أوكرانيا للنجاح، وحضّ كييف على تحديد أولويات المهام بشكل صحيح. ويتوافق ذلك مع ردّ مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان بأنّ الطلب بانضمام كييف إلى الحلف يأتي في وقت مبكر جدّاً.

وفي السياق ذاته كان ردّ الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ الذي دعا أوكرانيا إلى "مواصلة القتال"، معتبراً أن الشروط لقبول كييف في الحلف وفقاً للمخطّط المعجّل غير موجودة. لكن لكلّ دولة الحق في التقدّم بطلب إلى الناتو والقرار يؤخذ بالإجماع من جميع أعضاء الحلف. والخوف يكمن في أن يفرض بعض الدول "الفيتو" على قرار إنضمام كييف.

ويسعى الناتو لمنع أي تصدّع في داخله، وعدم الموافقة على طلب كييف للانضمام إليه يأتي بهدف أن لا تعتبر روسيا بأن الحلف هو الذي يُقاتل ضدّها، وبالتالي توسّع الصراع بين الناتو وروسيا.

وبينما تكفّلت الولايات المتحدة بمساعدة أوكرانيا من أجل إعادة أراضيها المحتلة، وإفشال المشروع الروسي، قدّمت لها مساعدات عسكرية بعشرات مليارات الدولارات. بالتوازي، شدّدت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك على التسريع بإمداد أوكرانيا بالسلاح الثقيل.

وفيما وضعت أوكرانيا كتاب الانضمام على طاولة أعضاء الحلف للنقاش واتخاذ القرار بالقبول أو الرفض، سيأخذ هذا الأمر فترة زمنية معيّنة ستمنع روسيا من التفكير باستخدام النووي كي تتجنّب ردّة فعل الولايات المتحدة والحلف. والجدير بالذكر بأن طلب أوكرانيا جاء بعد دمج 4 مناطق أوكرانية بروسيا ونجاح كييف بالهجمات المعاكسة، ما دفعها بالتوجه في اتجاه الحلف وتصميمها للحصول على مظلّة حماية.

وهذه الخطوة ساعدت أوكرانيا أخيراً على متابعة التقدّم وتحرير بعض مناطق دونيتسك ولوغانسك وخيرسون، وهذا التقدّم يعكس طبيعة العلاقات الحربية القادمة بين روسيا وأوكرانيا.


MISS 3