رصد مسيّرات قرب حقول غاز في بحر الشمال

"الخريطة الروسية" تتقلّص جنوباً وواشنطن تعزّز دعم كييف عسكرياً

02 : 00

راجمة أوكرانية تدكّ مواقع روسية في خاركيف أمس (أ ف ب)

فيما لم يهنأ بعد «الدب الروسي» من التلذّذ بـ«قضم» مناطق أوكرانية أعلن ضمّها إلى سيادته، حتّى بدأت كييف باستعادة أجزاء عدّة من هذه المناطق على وقع ضرباتها الميدانية الساحقة التي ما زالت تذلّ الآلة العسكرية الروسية، وباتت الخرائط التي نشرتها وزارة الدفاع الروسية بالأمس تُظهر تراجعاً كبيراً لقواتها خصوصاً في شمال منطقة خيرسون في جنوب أوكرانيا.

ومقارنةً مع تلك المنشورة الإثنين، بيّنت خارطة الثلثاء أن القوات الروسية خرجت من عدد كبير من النواحي، وبينها دودشاني الواقعة على الضفة الغربية لنهر دنيبر. كذلك، أظهرت خارطة منطقة خاركيف الواقعة في شمال شرق أوكرانيا أن الروس خرجوا بشكل شبه كامل من الضفة الشرقية لنهر أوسكيل، وهي الناحية الأخيرة التي كانت القوات الروسية لا تزال تُسيطر عليها في المنطقة، بعدما تعرّضت فيها قوات موسكو لهزائم مذلّة.

لكن الجيش الروسي المحرج أمام الرأي العام الداخلي والدولي على حدّ سواء، لم يُعلن أي انسحاب ولم يُدل بأي تعليق في شأن التراجع الملحوظ الذي تظهره خرائطه، في حين دعت سلطات الاحتلال الروسي في جنوب أوكرانيا إلى عدم "الهلع" حتى لو اضطرّت القوات الروسية إلى التراجع أمام الهجوم المضاد الأوكراني الساحق. واعترف "حاكم" منطقة خيرسون فلاديمير سالدو بحصول "اختراق" أوكراني، خصوصاً بخسارة بلدة دودتشاني، قبل أن يدّعي بأنّ الطيران الروسي "أوقف" التقدّم الأوكراني.

وفي السياق، اكتفت قيادة الأركان الأوكرانية بالإشارة في بيان إلى أن "العدو محبط" في الجنوب، متحدّثةً عن أن الروس "يتخلّون عن مواقعهم وينسحبون إلى (مناطق تقع على) مسافة آمنة، ويُدمّرون مخازن الذخيرة التابعة لهم ويُحاولون تدمير الجسور". وكشف مساعد وزير الداخلية الأوكراني يفغيني انين تحرير 50 ناحية في خيرسون، فضلاً عن تأكيد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تحقيق مكاسب سريعة في الجنوب وتحرير "عشرات القرى".

تزامناً، أبلغ الرئيس الأميركي جو بايدن نظيره الأوكراني بأن واشنطن أرسلت 625 مليون دولار أخرى من المساعدات العسكرية لأوكرانيا، بما في ذلك 4 قاذفات صواريخ "هيمارس" و32 مدفع "هاوتزر" وعشرات الآلاف من الذخائر الخفيفة وذخيرة المدفعية وأنظمة الألغام و200 عربة مدرعة. ووعد الرئيس الأميركي بـ"مواصلة دعم أوكرانيا طالما لزم الأمر بينما تُدافع عن نفسها ضدّ العدوان الروسي".

وبعد قيام روسيا بضم 4 مناطق أوكرانية، تعقد الجمعية العامة للأمم المتحدة الإثنين اجتماعاً طارئاً لتنظر الدول الأعضاء خلال هذه الجلسة في قرار قيد الإعداد يتعلّق بـ"الضمّ"، بعد استخدام موسكو لحق النقض خلال اجتماع لمجلس الأمن في شأن هذه المسألة، فيما حذّر مكتب المفوض الأممي السامي لحقوق الإنسان من أن إعلان روسيا ضمّ مناطق أوكرانية لن يؤدّي إلّا إلى مزيد من الانتهاكات لحقوق الإنسان، وذلك في تقرير سلّط الضوء على معاناة "تفوق الوصف" يعيشها أوكرانيون.

توازياً، يتوجه مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي إلى كييف وموسكو في وقت لاحق من الأسبوع الحالي، لمواصلة مشاوراته في شأن إقامة منطقة أمان وحماية نووية حول محطة زابوريجيا الأوكرانية للطاقة النووية التي تُسيطر عليها روسيا، فيما أكد غروسي أنه "لا يوجد أي خطر" أمني على المحطة.

وفي الأثناء، وقّع الرئيس الأوكراني مرسوماً يؤكد رسميّاً "استحالة" إجراء محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لكنّه أبقى الباب مفتوحاً لإجراء محادثات مع روسيا، التي ردّت بالقول إن "عمليّتها العسكرية الخاصة" في أوكرانيا لن تنتهي إذا استبعدت كييف الدخول في محادثات، مشيرةً إلى أنّها ستنتظر تغييراً في موقف كييف أو تغييراً للرئيس.

أمّا في الداخل الروسي، فالتحق أكثر من 200 ألف شخص بصفوف الجيش الروسي منذ إعلان بوتين عن "التعبئة الجزئية" في 21 أيلول، بحسب وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، فيما تسعى موسكو إلى حشد 300 ألف جندي احتياط.

ديبلوماسيّاً، أعلنت الخارجية اليابانية قنصلاً من مكتب القنصلية العامة الروسية في سابورو شخصاً غير مرغوب فيه، وطالبت بمغادرته في غضون 6 أيام، أي بحلول العاشر من تشرين الأوّل، وذلك بعد أن طالبت طوكيو الأسبوع الماضي موسكو بالاعتذار عن توقيف ديبلوماسي مقيم في مدينة فلاديفوستوك بشرق البلاد، متّهمةً روسيا بعصب عيني الرجل ومنعه من الحركة في "أفعال لا تُصدّق".

وكان لافتاً ومثيراً للريبة بالأمس إعلان الشرطة الدنماركية تلقيها تقارير عن طلعات غير مرخصة لطائرات مسيرة قرب حقول غاز في بحر الشمال. وبحسب نشرة "قطاع الأوفشور الدنماركي" المتخصّصة، فإنّ المسيّرات رُصدت قرب حقل "رور" الواقع على بُعد أكثر من 200 كلم قبالة الساحل الغربي للدنمارك، والذي تشغله مجموعة الطاقة الفرنسية "توتال إينرجي". وهذه المرّة الثانية التي يبلغ فيها عن حوادث مماثلة خلال أسبوع.


MISS 3