المصارف لم تقل «كل الحقيقة»!

02 : 00

على أثر تكرار عمليات اقتحام البنوك التي تتوالى فصولاً، خرجت جمعية المصارف عن صمتها الذي اعتصمت به طويلاً، مصارحة المودعين في بيان بحقيقة تبخّر ودائعهم.


باستثناء التهديد المبطن بـ«الويل والثبور وعظائم الامور»، في حال لم تتحمل الدولة مسؤولية التعويض على البنوك من الملك العام، فإنّ ما ساقته جمعية المصارف من تبريرات للإجابة على أسئلة المودعين على غرار أين هي الودائع؟ ومن المسؤول عن ضياعها؟ وأي مصير ينتظرنا؟... هو كلام حقيقي بنسبة 99 في المئة لكنه لم يكن «كل الحقيقة»، التي تتمثل بعدم انتفاضة البنوك، كل البنوك، على إجراءات المصرف المركزي الذي جعل منها «المموّل الأساس في عملية تغذية «هرم بونزي»، ووقوعنا في الازمة التي نتخبط فيها اليوم من دون مخرج»، بحسب مصادر مصرفية متابعة «لا بل إن العديد من المصارف كانت تطالب بعد العام 2014 بهندسات مالية خاصة لانقاذها وتعظيم أرباحها، على حساب مال المودعين والمال العام».


فقد غاب عن بيان المصارف تهافتها على تحصيل الفوائد العالية من توظيف ودائع قصيرة الآجال، لفترات متوسطة وطويلة في المصرف المركزي، وهو الامر الذي يتعارض مع أبسط قواعد العمل المصرفي السليم. كما غاب عن بالها أن مصارف عدة تسابقت في العامين 2018 و2019 لجذب الودائع الكبيرة من الخارج للاستمرار في تدعيم مخطط «بونزي» الذي لم يكن خافياً عليها. فزادت الودائع الائتمانية بنسبة كبيرة مقابل الوعد بفوائد باهظة على العملة الاجنبية. وبحسب المصدر فإن «ادعاء جمعية المصارف عجزها عن التصدي للسياسات المالية والنقدية ليس صحيحاً. بل ان وقوفها يداً واحدة في وجه هذه السياسات، ولا سيما عندما انتفض رئيس جمعيتها فرنسوا باسيل، والذي بالمناسبة لم تسمه الجمعية أمس في بيانها، مكتفية بالاشارة إلى انه كان رئيس جمعية المصارف آنذاك، كان كفيلاً بايقاف هذه المهزلة ووضع حد لها، إلا أنه في الحقيقة كانت المصارف مستفيدة كثيراً من الوضع القائم، وكانت أيضاً على ثقة عمياء بحاكم مصرف لبنان، ووعوده بأنه قادر على الاستمرار في تمويل الهرم الاحتيالي إلى ما شاء الله، في حال استقرار الاوضاع السياسية والامنية في البلد. وهذا ما لم يحصل».


أخطر ما في بيان جمعية المصارف هو نهايته. فهي وضعت الجميع أمام حل من اثنين إما تعويض الدولة من الملك العام على المصارف، لتقوم الاخيرة بالتعوض على المودعين. وهي سياسة غير مضمونة النتائج للعديد من الاسباب ليس أقلها أهمية التقدير الخاطئ لايراد الملك العام. وإما بقاء الوضع على ما هو عليه اليوم، وبالتالي، إذا ما استمرت الأحوال على ما هي عليه، فكان تهديد المصارف صريحاً بأنّ «الأمل باسترداد الودائع سيضمحل!».


MISS 3