دريان للبنانيين: لا أفق لأي حلول

15 : 55

وجه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، اليوم الجمعة، رسالة الى اللبنانيين لمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف.


وقال دريان: "أيها المسلمون، أيها اللبنانيون: نحن اليوم، وفي ذكرى البشير والنذير، نشعر بمسؤوليات رسالة الرحمة، التي بلغنا إياها صاحب الخلق العظيم، صاحب أخلاق الرأفة والرحمة. نسير بسيرته، ونتخذ أخلاقه، وقد كان كما قالت عنه السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: (كان خلقه القرآن)، ونبذل أقصى الجهد، لنكون كما أراد لنا أن نكون، عندما قال: (إنكم قادمون على إخوانكم، فأصلحوا رحالكم، وأصلحوا لباسكم حتى تكونوا كأنكم شامة في الناس، فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش)".


وأضاف: "هكذا، وبأخلاق المسؤولية في يوم المولد الشريف، نجد أنفسنا متوجهين إلى جمهور المسلمين، وكل اللبنانيين، بشأن ما حصل ويحصل في الشأن الوطني، ولا هم إلا الاستحداث على العمل معا، من أجل استنهاض الوعي لدى كل المتصدرين للعمل العام بالضرورات التي تفرضها التحديات التي تكاد تدمر السلم الأهلي، وبقاء النظام والدولة"!


وتابع دريان: "انطلاقا من هذا الإحساس بالمسؤولية، وضرورات التعاون والتضامن، قمنا بدعوة السادة النواب إلى دار الفتوى، للتشاور بشأن مواصفات الرئيس الجديد، وتجنب الفراغ الذي يزيد من الاضطراب في المؤسسات الدستورية، ويزعج الشركاء المسيحيين أشد الإزعاج، وقد قيل الكثير الكثير عن الاجتماع بدار الفتوى، ويبقى لنا وللسادة النواب الالتقاء للتشاور في شأن عام يهم كل المواطنين، ويهم أشقاءنا العرب، وأصدقاءنا في العالم".


وأشار الى أنه "قبل اجتماع دار الفتوى وبعده، لا نشعر بالرضا عن مسار الأمور فيما يتعلق بهذا الملف، إذ يبدو أن معظم العاملين في الشأن العام، يستسلمون للفراغ المفروض، كما حصل في السابق، من أجل الإرغام على الذهاب في النهاية، باتجاه المرشح المعين".


ورأى أنّ "هذا توجه لا ينافي الديمقراطية وإرادة اللبنانيين فقط؛ بل ويكرر أيضا مسارا أدركنا جميعا سوءه وشره. هل تعرفون أيها الإخوة ما الذي يحصل؟ الذي يحصل هو الوصول إلى روتين الرئاسة ذات الشكل والمنحى الواحد، بحيث يصبح حضورها مثل غيابها. وبالطبع فإن اللبنانيين لا يريدون ذلك!".


كما شدد دريان على أنّ "الذي يحصل مع الرئاسة، حصل مثله وأكثر مع رئاسة الحكومة"، متسائلًا: "كيف تدار دولة بدون سلطة تنفيذية فاعلة وكاملة الصلاحيات؟".


وأردف: "لنتابع ما يحصل الآن، بل ومنذ أشهر، في تعذر إقامة حكومة جديدة، والتشكيك في مشروعية الحكومة القائمة، أو في قدرتها على ممارسة صلاحياتها! وهكذا، وبدلا من فراغ واحد في الرئاسة، يصبح هناك فراغان، في الرئاسة وفي الحكومة".


ولفت الى أنّ "المواطنين الطيبين يعتبرون أنه بدأ عهد اللادولة. وهذا صحيح، لكن الصحيح أيضاً أن هناك من ينفرد بالتخطيط والإدارة وممارسة التعطيل. نعم، هناك إدارة خفية. ونحن لا نرى خيرا ولا فائدة في الإدارة الخفية، فهي ما أسهمت في حل الأزمات التي كانت أحد أهم أسبابها، وهي تفعل ما تشاء دون أن تكون مسؤولة أمام الرأي العام؛ بل المسؤولون رسميا هم الذين لا يملكون القيام بشيء في الحقيقة. فلندع هذه الازدواجية المدمرة، ولتكن عندنا حكومة جديدة ورئيس جديد أو يحكم الطرف إياه وحده مع المطبلين والمزمرين، لكن ينبغي أن يكون مسؤولا اليوم وغدا أمام اللبنانيين".


واستطرد دريان قائلًا: "إن الذي أود مصارحة اللبنانيين به، أن همنا الأول، هو الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي تحدث اضطراباً هائلاً، دون أن يبدو أفق لأي حلول، واللبنانيون جميعاً مضطربون تحت وطأة ذلك، لكن أهل طرابلس والشمال، هم الأشد اضطرابا، وهم يقبلون على الموت بنفسية ما هو أشد من الموت: اليأس!".


وختم مفتي الجمهورية اللبنانية رسالته: "أيها المسلمون، أيها اللبنانيون، مع بدء الرسالة المحمدية، وبين أول ما نزل من سور القرآن، سورة قريش، أو الإيلاف، والله سبحانه، يمن على القرشيين بأنه أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف. في يوم مولدك يا رسول الله، صلوات الله وسلامه عليك، نشكو: أنه لا إيلاف عندنا ولا ائتلاف، وأننا نعاني الجوع والخوف، وأن كثيرين عرضوا تضامنهم ومساعدتهم؛ لكن الجهات المسؤولة الظاهرة والخفية، ما قبلت المساعدة، ولا إجراء الإصلاحات". 

MISS 3