لندن تفرض عقوبات على "شرطة الأخلاق"

الإحتجاجات تتمدّد في إيران: مواجهات وإضرابات عمّالية

02 : 00

طلى طلاب أيديهم باللون الأحمر تنديداً بحملة القمع الدموية في جامعة أزاد في طهران (أ ف ب)

ما زالت رياح "ثورة النساء" تعصف في إيران بعكس ما تشتهي سفن النظام، إذ سقطت كلّ توقعات طهران بإخماد سريع للحراك الشعبي عبر سفك دماء الفتيات والشباب في شوارع المدن وساحات القرى كي تزرع الرعب في نفوس الثائرين وتلجم ثورتهم في مهدها، لكن عزيمة الجيل الصاعد وإصراره على رفض العبودية والذلّ ولو كان الثمن الموت في سبيل الحرّية، كانا بالمرصاد.

وتتواصل التظاهرات الحاشدة للأسبوع الرابع في أنحاء إيران كافة، حيث يواصل المحتجّون تحدّي النظام وأجهزته القمعية ومواجهته باللحم الحي، مطالبين بإسقاط نظام الجمهورية الإسلامية، فيما تتمدّد الاحتجاجات لتطال مختلف القطاعات والفئات الاجتماعية، وسجّلت أمس اعتصامات طالبية وإضرابات عمّالية وتظاهرات نسائية.

وأظهرت تسجيلات فيديو نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي تنظيم احتجاجات في نقاط مختلفة في العاصمة وغيرها من المدن، تخلّلها إحراق نساء حُجُبهنَّ وصور مؤسّس الجمهورية الإسلامية روح الله الخميني والمرشد الأعلى علي خامنئي وإطلاق هتافات تُطالب بتغيير النظام القائم، فيما اتّهمت منظّمة "هنكاو" الحقوقية الكردية السلطات الإيرانية باستخدام أسلحة رشاشة وثقيلة و"قصف" أحياء في سنندج بالمدفعية.

وسُمع دوي طلقات نارية في مدينة سقز، مسقط رأس الضحية مهسا أميني، وفق المنظمة ومقرّها النروج. ونشرت "إيران هيومن رايتس" ومقرّها أوسلو مشاهد لاعتصام في جامعة غيلان في شمال إيران ولتلميذات في مدينة مهاباد في شمال إيران ينزعنَ حُجُبهنَّ. كذلك، نشرت تسجيل فيديو ذكرت أنه لحشد كبير من الطلاب أمام كلية الفنون التطبيقية في طهران تجمّعوا أمس للتنديد بـ"الفقر والفساد" هاتفين "الموت للديكتاتور".

وأظهرت مشاهد جديدة تم تداولها على شبكات التواصل الاجتماعي، طالبات في جامعة الزهراء للإناث في طهران يُطلقنَ هتافات مناهضة للنظام في حرم الجامعة خلال زيارة للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي السبت. وفي جامعة أزاد في طهران، طلى طلاب أيديهم باللون الأحمر تنديداً بحملة القمع الدموية التي تواجه بها السلطات الاحتجاجات.

وأفادت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء "إرنا" بأن الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع "لتفريق حشود في عشرات المواقع في طهران"، مشيرةً إلى أن المتظاهرين "أطلقوا هتافات وأحرقوا ممتلكات عامة وألحقوا بها أضراراً، بما في ذلك كشك للشرطة". وأظهر تسجيل فيديو تمّ تداوله على نطاق واسع، إمرأة تسير من دون حجاب في أحد شوارع مدينة كرمنشاه في شمال غرب البلاد، احتجاجاً على قواعد اللباس الصارمة، فاتحة أيديها لتقديم "عناقات مجانية" للمارة.

كذلك، سُجّلت مؤشرات تدلّ على اضطرابات عمّالية، ونشرت وسائل إعلام فارسية خارج إيران مقاطع مصوّرة تُظهر عمّالاً مضربين يحرقون الإطارات أمام مصنع للبتروكيماويات في عسلويه في جنوب غرب إيران. وأفادت "إيران هيومن رايتس" بقطع عمّال الطرق هناك، كما وردت تقارير عن إضرابات في مصاف نفطية في آبادان الواقعة في غرب إيران وفي كنكان الجنوبية.

وبينما حذّر المتحدّث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني من أن الحكومة "لا يُمكنها التزام الصمت تجاه الاضطرابات"، تحدّثت منظمات حقوقية عدّة عن تسجيلات فيديو توثّق وحشية قوات الأمن في قمع التظاهرات، مشيرةً إلى تعرّض محتجّين للضرب بالعصي على يد الشرطة. ويتّهم نشطاء السلطات بتنفيذ عمليات توقيف جماعية وحظر سفر لقمع الاحتجاجات لم تستثنِ حتى المشاهير.

وحجزت السلطات الإيرانية جواز سفر لاعب كرة القدم السابق علي دائي، أحد أبرز الأسماء في تاريخ المنتخب الوطني، وذلك لدى عودته من الخارج، على خلفية انتقاده تعاملها مع الاحتجاجات. لكنّها أعادته إليه في وقت لاحق أمس، في حين تُنفّذ أجهزة النظام حملة قمع واسعة النطاق، وتشمل لائحة الموقوفين شخصيات رياضية وفنانين وصحافيين ومحامين ونشطاء وخبراء تكنولوجيا، وكذلك الطلاب والمواطنين العاديين.

كما قُتل "عدد" من السجناء وأُصيب آخرون بجروح خلال اضطرابات اندلعت داخل سجن لاكان بمدينة رشت مركز محافظة كيلان في شمال إيران الأحد، حيث تدخلت خلالها قوات الأمن مستخدمة الغاز المسيل للدموع، بينما لم يُعرف إن كانت المواجهات داخل السجن على علاقة بالحراك الشعبي. وباتت الاحتجاجات متعدّدة الأوجه، من مسيرات في الشارع مروراً باعتصامات طلابية وإضرابات عمّالية وصولاً إلى تحرّكات اعتراضية فردية، وهو ما يُعقّد محاولات السلطات قمع التحرّكات الشعبية وتحجيمها.

وبعد الولايات المتحدة وكندا، فرضت المملكة المتحدة عقوبات على مسؤولين إيرانيين و"شرطة الأخلاق". وذكرت السلطات البريطانية أن قيودها الجديدة تطال "شرطة الأخلاق بمجملها"، بما في ذلك رئيسها محمد رستمي جشمه كتشي. كذلك، تشمل العقوبات رئيس قسم طهران في هذا الجهاز حاج أحمد ميرزائي.

وقال وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي إن العقوبات تمنع كلّ من شملتهم من السفر إلى المملكة المتحدة وتجمّد أصولهم في البلاد. وجاء في بيان للوزير البريطاني: "تقف المملكة المتحدة إلى جانب شعب إيران الذي يُطالب بشجاعة بمحاسبة حكومته وباحترام حقوقه الإنسانية الأساسية"، مؤكداً أن "هذه العقوبات توجّه رسالة واضحة للسلطات الإيرانية مفادها أننا سنُحاسبكم عن قمعكم للنساء والفتيات وعن أعمال العنف الصادمة التي تُمارسونها بحق شعبكم".


MISS 3