هل تحتاج إلى جراحة إنقاص الوزن؟

02 : 00

أجرى الدكتور توماس تساي، جراح متخصص بعلاجات البدانة في مستشفى "بريغهام" للنساء التابع لجامعة "هارفارد"، جراحة لإنقاص وزن امرأة قبل ستة أشهر فقط، لكنها تشعر منذ الآن بأنها أصبحت شخصاً مختلفاً. ذابت عشرات الكيلوغرامات في جسمها، لكن لم تقتصر المنافع على تراجع وزنها، بل انخفض أيضاً احتمال إصابتها بمشاكل صحية أخرى قد تطرح خطورة على حياتها.



تُعرَف هذه العمليات باسم جراحة علاج السمنة أو جراحة الأيض، في إشارة إلى الآثار التي تعطيها على مستوى الوزن وتحويل المأكولات إلى مصادر طاقة في الجسم، وقد تكون الملجأ الأخير لمن يتحمّلون 45 كيلوغراماً وما فوق من الوزن الزائد. لكن يعتبر الأطباء والمرضى جراحة إنقاص الوزن اليوم أداة استباقية للوقاية من المخاطر الصحية المرتبطة بالبدانة المفرطة، بما في ذلك السكري، وأمراض القلب، وانقطاع التنفس أثناء النوم.

أدوات متنوعة

يحارب عدد هائل من الناس البدانة أو الوزن الزائد حول العالم، وتُعتبر جراحة إنقاص الوزن جزءاً من الخيارات المتاحة للفئات البدينة على نحو حاد أو مَرَضي. يعني ذلك بشكل عام أن يبلغ مؤشر كتلة الجسم 40 وما فوق، أو 35 على الأقل لدى المصابين أصلاً بمشاكل صحية مرتبطة بالوزن مثل ارتفاع ضغط الدم، والكولسترول، والسكري، وانقطاع التنفس أثناء النوم.

في هذه الحالات، قد تصبح جراحة إنقاص الوزن أداة للتخلص من الكيلوغرامات الزائدة حين تعجز الحميات الغذائية، والتمارين الجسدية، والأدوية، أو أي علاجات أخرى، عن إعطاء المفعول المنشود. لكن لن يكون هذا الحل بسيطاً، بل إنه مجرّد أداة مساعِدة. لن تنجح الجراحة إذا لم يغيّر المريض طريقة تعامله مع الطعام والرشاقة.

يوضح تساي: "جراحة إنقاص الوزن لا تُحوّل الماراثون الطويل إلى سباق عدو يقتصر على مئة متر، بل إنها تترافق مع منحدرات وتقلبات متواصلة قبل أن يستقر الوضع عبر تغيير الأيض في الجسم. بعبارة أخرى، لن تكون الجراحة بديلة عن الجهود التي يُفترض أن يبذلها كل فرد".

تستعمل معظم جراحات إنقاص الوزن تقنيات غازية بالحد الأدنى، ما يعني أن يدسّ الجراح أدوات صغيرة عبر شقوق قليلة وضئيلة في البطن. تسمح هذه العمليات بتقليص حجم المعدة، بدرجات متفاوتة، وتُغيّر طريقة امتصاص المغذيات في الجسم. يُعتبر تكميم المعدة أو تحويل مسارها من أشهر العمليات في هذا المجال، لكن تتطلب العملية الثانية تغيير الأعضاء الداخلية بدرجة إضافية لتعديل طريقة الهضم ومستويات "هرمون الجوع". كذلك، يكون البعض مرشّحاً مناسباً لعملية ربط المعدة التي تقضي بوضع أنبوب قابل للنفخ حول المعدة للحد من سعتها.

منافع صحية كثيرة

يخضع عدد كبير من الناس، لا سيما النساء، لجراحة إنقاص الوزن سنوياً، وبدأت هذه الأعداد تتصاعد بوتيرة ثابتة. قد تسمح هذه العمليات بتخفيض خطر الوفاة المبكرة لدى البدينين بنسبة تصل إلى 50%، وفق معطيات "الجمعية الأميركية لجراحة السمنة والتمثيل الغذائي". برأي تساي، تتراجع الأدوية أو تعديلات أسلوب الحياة التي تعطي هذا الأثر الدائم على الصحة.

يستكشف عدد متزايد من الدراسات الحديثة المخاطر الصحية التي تُحسّنها الجراحة. وفق دراسة نشرها موقع مجلة "جاما" مثلاً في 3 حزيران 2022، يتراجع خطر الإصابة بالسرطان بنسبة 32%، وخطر الوفاة بنسبة 48%، لدى الراشدين البدينين بعد الخضوع لجراحة إنقاص الوزن، مقارنةً بمن لا يخضعون لهذه العمليات. ترفع البدانة خطر الإصابة بـ13 نوعاً مختلفاً من السرطان، وتشكّل هذه الأنواع مُجتمعةً 40% من جميع أمراض السرطان التي يتم تشخيصها سنوياً، وعلى رأسها سرطان بطانة الرحم.

يضيف تساي: "إنها أسباب وجيهة كي تكتشف المرأة تحديداً ما إذا كانت مرشّحة مناسبة لجراحة إنقاص الوزن".

تكشف دراسات عدة أن هذه الجراحة تُخفّض أيضاً خطر الإصابة بحوادث قلبية ووعائية حادة، مثل الجلطات الدماغية والنوبات القلبية، والمضاعفات الناجمة عنها. يقول تساي: "يستطيع بعض المرضى التوقف عن أخذ جميع الأدوية أو عدد منها، ويبدو أن حالات انقطاع التنفس أثناء النوم ومستويات سكر الدم تتحسّن أيضاً. حتى أن حركة المصابين بألم في الظهر أو المفاصل تتحسّن بكل وضوح".

باختصار، يستطيع المريض أن يتوقع خسارة بين 20 و30% من وزنه، وتتحقق هذه النتيجة في معظمها خلال أول سنة بعد الجراحة. لن تكون هذه العملية حلاً سحرياً، لكنها قادرة على تضخيم منافع أسلوب الحياة الصحي.


MISS 3