كلير شكر

"توتال" قد تبدأ التنقيب الإستكشافي في الربيع... إذا كانت جادة

12 تشرين الأول 2022

01 : 59

توتال تملك الدراسات الثنائية الأبعاد التي تمكّنها من بدء العمل

استيقظ اللبنانيون أمس على خبرين، الأوّل يفيد بتسلّم النسخة النهائية من المقترح الأميركي لاتفاق ترسيم الحدود البحرية، والثاني يتحدث عن وصول رئيس مجلس الإدارة المدير العام لشركة توتال رومان لامارتينيار إلى بيروت للقاء المسؤولين اللبنانيين والعمل على وضع خطّة منقّحة للتنقيب في البلوك رقم 9 تعيد لبنان إلى الخارطة النفطية، وهو الشرط الذي تمّ فرضه للقبول باتفاق الترسيم.

وفي جردة لأبرز محطات هذا الملف، يتبيّن أنه في التاسع من شباط 2018 وقّع لبنان للمرّة الأولى عقوداً مع ثلاث شركات دولية هي «توتال» الفرنسية و»ايني» الإيطالية و»نوفاتيك» الروسية للتنقيب عن النفط والغاز في رقعتين في مياهه الإقليمية. وقسّم لبنان المنطقة التي يفترض أن تحتوي الغاز والنفط إلى عشر رقع، وقد عرضت السلطات خمساً منها للمزايدة عليها، ووافقت على عرض من ائتلاف بين الشركات الثلاث على الرقعتين 4 و9. وبلغت حصة «توتال» 40 في المئة، مقابل 40 في المئة لـ»ايني» و20 في المئة لـ»نوفاتيك». وبناء على الإتفاقية الموقّعة بين الدولة اللبنانية وشركات التحالف ستحصل الدولة على نسبة تتراوح بين 56 و71% من إيرادات الرقعة البحرية رقم 4، وأخرى تتراوح بين 55 و63% من الرقعة رقم 9.

لكنّ شركة «نوفاتيك»، وهي ثاني أكبر منتج للغاز في روسيا، أعلنت في آب الماضي انسحابها من التحالف بحجّة الأوضاع الناجمة عن العقوبات الأميركية بحق روسيا، فسارعت السلطات اللبنانية لإبلاغ الشركة باستحواذها على حصّتها في اتفاقيتي الاستكشاف والإنتاج بالرقعتين 4 و9 في المياه البحرية اللبنانية، والبالغة 20%.

وخلال العامين 2018 و2019، بدأ ائتلاف الشركات بالتحضيرات التقنية وأجرى دراسات جيولوجية وجيوفيزيائية إضافية ومسوحات بيئية. وفي تشرين الأوّل من العام 2019، قدّم ائتلاف الشركات لوزير الطاقة والمياه طلب الحصول على رخصة الحفر في الرقعة رقم 4، وفي كانون الأوّل 2019، أصدر وزير الطاقة والمياه رخصة الحفر للبئر الأولى في الرقعة رقم 4. في شباط 2020، أصدرت وزارة البيئة موافقتها على تقرير تقويم الأثر البيئي. في الشهر نفسه، وصلت إلى مرفأ بيروت سفن الخدمات الثلاث التي ستؤمّن الدعم اللوجيستي لسفينة الحفر. وهي كلّها محطات ضرورية للبدء بأعمال الحفر.

ولم تمرّ أسابيع قليلة على انطلاق هذا المسار، حتى توقّف. إذ أعلنت شركة «توتال إي & بي» في 26 نيسان 2020، أنها أنهت «حفر البئر بيبلوس 16/1 في البلوك رقم 4 على عمق 4076 متراً في 26 نيسان 2020»، لافتة إلى أن «البئر تقع قبالة الشاطئ اللبناني على بعد حوالى 30 كم من بيروت في أعماق مائية تقارب 1500 متر». وأشارت إلى أن «البئر عبرت طبقة الأوليغو- ميوسين الجيولوجية المستهدفة بالكامل، وقد لوحظت آثار للغاز، الأمر الذي يؤكد وجود نظام هيدروكربوني غير أنه لم يتم العثور على خزانات في تكوين تمار، الذي شكّل الهدف الرئيسي لهذه البئر الإستكشافية». كان يفترض بالتحالف أن يحفر بئراً في الرقعة رقم 9 قبل 27 أيار 2021، لكنّه لم يفعل. ويُعدّ ذلك، مخالفة واضحة للعقد الذي ينصّ على وجوب حفر بئر استكشافية واحدة على الأقلّ في كل رقعة، خلال 3 سنوات من تاريخ موافقة الحكومة على خطة الإستكشاف (أيار 2018).

مطلع أيار الماضي، وتحديداً في الخامس منه، اتّخذت الحكومة قراراً بتمديد مهلة تنفيذ العقد والاستكشاف لثلاث سنوات، بحجة صعوبة اجتذاب شركات دولية، رغم تلكّؤ شركة «توتال» في تنفيذ التزاماتها، بعدما درسته هيئة إدارة قطاع البترول وأصدرت توصيتها في 20 نيسان 2022 (الرقم 2/2022) بالموافقة على التمديد بعد تعديلات في التفاصيل. وبعد درس الملف في الجلسة، وبناءً على اقتراح وزير الطاقة وليد فياض، أقرّ مجلس الوزراء تمديد مهلة تنفيذ عقد الاستكشاف لمدة ثلاثة أعوام في البلوك رقم 9 (تنتهي في 21 أيار 2025)، ولمدة عام واحد في البلوك رقم 4 (تنتهي في 22 تشرين الأول 2023).

وفي حال كانت شركة «توتال» جديّة في عودتها إلى لبنان، فيمكن لها أن تبدأ خلال أشهر قليلة، وتحديداً مطلع فصل الربيع المقبل، عمليات التنقيب الاستكشافي في مكمن قانا المحتمل خصوصاً أنّها تملك الدراسات الثنائية الأبعاد التي تمكّنها من بدء العمل بفعالية، وفق ما يؤكد بعض الخبراء الذين يشيرون إلى أنّ ما يساعد على هذا السيناريو هو أنّ الشركة الفرنسية ستبدأ مطلع العام المقبل عمليات حفر أيضاً على الشاطئ القبرصي، ما يعني الاستعانة بالمعدّات ذاتها في حال قرّرت بدء الحفر في الرقعة رقم 9، مع العلم أنّ هؤلاء يشيرون إلى أنّ الشركة كانت جادة في الانتقال من الرقعة 4 إلى الجنوب، ولكنّ الاعتبارات السياسية هي التي أدّت إلى توقف العمل.

ويلفتون إلى أنّ السيناريو السلبي قد يؤجل بدء الأعمال الإستكشافية إلى نهاية العام المقبل خصوصاً إذا تأخر العمل في القاعدة البحرية الموجودة في المرفأ والتي تضرّرت جرّاء الإنفجار، ودراسة التقييم البيئي.