مايز عبيد

البخاري في طرابلس: وكأنه سعد جديد وسعودية جديدة ولبنان لا مكان فيه لإيران!

13 تشرين الأول 2022

02 : 00

على مشارف الإنتخابات الرئاسية، يواصل السفير السعودي وليد البخاري جولاته ولقاءاته سواء تلك التي يعقدها في دارته في بيروت أم على هامش جولاته المناطقية، وآخرها قبل أيام كانت في طرابلس حيث شملت زيارته الأطراف والشخصيات السياسية كافة، ومقر المجلس الإسلامي العلوي في جبل محسن والقائم بأعمال المجلس الشيخ حسن عصفور.

وإذا كانت زيارة عصفور لا تحمل دلالات كثيرة في مضامينها إلا أن معناها يكمن في الشكل. فهي تعبّر عن سياسة سعودية جديدة في لبنان قوامها التعاطي مع كل الأطراف على الساحة السياسية بما فيها التي لم تكن يوماً في جدول اهتماماتها. والبخاري في هذا الشأن يمثّل سياسة دولته. فهو يحرص في زياراته على لقاء أكبر قدر من الفاعليات وحضورها، ومصافحة الجميع والتقاط «السيلفي» معهم تماما كما كان يفعل سعد الحريري، حتى أن البعض شبّه جولات البخاري في طرابلس والشمال والتي خلت من أي كلام في التنمية لصالح الكلام السياسي، بما كان يحصل خلال جولات سعد وأحمد الحريري.



ولعل اللافت في الزيارة الطرابلسية أيضاً من الناحية السياسية تطور العلاقة بين البخاري والنائب أشرف ريفي، إذ ومع أن البخاري قد زار مختلف الشخصيات الطرابلسية ومنها النائب السابق فيصل كرامي والنائب طه ناجي (الأحباش)، إلا أن الزيارة بدت وكأنها زيارة لريفي أو بدعوة من الأخير. فالسفير الخلوق المثقف الواعي للتركيبة اللبنانية كما وُصف في حفل الغداء الذي أقامه على شرفه محمد أديب شقيق زوجة اللواء ريفي في منتجع «الميرامار» - القلمون، جال على النواب ولبّى أكثر من مناسبة وزار قلعة طرابلس برفقة ريفي. لكن وفي مأدبة الغداء التي كانت جامعة ولبّتها الأطياف السياسية الطرابلسية كافة تقريباً، برز في كلام السفير موقفان مهمان. في الموقف الأول حسم البخاري بأن لبنان يمر بمرحلة انتقالية والمملكة لن تتعامل مع أي شخصية سياسية عليها شبهات فساد. وفي الثاني أعاد التأكيد ولو مواربة، بأن لبنان مقبل على مرحلة جديدة وما يتوق إليه اللبنانيون من عودة الإزدهار يحتم عليهم أن يحددوا مسارهم وخيارهم لجهة الإصطفاف بجانب المشروع العربي ومناهضة المشروع الفارسي الإيراني. وتلقف اللواء ريفي الأمر في كلمته فأكد الجهوزية التامة للتصدي للمشروع الإيراني في لبنان الذي يهدف إلى تحقيق مصالح إيران على حساب لبنان وشعبه.

كان اللافت أيضاً أن يقول ريفي «إن المرحلة المقبلة وكما هي بحاجة إلى رئيس جمهورية يعيد لبنان إلى الحضن العربي ويجمع حوله اللبنانيين، هي بحاجة أيضاً وبنفس القدر إلى رئيس حكومة من خارج المنظومة وغير مرتبط بفساد». فهل أراد ريفي ان يقدّم ترشيحه مبكراً لترؤس حكومة ما بعد الرئاسة سيما وأنه يعلم بأن المملكة ناخب أساسي في الرئاسة وفي اختيار اسم رئيس الحكومة المقبل؟ وهل يجول هذا الأمر فعلًا في خاطر السعودية أو في خاطر سفيرها؟

بدا خلال الزيارة تناغم كبير بين ريفي والبخاري، اضافة الى تمكن السفير من بناء علاقة متينة مع نواب طرابلس الجدد الآخرين: إيهاب مطر، عبد الكريم كبارة، رامي فنج، إيلي خوري، جميل عبود... وحتى مع النواب السابقين في طرابلس وخارجها، ومن كان منهم إلى الأمس أخصام سعد الحريري وحلفاء «حزب الله» من الطائفة السنية. حتى النواب الذين دخلوا الندوة البرلمانية من قدامى «المستقبل» وكانت لدى البعض منهم إلى الأمس القريب مآخذ على البخاري والسعودية بسبب تجاهلها للحريري، يمكن أن يقال بأنهم قد طلبوا اللجوء السياسي لدى سفير المملكة وصاروا يقولون فيه ما لم يقله مالك في الخمرة.

انطلاقًا من كل هذه المعطيات يمكن الإشارة إلى أنه وبإزاء خروج الحريري من الساحة السياسية وبالأخص السنية ومحاولة «حزب الله» ملء فراغ الحريري الذي كان يجمع أكثرية سنية إلى جانبه من دون مواجهة إيران وسياستها في لبنان، هناك سياسة سعودية جديدة ومواجهة لهذا المشروع عبر السفير مباشرة، بأدوات كان يستعملها الحريري وغيرها، في محاولة للتصدي لمشروع إيران في لبنان وإظهار وجه لبنان العربي من جديد.


MISS 3