"ندعو إلى يقظة المسؤولين"... كولونا مختتمة زيارتها: التّدهور والوضع الدوليّ لا يسمحان بالفراغ

18 : 36

إختتمت وزيرةُ أوروبا والشّؤون الخارجيّة كاترين كولونا زيارتها الى لبنان بعد ظهر اليوم الجمعة، وعقدت قبيل مغادرتها، مؤتمراً صحافيّاً في غرفة الصّحافة في صالون الشّرف بمطار رفيق الحريري الدوليّ، في حضور سفيرة فرنسا في لبنان آن غريو ومديرة المراسم في وزارة الخارجيّة اللبنانيّة عبير العلي.


واستهلّت الوزيرة الفرنسية المؤتمر الصحافي بكلمة، تحدثت فيها عن أهداف زيارتها إلى لبنان ولقاءاتها مع المسؤولين اللبنانيّين، بالقول: "لقد جئتُ إلى لبنان في زيارةٍ قصيرة ولكنّها سمحت لي بالإجتماع مع الرؤساء الثلاثة، وأيضاً بتمضية الليلة في بيروت والإستفادة من الضيافة في لبنان بفضل السّيّدة السفيرة. كما وأشكر كلّ الفريق في السفارة الفرنسيّة الذي ساعدنا في تنظيم هذه الزيارة المهمة لنا وكل طاقم عمل السفارة".


أضافت: "الزيادة تدخل أيضاً بعد الإتفاقية حول ترسيم الحدود البحرية وهي اتفاقية تاريخيّة، حصلت قبل الواحد والثلاثين من تشرين الأول، وعلى البرلمان اللبنانيّ الاجتماع قبل نهاية هذا الشهر لإنتخاب رئيس جديد وهذه لحظة مهمة للغاية للبنان. وقد جئت بطلب من رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون بالتشاور مع شركائنا الاصدقاء للبنان، للاجتماع برئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي وأشكرهم على لقائهم بي وايضاً على نوعية المحادثات التي عقدناها".


وتابعت: "الرسالة التي أحملها اليوم سهلة، يجب احترام الاستحقاق الدستوري وهذه ضرورة أساسيّة للبنان وهذه رسالة منا من بلد صديق ومخلص وكان دوماً الى جانب لبنان في ساعات السعادة وفي الأوقات الصعبة، وهو يحمل للشعب اللبناني صداقة عميقة كانت دائمة ومستقرة وهذه الصداقة تسمح لنا بالقول إنّ لبنان لم يعد يستطيع أن يتحمل خطر فراغ في السلطة وعلى كل القادة اللبنانيين أن يكونوا على مستوى مسؤولياتهم الدستورية لأن الوضع يفرض ذلك. وقد قلت ذلك في أوائل ايلول لا أحب أن أكرر نفسي عادة=، ولكن ينبغي أن نقوم بذلك مجدداً لأننا نرى أن لبنان لم يعد يستطع تحمل الأزمة الاقتصادية التي لا سابق لها، ومن دون أي تحرك فإن الانهيار في لبنان سيستمر".


وقالت: "في الإطار الحالي، إنّه مكلف وايضاً خطير أن يفرض على اللبنانيين أزمة سياسية لها توابع وعواقب لأزمة سياسية اخرى، وقد تمّ انتخاب برلمان جديد في لبنان ضمن المهل الدستورية ويجب أن تكون المسألة نفسها بالنسبة إلى انتخاب رئيس الجمهورية، والخطر والتحدي هو في تجنب أي فراغ رئاسي بعد انتهاء مدة الرئيس الحالي".


أضافت: "هذا الموقف واضح وأنقلُه إليكم بكل بساطة وهو موقف نشاركه مع جميع أصدقاء لبنان في أوروبا وفي أماكن أخرى وإنّ خيار الرئيس اللبناني المقبل يعود للبنانيّين وحدهم، رئيس يستطيع ان يرأس الشعب اللبناني ويعمل مع اللاعبين الاقليميين والدوليين لتخطي الأزمة الحالية لضمان استقرار وازدهار وامن وسلامة لبنان. قلت إنّه موقف فرنسا لكنه ايضاً موقف موحد لجميع الشركاء وجميع أصدقاء لبنان، وأعرف أنّ لبنان واجه أزمات وعرف صعوباتٍ وفترات فيها فراغ في السلطة ولكن لم نعُد في العام 2014، فالوضع تدهور اقتصادياً واجتماعياً، ولبنان لا يستطيع في العام 2022 أن يسمح بفراغٍ دستوريّ وعلى الدولة أن تعمل، وقد شجعت على تعزيز تشكيل حكومةٍ تُمارس عملها بالكامل وتستطيع أن تعمل لمصلحة البلد ولمصلحة جميع اللبنانيين".


وتابعت: "البلد يمر في وضع صعب للغاية كما تعلمون جيداً. فالوقت مهمٌّ ويجب اليقظة، لأن ذلك ملّح وضروريّ ولكنه ممكن وقد أثبت لبنان وظهر ذلك عندما أنجز اتفاقاً تاريخيّاً مع اسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية للبلدَين، وفرنسا تُحيي هذه الاتفاقية التاريخية. وكما تعرفون، عملنا بقوة لانجازه إلى جانب الاميركيّين، وتم عقد هذا الاتفاق ويجب الآن توقيعه وبعد تطبيقه ووضعه قيد التنفيذ، سيكون لمصلحة البلدَين، وإشارة أساسيّة إلى ازدهار واستقرار المنطقة، وهو اتفاقٌ يبرهن أنّ الحوار يحمل دائماً ثماره".


وأردفت: "هذه رسالةٌ أحملها لكم اليوم, إنّ السلطات اللبنانية مشتركة قادرة على اتّخاذ قراراتٍ لازمةٍ تفرضُ نفسها، وبالتأكيد هذا الاتّفاق لن يحلَّ مكان الاصلاحات الاقتصاديّة والماليّة التي تبقى ضروريّة والأولويّة بالتأكيد لهذه النقطة هي تطبيقُ الاتّفاقية التي تمّ التوصُّل إليها مع البنك الدوليّ العام المنصرم، وذلك هو الخيار الوحيد لإرسال رسالة ثقة إلى المستثمرين من القطاع الخاص والاتيان لهذا البلد بالتمويل الذي يحتاجه لمواجهة تدهور الخدمات العامّة والقيام بالإصلاحات الضروريّة للنظام الاقتصاديّ والماليّ، هذا هو الخيار الوحيد لإعادة إطلاق نشاطاتٍ وعمل المؤسسات ولم يعُد من الطبيعي أو من المقبول أن يستمر الشعب اللبناني بتحمل عواقب أزمة من أوجه عدة ليس هو مسؤولاً عنها. إذاً، المجتمع الدوليّ هنا، وفرنسا هنا تدعم الشعب اللبناني،  وجميع أصدقاء لبنان سيساعدونه طالما هو سيساعد نفسه".


وقالت: "بعد عامين من انفجار مرفأ بيروت ذكرت أيضاً أنّ الشعب اللبناني ينتظر العدالة وعلى السلطة القضائية أن تتابعَ عملها بالتحقيق بمنأى عن أي تأثيراتٍ سياسية".


أضافت: "لقد جئت إلى هنا لكي أحيّيَ أيضاً وأدعم مَن هم في لبنان يعملون لمصلحة بلدهم الذين هم متعلقون به جداً، ويساعدون مواطنيهم وهذا هو بالتأكيد معنى وروح الدعم الذي نُقدّمه نحن أصدقاؤكم وسنتابعه من دون أي استثناء وبشكلٍ خاص الدعم الذي نوفره لقطاع التربية والصحة في لبنان. وهذا كان أيضاً هدفاً للزيارة التي قمتُ بها اليوم إلى شبان من الصليب الأحمر اللبنانيّ، متطوعين يعوّضون عن غياب الخدمات العامّة ويقومون بما يستطيعون من تلقاء أنفسهم، وأنا أوجّه لهم التحية. إذاً، فرنسا تقفُ إلى جانب جميع هؤلاء اللبنانيين دائماً بالروح وبالوسائل وهذا هو معنى الزيارة التي أردت أن أقوم بها إلى لبنان والرسالة التي أردت أن أنقلها إليكم بعدما نقلتها إلى السُّلطات اللبنانيّة".


ورداً على سؤالٍ عن دور فرنسا في موضوع الترسيم البحريّ، والمهلة للقيام بالاستثمار واستخراج النّفط وموعد بدء "توتال" بعملها، قالت كولونا: "توتال مؤسّسة خاصة حتّى ولو كانت مؤسسة فرنسيّة، وفرنسا دعمت جهودَ الوسيط الأميركيّ وهذه الجهود كانت ضروريةً ضمن الفترة الزمنيّة ووصلت إلى نتيجةٍ جيّدة ويجبُ الانتهاءُ من كلّ الخطوات التي يتضمنها الاتفاق، وهي خطوة كبيرة وتاريخية ويجب الانتهاء من تقديم الاوراق والقيام بكلّ الاجراءات وبعد الانتهاء من ذلك فإنّ الشركات المختلفة المعنيّة تستطيعُ البدء بأعمالها بالإستخراج والاستثمار الذي نأمل أن يحصل".


وعن الاستحقاق الرئاسي، قالت: "أودّ أن أعلن أنّ ذلك ممكن وقد قلت لكم وأكرر أنّني آمل أن يتمكن الشعب اللبناني الذي يستطيع أن يتّحد عندما يجب أن يقوم بذلك، لأن ذلك الأمر بات يشكل احتراماً ليس فقط للمهل ولكن ايضاً لتجنُّب العواقب الاقتصاديّة والماليّة التي تنعكسُ على الشعب اللبنانيّ وأن يحترموا المهل، وهذه الدّيناميكيّة التي ظهرت حول التّوافُق على التّرسيم البحريّ، وكون أصدقاء لبنان مُلتزمينَ إلى جانبه وأظهروا أنّهم يستطيعون مساعدته وأنّنا جميعاً كما اللبنانيّين مع هذه الإرادة التي ندعو إليها بحيثُ يستطيع لبنان تخطّي كلّ هذه المشاكل ليصلَ إلى انتخاب رئيسٍ جديدٍ وبعد ذلك يكونُ هناك حكومة بالمستقبل تُمارس مهامها بالكامل. وهذه الأمور كلها وبعد الانتهاء مما يجب القيام به لكي يدخل الاتفاق مع البنك الدولي حيز التنفيذ ويصبح واقعاً".


ورداً على سؤال عن الحلول التي يعرضها المجتمع الدوليّ، قالت: "الأولويّة هي لمتابعة برنامج الاصلاحات والبعض منها قد وافقَ عليه البرلمان وأخرى ما زالت أمام البرلمان، ويجب الاستمرارُ بمتابعة العمل وفي الجلسات المقبلة للبرلمان يجب أن يمضي قدماً ويذهب لبنان إلى الأمام لأنَّ الوقت مهمّ وقلت بكل صراحة وإصرار وأمل إنه يجب أن نسرّعَ الانقاذ وإنّ الديناميكية موجودة ويجب الاستفادة منها وانتهاز هذه الفرصة بسرعة".


وعن موضوع إعادة النازحين السوريين إلى بلدهم، قالت: "هذا الموضوع نتابعه مع السلطات اللبنانيّة ومع المفوض الأعلى للاجئين الذي استقبلناه منذ بضعة أيّام في باريس وتحدثنا عن النازحين السوريين، وهناك أعداد كبيرة منهم ليس فقط في لبنان إنما في دول أخرى تتحمل أيضاً عبئاً كبيراً. وقد تحدّثنا أيضاً مع الاتّحاد الاوروبي الذي تمكّن من جمع مبالغ مهمة للغاية لمساعدة النازحين السوريّين في لبنان، ويبقى أنّ المفتاح الأساسيّ لهذه المشكلة التي تشكّل مأساة إنسانيّة وصعوبة إضافية يتحملها لبنان، يبقى في تحسن وحل الوضع الداخلي في سوريا، وجزء كبير من هؤلاء النازحين يرغب بالعودة ولكنّهم ليسوا مُستعدّين للقيام بذلك لخشيتهم من عدم ملاءَمة الوضع لعودتهم، وآخرون يرون في العودة الى قراهم ومدنهم الان يكون خطراً. هذا هو الواقع الذي ينبغي أن نعمل جميعاً على تحسينه وهذا ما نقوم به في فرنسا وفي الاتحاد الأوروبي والهيئة العليا للاجئين".


وعن المساعي التي بذلها الرّئيس الفرنسي في السابق تجاه لبنان، قالت: "المستقبل سوف يُجيبكم عن ذلك ولست أنا، ولكن الرسالة التي أردتُ أن أحملها اليوم ليست فقط بإسم فرنسا. وشرحت مرات عدة، أنّ هذه الرسالة هي من فرنسا ومن شركائنا في الاتحاد الاوروبي وأصدقاء لبنان الذين تجمعوا حوله لمساعدته في الآونة الأخيرة، وما تغير أنّ الوضع قد تدهور اكثر ولم يعد لدينا وقت كاف للتحرك، ونحن ندعو الى يقظة المسؤولين اللبنانيين وهذا امر ضروري وهم باستطاعتهم القيام بذلك. اذا، هي رسالة امل ويجب ألا نضيع الوقت من الآن وصاعداً".