جاد حداد

Science discovery

إكتشاف آثار أجناس بشرية منقرضة في كهف بولندي

20 تشرين الأول 2022

02 : 01

أعلن فريق من الباحثين للتو عن اكتشاف أدوات من الصوان كانت أجناس بشرية منقرضة تستعملها في الماضي. تعود هذه الأدوات إلى أكثر من نصف مليون سنة، ما يجعلها من أقدم الأغراض التي صنعها البشر وتمّ اكتشافها في بولندا. كان منطقياً أن يهزّ هذا الاكتشاف عالم الآثار لأنه قد يمنحنا معلومات جديدة عن أصل البشر وحياة أسلافنا.

نشر فريق متعدد التخصصات من الخبراء في جامعة وارسو نتائج الدراسة في مجلة "التقارير العلمية". ناقش العلماء في تقريرهم أدوات صغيرة من الصوان اكتشفها علماء الآثار منذ خمسين سنة في كهف اسمه "تونل ويلكي"، في بولندا. في تلك الفترة، لم يتصوّر علماء الآثار والحفريات الذين استكشفوا المنطقة إلى أي حد تلك القطع قديمة، ولم تحصل دراسة عميقة عن هذا الموضوع قبل مرور أربعة عقود.

أنتجت عملية استكشاف الآثار الأولية مجموعة من الأدوات، والأسنان، وعظام الثدييات الصغيرة. كان العلماء يظنون سابقاً أن أقدم آثار للبشر في تلك المنطقة تعود إلى 40 ألف سنة كحد أقصى. لكن تبيّن أن تلك الآثار تعود إلى فترة تتراوح بين 450 و550 ألف سنة.

تكلمت الدكتورة ماغورزاتا كوت، وهي المشرفة الرئيسية على الدراسة، عن أهمية هذا الاكتشاف، فقالت إن هذه الآثار هي أقدم أدلة على وجود البشر في بولندا.

تبيّن أن الآثار المُكتشفة تعود إلى فصيلة "إنسان هايدلبيرغ"، وهو سلف "إنسان نياندرتال". قد لا يكون هؤلاء البشر أسلاف "الإنسان العاقل" المعاصر مباشرةً، لكن من المعروف أن أسلافنا تزاوجوا مع "إنسان نياندرتال"، ما يعني أن هذه الفصيلة هي جزء من سلالتنا.

أهمية الاكتشاف

تعتبر كوت هذا الاكتشاف مفاجئاً. لم يتوقع العلماء أن يكتشفوا أي مستعمرات بشرية قديمة لهذه الدرجة في تلك المنطقة، لأن الظروف المناخية كانت قاسية جداً في تلك الحقبة. يأتي الاكتشاف الجديد إذاً لينسف جزءاً كبيراً من فرضياتنا السابقة. لكن يظن فريق كوت أن هذا الموقع زاد فرص صمود أسلافنا الذين عجزوا عن الهجرة نحو الشمال لأن الظروف كانت قاسية عليهم.

تذكر كوت في تصريحها لمجلة "العلوم في بولندا": "عثرنا على آثار قد تشير إلى احتمال أن يكون المقيمون هناك قد استعملوا النار، ما ساعدهم على الأرجح في تعديل تلك الأماكن القاتمة والرطبة. قد تعطينا هذه النتائج أيضاً معلومات جديدة عن القدرات التكيفية لإنسان هايدلبيرغ وتطور البشر عموماً".

على مستويات عدة، يُعتبر هذا الاكتشاف بداية الأبحاث في هذا المجال بالتحديد. تتابع كوت وفريقها العمل على تحديد تاريخ القطع الأثرية بحثاً عن أدلة أخرى حول سلوكيات أسلافنا، وتنقلاتهم، ونشاطاتهم اليومية. يأمل الباحثون أيضاً في إيجاد عظام "إنسان هايدلبيرغ" في كهف "تونل ويلكي". في حال العثور عليها، ستكون أقدم بقايا بشرية يتم اكتشافها في بولندا، وبفارق كبير عن عمر الآثار الأخرى. في الوقت الراهن، تعود أقدم العظام إلى "إنسان نياندرتال" منذ 50 ألف سنة فقط.