طوني فرنسيس

تجربة الفراغ الثالث

22 تشرين الأول 2022

02 : 00

ستتكرر، على الأرجح، تجربة الفراغ الرئاسي بنسختيْها، للمرة الثالثة، بعد انتهاء ولاية اميل لحود الممددة، وبعد انتهاء ولاية ميشال سليمان التي استعجل خصومه انهاءها.

في الحالة الأولى، بعد نهاية عهد لحود اقتضى حسم الفراغ القيام بحملة عسكرية كادت تتسبب بحرب أهلية جديدة. نزل «حزب الله» وانصاره إلى شوارع العاصمة حيث دارت معارك دموية قبل أن تتم دعوة الأطراف إلى الدوحة حيث فُرضت صيغة جديدة للحكم والحكومة وتمّ «تعيين» قائد الجيش رئيساً للجمهورية، قبل أن تستكمل عملية تعيينه لاحقاً في مراسم نيابية شكلية.

يمكن الحديث في حالة الدوحة عن تسوية فرضها ميزان قوى داخلي وعربي واقليمي ودولي. كان لسوريا دورها ولإيران كلمتها وللجانب الأميركي- الخليجي ثقله، والذهاب إلى خيار قائد الجيش ربما كان سببه الدور السلبي الذي لعبه الجيش في سماحه لمسلحي «الممانعة» باجتياح الساحات والمناطق.

الّا أنّ هذا الخيار كان في الواقع تأجيلاً اضطرارياً لتنصيب الرئيس الذي سيحين دوره بعد ثماني سنوات ونصف السنة. كان يفترض أن تنتهي اجتياحات أيار 2008 إلى اهداء الرئاسة لحليف «حزب الله» الأول، ميشال عون، لكن تعذّر ذلك في الدوحة فرضته ظروف محددة لم تكن فيها الأمور قد مالت كثيراً لمصلحة تحالف مار مخايل، خصوصاً أنّ البلاد ومعها العالم كانا في صلب أجواء ما بعد اغتيال رفيق الحريري والبحث عن قاتليه.

كان صعباً تكرار تجربة 2008، العام 2014 في الشارع . فهدنة الأطراف المتصارعة كانت ثابتة طوعاً أو استسلاماً، واحتاج الأمر إلى عامين ونصف العام من الفراغ، لجعل المهادنين ينتقلون إلى خيار «حزب الله» فينضمون إلى «تسوية رئاسية» أنتجت ما أنتجت...

اليوم تتكرر الحالة، أو هي في طريقها إلى التكرار في ظروف أشد صعوبة على مستويات عدة. فالانهيار الاقتصادي الاجتماعي بات شاملاً، والإنقسام السياسي واسعاً وتشتت القوى النيابية قائماً، ولم يعد سعد الحريري موجوداً ليتم «اقناعه» بجدوى تسوية ما.

كيف ستنتهي تجربة الفراغ الثالث؟ سؤال يجدر التأمل جيداً في احتمالات الجواب عليه.