عماد موسى

كدتُ أخنق سليم صفير

30 كانون الأول 2019

01 : 50

تزامنت بدايات عملي الصِحافي "الاحترافي" مع ذبذبات في سعر صرف الدولار الأميركي إذ تخطى في النصف الأول من الثمانينات الـ 5 ليرات ثم الـ 8 ليرات ثم قفز إلى الـ 18 ليرة ولا حاجة لنا اليوم لبث المزيد من اللواعج والحسرات على زمن الرفاه في عزّ الحرب ونحن على مسافة يوم فقط من طي سنة ملعونة.

كنا نتسابق في المكتب على خطف الوكالات التي تردنا عصر كل يوم: "وكالة الأنباء المركزية" و"أخبار اليوم" و"الوطنية" وغيرها ولطالما قاطعت اندماج أحد الزملاء في قراءاته المتأنية للوكالات لأسأله: شفلي قدي سكّر الدولار اليوم؟ إلى أن انتفض ذات يوم في وجهي وصرخ: "أرني دولاراً واحداً في جيبك ثم اسأل ما تشاء". إنتظر زميلي سنوات ولم يرَ بين يدي عملة خضراء سوى الخمس ليرات لبنانية قبل أن تندثر.

وغداة عملية 13 تشرين من العام 1990 أسرّ لي سياسي لبنان أنه كان على علم مسبق بالعملية العسكرية ضد الجنرال عون، لذا أجرى عملية بيع وشراء للدولار الأميركي Speculation فضاعف أموال محفظته. عاتبته على إخفائه الأمر عني "لماذا لم تخبرني بموعد العملية يا رجل؟" نظر إلي مستغرباً "ليش إنت معك دولارات؟" فأجبته على طريقة زبيدة في فيلم "بياع الخواتم ": "أنا؟ يا دلي مْنَلّي".

بمرور الأعوام توطدت علاقتي بالعملة الأميركية، وصار بيننا أخذ وعطاء وملامسة، قمت بأربع عمليات مالية بهدف تحقيق أرباح مضمونة وسريعة فتكللت الأربع بالفشل الذريع... وأشعر أن الخامسة على الطريق السريع، علماً أن "بيّ الكل" لا يدّخر مناسبة من دون أن يهدئ من روعنا نحن المواطنين السذّج كما أن سعادة الحاكم،"الكل بالكل"، ورئيس جمعية المصارف يواظبان على تهدئة نفوسنا بتدابير زجرية تتراوح بين "منحنا" رواتبنا على شكل "خرجية" أسبوعية وبين وضع ضوابط على إرسال حوالات إلى الخارج من حساباتنا الجارية.

على الرغم من كل التطمينات حول سلامة الودائع وصحتها أبصرت في منامي حلماً، لا بل "كوبست" بالمدعو سليم صفير. كنتُ (في خلال نومي) أحاول إقناعه بحقي بإرسال مدخراتي البالغة 7 ملايين دولار و349 ألفاً ( وكسور) إلى كندا وقد استحق أجل الفائدة وتحررت. وقلتُ له حرفياً: "وليد بك مش أحسن مني بشي مسيو سليم إلا بمعلوماته عن القاطرجي" لا بل طلبت منه الإيعاز إلى "هيئة التحقيق الخاصة" للتثبت من نظافة أموالي. حاول سليم الخبيث التهرّب مني فأمسكته برقبته وضغطت عليها بقوة عضلية توازي قوة جون سينا، ولولا "رعدة" مرعبة أيقظتني لكنت ارتكبت جريمة موصوفة ومحوت سليم صفير من لوائح الشطب.


MISS 3