مايز عبيد

2019 عام المتغيّرات في طرابلس: صحوة شعبية فـ"ثورة" على التهميش

30 كانون الأول 2019

09 : 52

لا شكّ أن العام 2019 كان عام التغييرات والمتغيّرات السياسية والشعبية في مدينة طرابلس، على كل المستويات، خصوصاً أنه تسلّم تَركة ثقيلة من سلفه الـ2018، وفي طليعتها الوضع الإقتصادي الصعب الذي ترزح تحته المدينة وأسواقها وتجارها وكذلك أهلها وشبابها.

أحداث عدّة شهدتها مدينة طرابلس. ولا شك أن جزءاً كبيراً من هذه الأحداث سينسحب إلى العام المقبل 2020 ليشكّل مادّة تحوّل ونقاش دسمة، خصوصاً أن الأوضاع الإقتصادية الصعبة التي تعيشها طرابلس والمستمرة منذ سنوات، دفعت بأبناء المدينة الى المشاركة بكثافة في الاحتجاجات المطلبية الشعبية وكانت ساحة النور مسرحاً لاعتصامات مختلفة ولنصبٍ لخيم حملت شعارات مطلبية تخصّ أبناء المدينة.الانتخابات الفرعية

من الأحداث المهمة التي عاشتها طرابلس في الـ2019، كانت الانتخابات الفرعية. فمطلع العام شهد إبطال نيابة ديما جمالي بعد قبول المجلس الدستوري الطعن المقدّم ضدها من يحي مولود. أعاد الحريري ترشيح جمالي من جديد وأمّن لنجاحها مروحة تحالفات، شملت الرئيس نجيب ميقاتي والوزير السابق محمد الصفدي وآخرين. ومع ذلك جاء الفوز المتوقع لجمالي على منافسيها، ضعيفاً بـ19387 صوتاً، فيما نسبة الإقبال لم ترتقِ إلى المستوى المطلوب، ولم تتعد الـ19 %. وأظهرت الانتخابات بوضوح الفجوة الحاصلة بين الطبقتين الشعبية والسياسية في المدينة، على الرغم من أن الحريري زار المدينة قبل الإنتخابات لحشد الدعم الشعبي والتأييد لها.


وفي هذا السياق، تقول النائبة ديما جمالي في حديث لـ"نداء الوطن: "جاءت نسبة المشاركة في الانتخابات مقبولة خاصة وأنها كانت انتخابات فرعية وجرت العادة ألّا تشهد الإنتخابات الفرعية حماساً كما الإنتخابات العادية، ولا نغفل بأن هناك حالة احباط كانت تسيطر على المواطنين من السياسيين، لأنهم خذلوا مدينة طرابلس".

أضافت: "لقد أدركت هذا الواقع وسعيت منذ اليوم الأول لوصولي إلى البرلمان كنائبة عن طرابلس إلى تحقيق عدد من المشاريع التي تخدم مدينتي وتحقق فرص العمل لشبابها مثل call center، ولا زلت، وفي الوقت نفسه أعمل لكي تبقى هذه المدينة تضج بالفرح والسلام وهذا ما ترجمته من خلال القرية الرمضانية".

وتابعت "طبعاً الحرمان كبير ومزمن، وثمة مفهوم خاطئ وظالم لدور النائب في نفس الوقت. فالمشكلة الأساسية تكمن في تقاعس مؤسسات الدولة عن القيام بدورها ونتيجة غيابها عن رعاية الناس، فأصبحت الخدمات شقاً أساسياً من عمل النائب. ويعتقد البعض أن النائب يملك عصاً سحرية تحلّ كل المشاكل المتراكمة منذ عشرات السنوات وهذا مفهوم خاطئ وفيه ظلم للنائب إذ إن الدور الحقيقي والأساسي للنائب هو التشريع ومراقبة الحكومة بما يخدم مصلحة الشعب".

وشددت على أن "طرابلس عبّرت بثورتها وانتفاضتها عن حرمانها وبرهنت رغم كل شيء بأنها عروس الثورة ومدينة العيش المشترك وأسقطت عنها ثوب التطرف الذي حاولوا الباسها إياه".

أما عن المشهد السياسي لـ2020 فرأت جمالي أن "تكليف حسان دياب من قِبل طرف واحد أخلّ بالميثاقية الوطنية لأن فريقاً من لون واحد أتى برئيس مكلف مرفوض من الغالبية الساحقة للمكوّن السني"، مذكّرة بأن "الرئيس الحريري الذي قدّم استقالة حكومته استجابة لنداء الشارع، حرص على الميثاقية عندما رفض أن يكلّف من دون دعم الجزء الأكبر من المكوّن المسيحي".

وختمت "المطلوب هو توجهات جديدة من السياسيين تتلاقى مع مطالب الطرابلسيين وكل اللبنانيين، وهذا تحدٍ جديد يَفرض علينا كنواب ومسؤولين ممارسات مختلفة والتعاطي مع المرحلة المقبلة بأسلوب يكون على مستوى تطلعات الشعب اللبناني".جريمة المبسوط عشية "الفطر"

واعتبرت حادثة الإرهابي عبد الرحمن مبسوط الذي قام بعمليات ضد مراكز للجيش وقوى الأمن الداخلي أدت إلى استشهاد اثنين من القوى الأمنية وانتهت العملية بتفجير نفسه بحزام ناسف كان يرتديه بعد تضييق الخناق عليه من القوى الأمنية، من الأحداث الخطيرة التي شهدتها مدينة طرابلس في 2019 عشية عيد الفطر، وذلك بعد 4 سنوات على اختتام آخر جولات العنف التي شهدتها طرابلس بين جبل محسن وباب التبانة وما بينها من معارك جانبية. هذه الحادثة أعادت المخاوف من عودة شبح الإقتتال إلى المدينة لتعود صندوق بريد إقليمي من جديد.

زيارة باسيل: رفض واسع

في تموز 2019 قرر رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل زيارة مدينة طرابلس في أعقاب "حادثة قبرشمون" وبعد تصريحات مثيرة للجدل أطلقها في أكثر من جولة داخلية. في تلك الفترة كان الغرور السياسي قد وصل بباسيل إلى أعلى مستوياته. ولقّنت طرابلس باسيل درساً لن ينساه عندما تمت مقاطعة زيارته مقاطعة شعبية وسياسية شاملة ودحضت كل المقولات التي كان يفاخر بها باسيل وتياره بأن له شعبية كبيرة داخل مدينة طرابلس وبين أبنائها.

إنتخابات رئاسة بلدية وإتحاد

من المحطات الأساسية التي شهدها العام 2019، انتخابات رئاستي البلدية واتحاد بلديات طرابلس. ففي رئاسة البلدية جرى لأول مرة إسقاط رئيس البلدية أحمد قمر الدين الذي وصل على متن لائحة السابق أشرف ريفي وتمّ انتخاب رياض يمق رئيساً جديداً. أتى ذلك على خلفية تراجع الدور السياسي لريفي في المدينة بعد حصوله على حصّة الأسد بين أعضاء المجلس البلدي ورئاسته الى ان وقع الانقسام في صفوف الأعضاء المحسوبين على ريفي حتى أن رئيسه أحمد قمرالدين فتح خطوط التواصل مع "المستقبل" و "العزم" وكل خصومه في الانتخابات، على أن ريفي نفسه عاد وشد حبال التحالف مع "المستقبل" والرئيس الحريري وترجم ذلك في الانتخابات الفرعية.

وفي هذا الاطار، يقول رئيس بلدية طرابلس رياض يمق لـ"نداء الوطن": "الأداء الجديد متروك للشعب الطرابلسي كي يحكم عليه. أما عن موضوع انتخابات الإتحاد وما حصل بانتخاب رئيس بلدية الميناء، فإننا لم نقبل بتعليبها. عليهم العودة إلى العُرف بأن رئيس بلدية طرابلس هو رئيس اتحاد "الفيحاء". وثمة خطوط تواصل مفتوحة مع المعنيين لكي تعود الأمور إلى سكتها الصحيحة".إعتراضات شعبية... فـ"ثورة"

العام 2019 شهد اعتراضاً واسعاً من أبناء طرابلس على اقتراح مطمر في البداوي ونقل نفايات أقضية الشمال إليه. إنتهت هذه الحركة بإلغاء الفكرة من قِبل السلطة بالكامل. وسيقفل العام على "ثورة" استمرت لأكثر من شهرين سيسلّم رايتها للعام 2020، وهي "ثورة" شعبية مطلبية أتت كتتويج لكل التحركات الشعبية التي شهدتها طرابلس ضد الفقر والبطالة والتهميش. أهم ما ميّز "الثورة" الطرابلسية أنها أوصلت صوت الشعب وأنينه إلى حيث يجب أن يصل، حتى بات صوت المواطن يُسمع على الشاشات وفي مواقع التواصل، وصوت السياسي لا يُسمع.


MISS 3