من 2019 التعقيدات إلى 2020 التحديات... الهاجس الأكبر: مال وإقتصاد

"الثورة" تصدم السلطة الحاكمة وتبدّل أولوياتها

02 : 00

ساعات قليلة تفصل عن سقوط آخر ورقة من روزنامة العام 2019، لتنتقل البلاد بعدها من عام التعقيدات الى عام التحديات، وهي في سباق سريع بين الانفراج والانفجار، فيما السلطة الحاكمة التي لم تستفق بعد من "صدمة الثورة " التي فاجأتها من كل حدب وصوب وبدّلت أولوياتها، ظلّت تنأى بنفسها عن مطالب الثوار.

بإجماع الجميع، لبنان في مأزق، والعام الجديد مصيري بامتياز، ولكن، هل سيكون عاماً افضل؟ وهل سيتمكّن العهد ومعه الحكومة العتيدة من معالجة الملفات الموروثة والمستجدة، والتي ستفرض، حكماً، ايقاعها على المرحلة المقبلة؟ الجواب صعب، ان لم يكن متعذّرا، في غياب بوادر الحل واستمرار تعثر التأليف لفرض "المؤلفين" شروطاً تعجيزية. كيف لا وهمومهم في مكان، وهموم اللبنانيين وآمالهم بحكومة على قدر طموحاتهم تواكب التحديات، في مكان آخر؟ وهنا، يصبح السؤال مشروعاً: كيف يمكن لسلطة قاصرة معالجة ملفات كبيرة؟ لدى استطلاع "نداء الوطن" آراء نواب حول أبرز التحديات التي تواجه العهد والحكومة في العام الجديد، اختلفت الاجابات، لكن الهمّ المالي والاقتصادي تصدّر أول الملفات التي تستوجب المعالجة السريعة كمدخل الى معالجة سائر الملفات. عبد الله: ثلاث مهمات

رأى النائب بلال عبد الله ان "المهمة الاولى والاساسية تكمن في لجم الانهيار الاقتصادي والنقدي والمالي ووضع خطة لمعاودة عمل المصارف، ما ينعكس انتظاماً لعملية الاستيراد والتصدير والتبادل التجاري مع الخارج. أما المهمة الثانية، فتكمن في اعادة الحياة الى عمل المؤسسات واعادة الدورة الاقتصادية الى العمل لا سيما في القطاع الخاص، بعد توقف شركات عن العمل وافلاس بعضها الآخر. والمهمة الثالثة وهي بالتعاون مع المجلس النيابي، تتمثل في وضع الاطر القانونية الدقيقة والعملية لوقف الفساد المستشري في المؤسسات وخارج اطار الشعبوية. فشعارات كثيرة طرحت وحتى اقتراحات ومشاريع قوانين بعضها غير قابل للتطبيق". أضاف: "لا بد من العمل لاعادة الحياة للقطاع السياحي وتنشيط السياسة السياحية مع الخارج، في ظل اعلان لبنان انفتاحه على الجميع، لا أن نكون جزءاً من منظومات اقليمية متصارعة، فمصلحة لبنان الاقتصادية ان يكون منفتحاً على كل العالم ومصلحته السياحية والتجارية ان يكون على علاقة جيدة مع كل الافرقاء، لا أن يكون طرفاً محسوباً على قوة اقليمية مقابل قوة اقليمية اخرى. ومن المهام ايضاً توفير فرص عمل للشباب ولحاملي الشهادات. وكذلك الاخذ في الاعتبار، المعطى السياسي الجديد الذي فرضه الشارع ووضع شعارات سياسية كبيرة ونتحدث هنا عن الدولة المدنية والعدالة الاجتماعية وضمان الشيخوخة والسياسة الضريبية وقانون الانتخاب".

الحجار: أزمة غير مسبوقة

وركز النائب محمد الحجار على "ضرورة معالجة الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، فلبنان يمرّ بأزمة غير مسبوقة والقطاع المصرفي الذي كان القطاع الاقوى هو اليوم مهدّد بشكل جدي، والمودعون فقدوا الثقة به، يسحبون مدخراتهم الى منازلهم بعد التدابير المصرفية والنقص في السيولة، وفقدان هذه الثقة يؤثر سلباً على وضع هذا القطاع. فأكبر تحد أساسي، ويكاد يكون الوحيد، هو كيفية العمل لمعالجة هذه الازمة والتي تنذر بالاسوأ إن لم يتم تداركها فوراً. فمن خلال معالجة هذه الازمة تتفرع معالجة كل الازمات".

منصور: لبنان على حافة الافلاس

أما النائب البير منصور فاعتبر ان "التحدي الاكبر والاوحد هو التحدي الاقتصادي، فلبنان على حافة الافلاس والانهيار ويجب بادئ ذي بدء اتخاذ الخطوات اللازمة لمعالجة ملف قطاع الكهرباء، إذ إن 70 بالمئة من الدين العام هو بسبب الكهرباء والكارثة واقعة لا محال ان لم يسرعوا في معالجة هذا الملف". وأكد "وجوب الاسراع في اقفال ابواب الهدر والانفاق (مجلس الانماء والاعمار والهيئة العليا للاغاثة...) وضبط الجمارك والمرفأ وتخفيف النفقات قدر الامكان، وهو الامر الذي خطت فيه لجنة المال والموازنة خطوات جيدة، ومعالجة ملف النفايات وأهم شيءالعمل على اعادة الثقة بالبلد". أما سياسياً فبرأي منصور "العمل ضروري على تغيير النظام والخروج من النظام الطائفي والذهاب الى دولة وطنية بكل معنى الكلمة، دولة لا تمييز فيها لا مسلم لا مسيحي لا سني لا شيعي، بل مساواة في الحقوق الكاملة، للخروج من التمحور والنظام الطائفي وبدعة الميثاقية السخيفة والتوجه بلبنان الى الدولة الوطنية وفقاً لاتفاق الطائف".

موسى: إقرار قانون انتخاب عادل

واعتبر النائب ميشال موسى أن "التحدي الاكبر هو معالجة الوضع الاقتصادي بعد تدهور المالية العامة ومعالجة الملفات الاجتماعية والبيئية"، مركّزاً على "الشفافية في كل الملفات المرتبطة بالتشريع والتنفيذ واستعادة اموال الدولة الى خزينة الدولة ووقف الهدر والفساد. ولقانون الانتخاب عند موسى أهمية بمكان، بحيث "يجب إقرار قانون انتخاب عادل يعبر عن تطلعات الناس بشكل سليم ولا ينحى الى محاصصات وتقاسمات طائفية بالمطلق".

درغام: إعادة النظر بالنظام المصرفي

وأكد النائب أسعد درغام أن "التحدي الاكبر يبقى في بدء معالجة الانهيار المالي، وهنا يجب التفكير ملياً بإعادة النظر بالنظام المصرفي المعتمد على السرية المصرفية وكيف استفاد بعض السياسيين والنافذين منه للحفاظ على مصالحهم الخاصة بعدما سرقوا اللبنانيين منذ سنوات، وهرّبوا اموالهم الى الخارج، في جريمة يمكن وصفها بأنها جريمة العصر، فيما اموال صغار المودعين وجنى عمرهم مهددة، فكشف من هم هؤلاء السياسيين امام الرأي العام اللبناني ضروري وملحّ". أضاف: "التحدي الاكبر اليوم امام العهد والحكومة هو عدم السكوت عن تغطية أي فاسد، كائناً من كان. لم نعد نستطيع اليوم القول نريد محاربة الفساد ونغضّ النظر عن الفاسدين، وكي نحارب الفساد يجب الاستمرار في التشريعات داخل مجلس النواب لاقرار القوانين. وفي موازاة العمل التشريعي، عمل قضائي: تعيينات قضائية من دون مراجعة أي من السياسيين تعتمد معيار الكفاءة فقط، اضافة الى معالجة ملف النفط من منطلق سيادي وابقاء هذا القطاع خارج اطار المحاصصة واعتماد معيار الشفافية، وكذلك معالجة ملف عودة النازحين من منطلق سيادي، ونقول بالعودة الآمنة وليس الطوعية والعودة بأسرع وقت ممكن لاننا صرنا عاجزين عن تحمل تبعات هذا الملف الاقتصادية".

"الجماعة الاسلامية": تلبية مطالب الناس

أما بالنسبة إلى مسؤول "الجماعة الاسلامية" النائب السابق عماد الحوت "فعلى الحكومة التي قد تشكّل ان تدرك أنها تأتي لمرحلة انتقالية تهيئ البلاد لنوع من الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وبالتالي أن تقوم أولوياتها على المحاور التالية:

في المحور السياسي:ـ استرداد ثقة المواطنين بدولتهم بعدما أفقدها جزءٌ كبير منهم نتيجة سوء إدارة الطبقة السياسية والانعكاس السلبي لهذه الإدارة السيئة على الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي.

ـ النزول عند مطلب الرأي العام بوقف ممارسات المحاصصة والانتقال الى تقديم الكفاءة حصراً.

ـ إعداد قانون جديد للانتخابات يؤمن نزاهة الانتخابات وعدالة التمثيل وإجراء انتخابات نيابية مبكرة، كما يحصل في كل البلاد التي تحترم مواطنيها ويحصل ما حصل فيها في لبنان من خروج هذا العدد من المواطنين الى الساحات. والانتخابات المبكرة لن تنهي الأحزاب، وليس هذا مطلوب، ولكنها تظهر التمثيل المطلوب بعيداً من القوانين المفصلة على قياس هذه الأحزاب وبعيداً عن ممارسات الضغط على الناخب وتزوير النتائج.

على المستوى القانوني:

ـ إقرار قانون استقلالية القضاء لإعطائه الامكانيات ليشكل ضمانة للنزاهة في الأداء.

ـ تفعيل مكافحة الفساد من خلال تشريع قوانين جديدة والبدء بتنفيذ القوانين الموجودة، لا سيما الإثراء غير المشروع واستعادة الأموال المنهوبة.

على المستوى المعيشي والاقتصادي:

ـ وضع ضوابط للمصارف في ممارستها لضبط السحوبات حتى لا يكون هناك أي استنسابية لمصلحة أصحاب رؤوس الأموال، وإنما أن يكون ذلك وفق قاعدة واضحة تراعي الطبقة المتوسطة والفقيرة.

ـ إيجاد رؤية للخروج من الأزمة الحالية ترتكز على أن من استفاد أكثر من الدولة ومشاريعها يجب عليه أن يتحمل أكثر في المشاركة بتكلفة الخروج من الأزمة الحالية والشروع بتطبيق هذه الرؤية.

ـ متابعة اجراءات تلزيم واستخراج الغاز والنفط مع تأمين مستوى كامل وشامل من الشفافية والنزاهة في هذا الملف".


MISS 3