تتسارع الأحداث والتطوّرات المتّصلة بالملف الليبي المتأزّم أخيراً، فقد وصل قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر بالأمس إلى القاهرة للقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لبحث آخر المستجدّات بخصوص الأزمة الليبيّة. وطالب حفتر خلال الزيارة بدعم مصري أمام المجتمع الدولي لوقف إرسال تركيا لمقاتلين إلى الأراضي الليبيّة. كما حضّ على تشكيل "لوبي عربي" يتصدّى لأطماع أنقرة في بلاده، ويمنع سرقة ثروات الشعب الليبي والاستحواذ عليها. وطالب أيضاً بدعم الجيش الليبي ورفع حظر تسليحه.
توازياً، حذّر الرئيسان الفرنسي ايمانويل ماكرون والمصري عبد الفتاح السيسي خلال اتصال هاتفي من "أخطار تصعيد عسكري" في ليبيا، ودعوا "مجمل الفاعلين الدوليين والليبيين إلى أكبر قدر من ضبط النفس"، وفق ما أعلنت الرئاسة الفرنسيّة، في وقت أحالت الرئاسة التركيّة إلى البرلمان مذكّرة تُتيح لأنقرة نشر عسكريين في ليبيا لدعم حليفتها حكومة الوفاق الوطني في مواجهة قوّات حفتر، رجل الشرق القوي.
وإرسال هذه المذكّرة، التي وقعها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى البرلمان، هي الخطوة الأولى التي تسبق عقد جلسة استثنائيّة لمجلس النوّاب الخميس لمناقشتها، وفق ما أفادت وكالة أنباء "الأناضول" الرسميّة. ويأتي ذلك عقب اتفاق تعاون عسكري وأمني توصّل إليه أردوغان ورئيس حكومة الوفاق فايز السراج أواخر تشرين الثاني، والذي يسمح للطرفَيْن بأن يتبادلا إرسال عسكريين أو عناصر من الشرطة من أجل مهمّات تدريب وتأهيل.
لكن الحزب المعارض الرئيسي في تركيا، "الشعب الجمهوري"، أعلن أنّه يُعارض مشروع القانون، معتبراً أن مثل هذا التحرّك سيُفاقم الصراع هنالك ويؤدّي إلى انتشاره في المنطقة، بينما ذكرت أربعة مصادر تركيّة أن أنقرة تدرس إرسال مقاتلين سوريين متحالفين معها إلى ليبيا. وقال مسؤول تركي كبير لوكالة "رويترز": "تركيا لا تُرسل حاليّاً مقاتلين من المعارضة السوريّة إلى ليبيا، لكن يجرى إعداد تقييم وتعقد اجتماعات في هذا الصدد، وتوجد رغبة نحو المضي قدماً في هذا الاتجاه"، موضحاً أنّه "لم يتمّ بعد اتخاذ قرار نهائي في شأن عدد الأفراد الذين سيتمّ إرسالهم إلى هناك".
ولم يتّضح ما إذا كان إرسال هؤلاء المسلّحين إلى ليبيا، سيحصل ضمن خطّة لنشر قوّات تركيّة في ليبيا يدرسها البرلمان الخميس.
في غضون ذلك، رأى موفد الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة خلال مقابلة مع صحيفة "لوموند" الفرنسيّة نشرت أمس، أن الاتفاقَيْن اللذَيْن وقعتهما حكومة الوفاق الليبيّة مع أنقرة أخيراً يُشكّلان "تصعيداً في النزاع" ويُساهمان في "تسريع تدويله وتوسّعه، لا سيّما إلى المجال البحري".وتعقد جامعة الدول العربيّة اجتماعاً طارئاً اليوم على مستوى المندوبين لبحث مستجدّات الأوضاع في ليبيا، بحسب ما أعلنت الجامعة في بيان بالأمس.
وأوضح البيان أن الاجتماع، الذي سيُعقد في مقرّ الأمانة العامة للجامعة في القاهرة، يأتي بناءً على طلب مصر، وذلك "لبحث التطوّرات في ليبيا واحتمالات التصعيد هناك بما يُنذر بتهديد استقرار ليبيا والمنطقة".