المحامي محمد بسام شوكت كبارة

فشل العهد "العوني" وهمروجة "التيار" و"الثنائي"

4 تشرين الثاني 2022

02 : 00

د. محمد بسام كبارة

أبى الرئيس المنتهية ولايته إلا أن يودّع منصبه بهمروجة مصطنعة ومفبركة، لتغطية فشله في تحقيق أهدافه حسب اعترافه.

أمّا وقد أنهى عهد تواجده في القصر الجمهوري بتوقيع مرسوم اعتبار الحكومة مستقيلة بإعلام مجلس النواب بحسب صلاحياته الدستورية بهذا التوقيع.

وبغض النظر عن أهداف هذا التوقيع التي أصبحت معلومة للجميع. فإن المرسوم رقم 10943، تاريخ 30/10/2022 يفتقر إلى اكتمال دستوريته:

أولاً: عدم اكتمال دستورية المرسوم

من ناحية أولى: يحق لرئيس الجمهورية أن يصدر منفرداً مرسوم اعتبار الحكومة مستقيلة، استناداً الى الفقرة هـ من المادة 69 من الدستور، معطوفة على المادة 53 فقرة 5 شرط تطبيق نصّ الفقرة 4 باصدار مرسوم بتشكيل الحكومة.

ومن ناحية ثانية: فإن المادة 64 فقرة 2 من الدستور تعطي الحكومة صلاحياتها بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال عند اعتبارها مستقيلة. حسب نص الفقرة 5 المذكورة أعلاه.

ومن ناحية ثالثة: فإنّ تاريخ بدء ولاية المجلس النيابي كان خلال شهر أيار 2022، ومنذ ذلك التاريخ أصبحت حكومة الرئيس ميقاتي حكومة تصريف أعمال. وتوقعنا إصدار رئيس الجمهورية مرسوم إعتبار الحكومة مستقيلة، وأن يكلفها تصريف الأعمال لحين اصدار مرسوم تشكيل حكومة جديدة ً مقال منشور 24/ أيار 2022 موقع الانتشار. ولكن مرسوم رئيس الجمهورية تاريخ 30/10/2022 ينص على أنه يعمل به فور صدوره أي بتاريخ 30/10/2022. وليس منذ تاريخ بدء ولاية مجلس النواب. دون أن يكلف الحكومة المعتبرة مستقيلة تصريف الأعمال.

إذ كان الأجدى النص في المادة الأولى منه على أن حكومة «الرئيس» ميقاتي اعتبرت مستقيلة لا من تاريخ صدور المرسوم بل من تاريخ بدء ولاية المجلس النيابي. وأن يكلفها تصريف الأعمال حسب نسق مراسيم قبول أو اعتبار الحكومة مستقيلة، بحيث أصبح المرسوم حالياً عائقاً أمام النص الدستوري. ولا يفيد أي أثر قانوني يمنع حكومة ميقاتي من تطبيق نص المادة 62/ دستور.

ثانياً: ما هو مفعول مرسوم اعتبار الحكومة التي يرأسها ميقاتي مستقيلة؟

1 - تصبح حكومة تصريف أعمال (وأصبحت كذلك حكما منذ 21 أيار 2022)، وتطبق عليها نص الفقرة الأخيرة من المادة 69 فقرة 1/هـ من الدستور معطوفة على الفقرة الأخيرة من المادة 64 من الدستور.

ومن ناحية رابعة: إنّ اعتبار الحكومة مستقيلة سواء منذ أيار 2022 أو من تاريخ صدور مرسوم رئيس الجمهورية بتاريخ 30/10/2022، يفسح المجال لتطبيق نص المادة 69 فقرة 3 التي تنص على ما يلي:

«عند استقالة الحكومة أو إعتبارها مستقيلة يصبح مجلس النواب حكماً في دورة انعقاد استثنائي حتى تأليف حكومة جديدة ونيلها الثقة»، كما أنه يفسح المجال لتطبيق نص المادة 75 من الدستور التي توجب اجتماع المجلس فوراً وبحكم القانون لأجل انتخاب الخلف. ويعتبر المجلس الملتئم لانتخاب رئيس الجمهورية هيئة انتخابية لا هيئة اشتراعية ويترتب عليه حالاً انتخاب رئيس الدولة دون مناقشة أو أي عمل آخر.

ومن الملاحظ أنّ الدستور لم يلحظ إمكانية خلو سدة الرئاسة وتطبيق نص المادتين 74 و75 من الدستور وبنفس الوقت تطبيق نص المادة 69 فقرة 3. لذلك لم يعالج هذا الأمر بتاتاً، باعتبار أن مبدأ ديمومة واستمرار المرافق العامة بانتظام واضطراد يمنع تزامن هذين الحدثين مع الأخذ بالاعتبار أن حكومة تصريف الأعمال يجب عليها أن تطبق نص المادة 62 من الدستور التي تنص:

في حال خلو سدة الرئاسة لأي علة كانت تناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزارء.

وكانت المادة قبل تعديلها بالقانون الدستوري الصادر في 21/91990 تنص ما يلي:

«في حال خلو سدة الرئاسة لأية علة كانت تناط السلطة الاجرائية وكالة بمجلس الوزراء».

ولن نتطرق في هذه العجالة إلى الفرق بين رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحكومة، ومجلس الوزراء، وبين الحكومة، فهاتان العبارتان وردتا بأشكال مختلفة في الدستور دون أن يتم توصيفهما أو بيان الفروقات بينهما، اذ أنهما وجهان لعملة واحدة. وهو ما سوف نعتمده حالياً.

ذلك أن نص المادة 62 تنيط صلاحيات رئيس الجمهورية عند خلو سدة الرئاسة وكالة بمجلس الوزارء وليس بالحكومة. والمادة 64 تنص على أن رئيس مجلس الوزراء، هو رئيس الحكومة الخ...

كما أنّ رئيس مجلس الوزراء يرئس مجلس الوزراء (وكذلك هو رئيس الحكومة) ويكون نائباً لرئيس المجلس الأعلى للدفاع (الفقرة 1 من المادة 64) من الدستور.

انطلاقاً من التداخل في المفاهيم الدستورية للحكومة ومجلس الوزارء. يمكن اعتبار أنهما وجهان لعملة واحدة وإنما يمكن أن يسمى رئيس مجلس الوزارء أنه أيضاً رئيس الحكومة.

ولا تشكل هذه التسمية الثنائية لرئيس مجلس الوزارء مفعولاً قانونياً مختلفاً يتعلق بتفسير مواد الدستور التي تنص على كلا العبارتين ولأنه لا اجتهاد في عدم النص ولا في معرض النص.

ونخلص إلى أنّ رئيس مجلس الوزارء المناط به رئاسة الحكومة عند تشكيلها، مع الوزارء سواء أكانت مستقيلة أو اعتبرت مستقيلة أو حكومة قائمة، نيط بهم صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة باعتبارهم يشكلون مجلس الوزارء.

ثالثاً: هل يمكن تجميد السلطة الاجرائية (مجلس الوزارء أو الحكومة) ووقفها عن العمل في ظل الظروف الدستورية والواقعية الماثلة؟

والجواب على ذلك هو أنّ السلطة الاجرائية تتألف من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزارء. الفصل الرابع من الدستور، وهو كغيره من الدساتير تبنى مبدأ ديمومة عمل مؤسسات وسلطات الدولة. إذ لا يجوز تجميد عمل أو صلاحيات رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الوزارء، أو الوزارء. حيث عالج الدستور الموضوع إزاء إستقالة أو إقالة الحكومة. وكذلك الموقف إزاء خلو سدة الرئاسة، حيث تستمر مؤسسات سلطة الدولة بالعمل باضطراد وانتظام مع اختصار في قيامهم بالصلاحيات والمهام في حث السياسيين على استكمال تعيين او انتخاب رئيس الجمهورية ورئيس مجلس وزارء وإصدار مراسيم تشكيل الحكومة.

رابعاً: رئيس مجلس الوزارء حدد موقف السلطة الإجرائية بكتابه الموجّه إلى مجلس النواب

أعلن رئيس الحكومة انّ الحكومة ستتابع القيام بواجباتها الدستورية كافة ومن بينها تصريف الأعمال وفق نصوص الدستور والأنظمة التي ترعى عملها وكيفية إنجاز قراراتها والمنصوص عنها في المرسوم رقم 2552 تاريخ 1-8-99 وتعديلاته، تنظيم أعمال مجلس الوزارء( ما لم يكن لمجلس النواب رأي مخالف) .

وشرح الأسباب الدستورية التي تكمن وراء استمرار عمل الحكومة، وهذا الكتاب جاء رداً على مرسوم رئيس الجمهورية، المنتهية ولايته باعتبار حكومة السيد نجيب ميقاتي مستقيلة، والتي طمع رئيس الجمهورية بشدّ أَزْر صهره في اللجوء إلى إنتهاك الدستور وعدم الإعتراف بمجلس الوزارء وبعدم تصريف الاعمال، على أنها حكومة لها صلاحيات مختلفة حسب نص المادة 62 من الدستور.

وهذا ما خلص إليه الوزير السابق رشيد درباس في قوله إنّ حكومة تصريف الأعمال تملك الصلاحية الدستورية لتحل محل رئيس الجمهورية باستثناء صلاحيات محددة هي من اختصاص الرئيس دون سواه.

وهذا ما خلصنا إليه أيضاً في دراستنا بمقال معنون «بالاستحقاقات الدستورية التالية لانتخاب مجلس نيابي جديد في لبنان». حيث انتهينا الى ما يلي:

«وعلى فرض أنّه لم يصدر المرسوم باستقالة الحكومة أو اعتبارها مستقيلة سواء بوجود رئيس مجلس وزارء مكلف ولكن دون صدور مرسوم تشكيل الحكومة الجديدة لمعاندة رئيس الجمهورية توقيع مرسوم تشكيلها، فإنّ رئيس الجمهورية لا يستطيع أن يصدر منفرداً مراسيم قبول استقالة الحكومة أو اعتبارها مستقيلة (الفقرة 5 من المادة 53 من الدستور) إلا بعد تنفيذ الفقرة 4 من نفس المادة بأن يصدر بالإتفاق مع رئيس مجلس الوزارء المسمى حسب الفقرة 3 ومن نفس المادة مرسوم تشكيل الحكومة الجديدة)، علماً بأنّ صلاحيات مجلس الوزارء أثناء تصريفه للأعمال لا تتعارض مع صلاحيات مجلس الوزارء (الحكومة) باعتباره حل محل سدة الرئاسة بصلاحيات رئيس الجمهورية. ولكل مناطه وشروطه ومرجعيته الدستورية.

انتهى الاقتباس.

خامساً: الخلاصة

إنّ رئيس الجمهورية وبدل أن يتجاوب مع نواب الشعب ويصدر قانون الموازنة، راح يخالف الدستور ويصدر مرسوماً باعتبار حكومة ميقاتي مستقيلة، من دون أن يوقع مرسوم تشكيل الحكومة مع رئيس الحكومة، علّه بذلك يمهد الطريق لصهره للضغط على كل لبناني في معيشته وفي عدم تحمله للفراغ الدستوري، ليقبل ممثلوه في البرلمان بانتخاب الصهر في الربيع كما صرح مختالا فخوراً بالهمروجة المفبركة التي زرعها من أتباع المتشيطن الأكبر على حد تعبيره، وشريكه الثنائي لذرَّ الرماد في عيون من تضرر من العتمة الشاملة بدلاً من (أونْ أوفْ on-off) ليزيد من ظلمات الشعب اللبناني المسكين، ويبرئ الصهر من عهر العقوبات عليه.

وبانتظار ما سوف تسفر عنه مداولات المجلس النيابي بشأن الرسالتين من الرئيسين - إن قدّر له ذلك - نأمل بأن يمر لبنان من هذا القطوع غير مترنح ولا متلاش وقد استعاد سيادته المنقوصة بانتخاب الرئيس العتيد ويرجع عنفوان الفينيق محلقًا بالسيادة اللبنانية.