إستراحة الثورة في بعلبك

10 : 17

فيما اتخذ الثوار في كل المناطق قرارهم بالتصعيد مع بداية السنة الجديدة والتوجه نحو عصيان مدني وإقفال الطرق والمصارف، ووسط حالة الترقب بانتظار تأليف الحكومة ليبنى على شكلها مقتضى التحركات في المرحلة المقبلة، غاب الثوار عن مدينة بعلبك وانطفأت شعلتها اللهم إلا من تحرك خجول لعدد ضئيل من الشباب. هي أشبه باستراحة قبل أن تنطلق من جديد.

أكثر من سبعين يوماً على بداية الثورة والأمور لا تزال على حالها لا تقدم ولا تراجع، فيما العين على الحكومة وبرنامجها الذي ينتظره اللبنانيون ليكون بارقة أمل في حلّ المشاكل التي يرزح تحتها الناس، ولو أن المكونات السياسية لا تزال تناور على مقعدٍ وزاري من هنا وحقيبة من هناك.

وإذا كانت الأهداف التي قامت من أجلها الثورة بدءاً من لقمة العيش التي يفتقدها الكثيرون يوماً بعد يوم بسبب البطالة المتفاقمة وضيق الوضع الإقتصادي الى كسر الحواجز الطائفية بين اللبنانيين، لم تتحقق بعد، إلا ان معالم الثورة وحراكها غابت في بعلبك، كما غاب مشهد التحركات الذي يلاقي كافة المناطق اللبنانية، واقتصر على عددٍ خجول من الشبان والشابات لا يتجاوز أصابع اليد، يخرقه بين الحين والآخر إعتصام أمام مصرف لبنان وعدد من المصارف والمؤسسات العامة.

فرملت إندفاعة الثورة في بعلبك كثرة الطامحين إلى القيادة، ومن يبغي تحقيق مصالح ومكاسب من هنا وهناك، لينصرف النظر عن الأهداف التي قامت من أجلها الثورة، والتي لم يتحقق منها شيئاً في بعلبك المحرومة. وبمجهودٍ شخصي وتمويل ذاتي أقيمت في بعلبك وسط ساحة المطران خيمةٌ لِلمّ شمل الثائرين، وإقامة لقاءات وندوات تغني الثورة البعلبكية، وتفتح باب الحوار لفهم ما يجري، وما هي إلا أيام لتقام مقابلها خيمةٌ أخرى لعدد من الشبان الثائرين ايضاً والذين كانوا يتواجدون في الخيمة الأولى.

خلافات وتباين

وأشارت مصادر من الحراك لـ"نداء الوطن" إلى أن "الثورة في بعلبك قد انطفأ وهجها منذ مدة، وتراجعت وتيرة وأعداد المشاركين، وأن الخلاف والإنشقاق الذي وقع بين صفوف من بقي من الثوار والمنتفضين يعود إلى جملة أسباب تتعلق بعيد الميلاد وتوزيع الإعاشات، ومحاولة مصادرة قرار الحراك، وتبيان البعض وكأن بوجودهم تقام الثورة في بعلبك وتختفي مع مغادرتهم، وكذلك محاولة البعض تحقيق مكاسب على ظهر المنتفضين بوجه الظلم والحرمان ولقمة العيش"، وأوضحت المصادر أن "الخلافات بدأت تظهر خلال عيد الميلاد وتوزيع هدايا في الخيمة الأولى، حيث سأل العديد من الشباب عن مصدر تمويل هذه الهدايا ومن يتبناها ولماذ لم يكن الأمر معلناً وعلى علم ودراية ومرأى من الجميع، وإن كانت كخطوة جيدة الوقوف على فرحة الأطفال والمحتاجين ومساعدتهم ولكن من دون إخفاء الحقيقة"، وأضافت أن "السبب الآخر هو حصول عدد من الشبان والشابات على إعاشات ومساعدات غذائية ليصار إلى توزيعها على من يستحقها، كون الوضع الإقتصادي في تراجع واوضاع الناس نحو الأسوأ، ولكن تلك الإعانات لم تذهب إلى مستحقيها حيث اختفى العدد الأكبر منها".

وسألت المصادر "عن الغاية من الحراك في بعلبك بعد الإنشقاق الذي وقع بين صفوف المشاركين، فإن كان الهدف الأساسي الشأن العام والمصلحة العامة فهذا يفترض أن يتكاتف الجميع والعودة إلى توحيد الصفوف، أما إذا كان الهدف شخصياً لتحقيق مصالح ومكاسب فلا طائل من الإستمرار في وضع تشييد الخيم وتكبيد الجيش اللبناني معاناة السهر على أمن هؤلاء ليل نهار".

وشاركت جمعيات منذ بداية الثورة في التحركات وتبنّت بعض الشعارات، إلا أن المجريات على أرض الواقع تشير إلى أن بعضها يسير في فلك تحقيق المصالح بالتكافل والتضامن مع المصارف وغيرها. ويوم الجمعة إندفع عدد من الشبان المنتفضين لمناصرة أحد الشبان يحمل شيكاً من إحدى الجمعيات، للدفع باتجاه الضغط على المصرف لتحريره وقبضه، كون المصارف تعيش أزمة سيولة وتمتنع عن صرف الشيكات ودفعها بالدولار، وخلال تواجد الشبان داخل المصرف تلقى صاحب الشيك إتصالاً من الجمعية إنسحب بموجبه من المصرف، كون الأخير والجمعية على علاقة طيبة ولا تريد الجمعية أن تكون سبب الأزمة في داخله وحصول الهرج والمرج.

تلاشت الثورة في بعلبك وضاعت الأهداف التي قامت من أجلها، وغرق بعض الشبان في تحقيق مكتسبات شخصية وحب الظهور، ونجح البعض في وضع الثورة في حالة استراحة من الداخل واللعب على وتر تحقيق الإنقسامات وخرق الصفوف من باب التمويل.


MISS 3