طوني فرنسيس

رئيس برعاية "توتال"

17 تشرين الثاني 2022

02 : 00

منذ سبعينات القرن الماضي تراجعت فعالية الدور الفرنسي في لبنان. تضاءل هذا الدور حتى كاد ينعدم في سوريا، الدولة الثانية، في حصّة الانتداب الفرنسي في المشرق.

في لبنان دخل فاعلون جدد تنسّق الولايات المتحدة الأميركية في ما بينهم وتقودهم ضمن رؤيتها العامة للمنطقة في ظروف الصراع العربي الإسرائيلي ونهوض «منظمة التحرير الفلسطينية» على أرض لبنان برعاية «الهاربين» العرب من المشكلة، الداعمين للنضال المستدام انطلاقاً من لبنان، بلداً وحيداً لا شريك له في الكفاح المسلح!

دخلت أميركا من باب يختصر أزمات الشرق الأوسط. نظّمت الدخول السوري إلى لبنان وحددت له رقعة انتشاره وأجازت للإسرائيلي مهمة مراقبة السوري ومواصلة ضرب الفلسطينيين وحلفائهم. استغرق التحضير لتنظيم «المبادرة السورية الكريمة» اجتماعات طويلة في مجلس الأمن القومي الأميركي بحضور الرئيس وأركان الخارجية والدفاع، وخصوصاً كيسنجر المنظّر الأول لـ»المبادرة الأسدية»، الذي حدد في تلك الاجتماعات الدور الفرنسي في تشابيه أقرب إلى «ذبابة لافونتين» أو «عواء ثعالب وراء القافلة» ( يمكن التدقيق في المحاضر)...

منذ تلك اللحظة سار الدور الفرنسي في لبنان وراء الموقف الأميركي. حتى في عهد الرئيس شيراك الذي انخرط في لبنان عبر علاقته مع الرئيس رفيق الحريري، بقيت فرنسا اللبنانية تحت مظلة أميركا، ورغم تطمينات شيراك اغتيل الحريري وبدأت مسيرة تحكّم جديدة في لبنان لم يسجّل لفرنسا فيها سوى مهمة إدارة العلاقات العامة التي يواصلها الرئيس ايمانويل ماكرون بنشاط.

اليوم يكثر الحديث عن دور فرنسي بالاتفاق مع السعودية في شأن تسهيل اختيار وانتخاب رئيس جديد للجمهورية، لكن السؤال القائم هو: من يفاوض إيران في طموحاتها ومشاريعها اللبنانية؟ هل هي فرنسا التي يزداد عدد رهائنها في طهران أم السعودية التي تتلقى يومياً تهديدات إيرانية لحجب انتفاضة الحجاب؟ يقود السؤال السابق إلى سؤال آخر عن علاقة أميركا بفرنسا، وقد سبق ووصفناها، وعن علاقتها بالسعودية وهي لا تبدو في أفضل حالاتها.

ستفضّل إيران، وهذا ما تريده دائماً مع الولايات المتحدة رغم التعثّر في ملفها النووي، وفي شأن لبنان قد لا تمانع بترسيم داخلي مثل الذي أفتت به مع دولة إسرائيل في رعاية الشيطان الأكبر، وهنا قد يكون لفرنسا دورها عبر «توتال»...


MISS 3