توسّعت دائرة "التحرّكات الثورية" الإيرانية لتشمل ملاعب "المونديال" على جبهتَي الجمهور الثائر وبعض اللاعبين الرافضين قمع النظام لشعبهم، إذ انطلقت المباراة بين المنتخب الإيراني ونظيره الإنكليزي قبل صافرة الحكم بطابع سياسي واضح تمثّل بامتناع اللاعبين الإيرانيين عن أداء النشيد الوطني خلال عزفه، تضامناً مع المحتجّين الذين يُواجهون أجهزة نظام الجمهورية الإسلامية باللحم الحي.
ومع خطوة اللاعبين، علت أصوات الجماهير المشجّعة لإيران في الملعب، فيما بدت الدموع ظاهرة على وجوه البعض وسط هتافات مؤيّدة لبعض اللاعبين المتعاطفين مع الثورة بينما برزت صيحات استهجان ضدّ لاعبين موالين للنظام. كما رفع المشجّعون علماً إيرانيّاً ضخماً مكتوب عليه شعار "ثورة النساء"، "إمرأة، حياة، حرّية" وأطلقوا هتافات تُنادي بإسقاط النظام وبـ"الموت لخامنئي".
وكان لافتاً قيام المحتجّين في داخل إيران بإطلاق هتافات ضدّ النظام مع كلّ هدف يُسجّل ضدّ بلادهم من داخل منازلهم في المدن الإيرانية، وفق تسجيلات مصوّرة، يُسمع فيها البعض يقول: "الموت للجمهورية الخاسرة بـ6 أهداف"، في وقت اتّهمت فيه مجموعات حقوقية قوات الأمن الإيرانية باستخدام الرصاص الحي وأسلحة مختلفة لقمع المحتجين في المناطق الكردية في غرب إيران، في تكثيف للحملة الأمنية التي أودت بـ13 شخصاً خلال الساعات الـ24 الأخيرة.
وسجّلت تظاهرات حاشدة ضدّ النظام في عدّة بلدات خلال الأيام الأخيرة، أشعلتها خصوصاً جنازات محتجّين قُتلوا بأيدي عناصر الأمن خلال تظاهرات سابقة. وذكرت مجموعة "هنكاو" الحقوقية أن القوات الإيرانية قصفت مدن بيرانشهر ومريوان وجوانرود، إذ نشرت تسجيلات مصوّرة سُمع فيها صوت الأسلحة الثقيلة والرصاص الحي.
وحذّرت "هنكاو" من أنه في ظلّ "مواجهات حادة" بين المتظاهرين وقوات الأمن في جوانرود، بات هناك نقص في مخزون الدم الذي يحتاج إليه المصابون في مستشفياتها. وتأتي موجة العنف الأخيرة مع استمرار القلق حيال الوضع في مهاباد، حيث تُفيد مجموعات حقوقية بأنّ قوات الأمن أرسلت تعزيزات كثيفة في إطار حملة أمنية واسعة.
بدورها، نشرت "منظمة حقوق الإنسان في إيران" تسجيلات مصوّرة تُظهر قوات الأمن وهي تُطلق الرصاص الحي في اتّجاه المتظاهرين في بيرانشهر. كما أظهرت التسجيلات والدة كاروان قادر شكري وهي ترمي نفسها في اتّجاه جثة ابنها بينما كانت تُنقل لتُدفن. وهتف المشيّعون باللغة الكردية: "أمي لا تبكي سنثأر"، بحسب المنظمة.
وهذه التطوّرات دفعت وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن إلى التعبير عن قلقه البالغ "حيال التقارير لجهة أن السلطات الإيرانية تُصعّد العنف ضدّ المحتجين، خصوصاً في مدينة مهاباد"، مؤكداً مواصلة "السعي لمحاسبة المتورّطين" ودعم الشعب الإيراني.
توازياً، شنّت إيران ليل الأحد - الإثنين ضربات جديدة بالصواريخ والمسيّرات استهدفت فصائل معارضة كرديّة إيرانيّة متمركزة في كردستان العراق، أدّت إلى مقتل أحد عناصرها، بعد أقلّ من أسبوع على ضربات مماثلة استهدفت هذه الفصائل.
وبينما أعلنت أجهزة مكافحة الإرهاب في كردستان العراق أنّ "الحرس الثوري (الإيراني) استهدف مجدّداً أحزاباً كرديّة إيرانيّة"، أعربت الحكومة العراقية عن "إدانتها الشديدة" للقصف الإيراني، رافضةً أن تتحول بلادها "ساحة لتصفية الحسابات".
ودانت القيادة العسكريّة الأميركيّة للشرق الأوسط (سينتكوم) في بيان "الضربات الإيرانيّة عبر الحدود"، معتبرةً أنّ "هجمات عشوائيّة وغير قانونيّة كهذه تُعرّض المدنيّين للخطر وتنتهك السيادة العراقيّة وتُقوّض أمن العراق والشرق الأوسط واستقرارهما".
وفي الأثناء، استدعت وزارة الخارجية الإيرانية الأحد سفير المملكة المتحدة لدى طهران سايمون شيركليف للمرّة الرابعة منذ بداية الاحتجاجات التي تهزّ إيران منذ أكثر من شهرَين، "للاحتجاج على هجوم شنّته أخيراً مجموعة عنيفة على السفارة الإيرانية في لندن"، بحسب وكالة "إرنا".
نوويّاً، كشفت إيران أنها اتخذت إجراءات أولية للردّ على الوكالة الدولية للطاقة الذرية بسبب قرار ينتقد عدم تعاون طهران مع الوكالة، مشيرةً إلى أن "تنفيذ هذه الإجراءات تحقّق... خلال وجود مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مجمّعي التخصيب في نطنز وفوردو". كما ألمحت إلى احتمال إلغاء الزيارة المقبلة لوفد الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى إيران.