محمد دهشة

"حراك صيدا" يُعيد تنشيط "خلاياه"... ويُصوّب على "معمل الموت": "مش ناسيينك"

13 كانون الثاني 2020

02 : 00

المعتصمون يضعون الكمّامات وقاية من الروائح الكريهة

قرر "حراك صيدا" إعادة تنشيط تحركاته الاحتجاجية، بعد فترة من "الاسترخاء"، بسبب الأحوال الجوية العاصفة والماطرة، والترقب بانتظار ما سيؤول اليه تشكيل الحكومة العتيدة بعد التطورات السياسية الأخيرة والعودة الى المربع الاول، مع دخول الحراك يومه التاسع والثمانين من دون تحقيق المطالب العادلة والمحقة، بل على العكس اتجهت الأمور نحو الأسوأ والمزيد من الأزمات المفتوحة على أوجاع الناس.

وأبلغت مصادر صيداوية "نداء الوطن" أنّ "مجموعات الحراك اتفقت على تنشيط تحركاتها من جديد، وقد وضعت جملة من القضايا المطلبية في سلم أولوياتها، بهدف تسليط الأضواء عليها، بما يشبه الانتقال الى المرحلة الثانية، مع الحفاظ على السلمية والحضارية في التعبير، والحرص على عدم الاحتكاك مع القوى العسكرية والأمنية من جهة، وعدم الانجرار الى أي توتر من جهة أخرى.

وترجم الحراك قراره بوقفة احتجاجية أمام معمل معالجة النفايات الصلبة الحديث عند منطقة سينيق – جنوبي المدينة، تحت شعار "معمل.. الموت مش ناسيينك، جايين يا أهل الجبل جايين"، وهي المرة الاولى التي يشمله الاحتجاج منذ اندلاع شرارة الحراك في 17 تشرين الاول الماضي، فيما كانت المفارقة ان الروائح الكريهة كانت تفوح من المكان، ما أجبر المعتصمين على وضع كمامات، بشكل يتناسب مع أهداف الوقفة اي منع انبعاث الروائح الكريهة التي تسبب الأمراض الخطيرة.

وتؤكد الناشطة في الحراك جمال عيسى لـ"نداء الوطن" انّ "الوقفة ليست لاقفال المعمل بل لتصحيح عمله، نحن نعترض على أدائه ولدينا مطالب محددة وأهمها معالجة الروائح الكريهة التي تخنقنا، وهي تنبعث من المعمل نفسه، وليس من الدباغات"، قبل أن تضيف "نريد وقف الفساد وتحويله معملاً نموذجياً، وتحركاتنا ستتواصل نحوه لتحقيق الغاية، لقد حان وقت التغيير".

حرص ومطالب

وقد حرص المعتصمون على عدم الاقتراب من بوابة المعمل، وعلى سلمية الوقفة تفادياً لاي إشكال مع المسؤولين والموظفين كما حصل سابقاً، والتنسيق مع القوى العسكرية والامنية وصولا الى رفع لافتة واحدة، جمعت كل مطالبهم، وسط تأكيد أنّ الهدف ليس اقفاله والتسبب بأزمة نفايات جديدة عانت منه المدينة لسنوات طويلة، بل اصلاح الخلل فيه والتزام الادارة بالشروط البيئية بعد ارتفاع "جبال العودام" حوله، في استعادة لمشهدية المعاناة البيئية.

ويطالب المعتصمون بتحسين أداء المعمل وانقاذ صيدا والجوار من الكارثة البيئية كما يطالبون بلدية صيدا وإدارة المعمل بوقف استيراد النفايات من خارج اتحاد بلديات صيدا الزهراني، ومعالجة مصادر الروائح الكريهة، وتطبيق كامل توصيات وزارة البيئة في تقريرها التقني عام 2018 لتحسين عمل المعمل، وعدم ردم جبال المتبقيات في البحيرة المجاورة، وعدم تصريف العصارة السامة الى البحر، وعدم استخدام الارض المجاورة لتكديس النفايات فيها، معالجة 200 طن من النفايات مجاناً لصالح بلدية صيدا عملاً بالعقد، ونقل النفايات الى المعمل بطريقة سليمة وغير مضغوطة، وتأمين مطمر صحي للعوادم ضمن المواصفات البيئية السليمة ومراقبة الجدية لأداء المعمل فنيا وبيئيا وصحيا بمشاركة هيئات بيئية ومدنية.

في الوقفة، تلا كل من الناشطين محمد حفوظة وجهاد صالح بياناً باسم المعتصمين، دعوا فيها "تجار النفايات والمتاجرين بها، والسلطات المعنية والوزارات المسؤولة، والدولة التي غابت عن هذا القطاع وتركت الناس لقدرها، الى تحمّل المسؤولية. ونقول بصوت عالٍ كفى.. تلتزمون ولا تطبقون.. كفى تجعلون من البحر مطمراً لنفايات قبضتم ثمناً مرتفعاً للتخلص منها.. كفى متاجرة بصحة الناس والامراض تنهش أجسادنا.. كفى تلويثنا للماء والهواء جراء ما اقترفت ايديكم.. كفى وكفى...". بينما شدد رئيس لجنة البيئة في "حراك صيدا" الدكتور ابراهيم حجازي على أنّ "حراك صيدا وجوارها والمجتمع المدني، لا يريد اقفال معمل فرز النفايات في صيدا، بل على العكس تماماً، يعملون على ابقائه لأن منظومة المعامل على اختلاف تقنياتها هي من ضمن سلسلة الاجراءات السليمة للتخلص من النفايات وهي نقيض محارق الموت التي يودون تسويقها، ولكن على المعنيين العمل على تصحيح مسار عمله".

إنذار وتحذير

ويقول الدكتور بلال شعبان لـ"نداء الوطن" إنّ "الوقفة الاحتجاجية هي لرفع الصوت لكل المعنيين بهذا الملف البيئي المهم ومفادها أننا لم ننسه، وسنتابعه بدقة كي نصل الى خواتيم سعيدة، ومطالبنا واضحة وهي ليست اقفال المعمل، بل ثتبيت بقائه ضمن بيئة سليمة للتخلص من النفايات".

ويؤكد الدكتور اسماعيل الصياد لـ"نداء الوطن" أنّ "أبناء المدينة ضاقوا ذرعاً بالروائح الكريهة وبعدم الالتزام بالشروط البيئية، والمطلوب وقفة جادة لتطبيق شروط العمل البيئية والصحية وابعاد شبح المرض والموت عنه"، بينما اشار الناشط محمد نجم إلى "أن الحراك سلمي هو صرخة انذار لوضع حد للاهمال، وتحذير، فالناس كسروا حاجز الخوف والصمت، وصوت الناس سوف يرتفع عاليا حتى تحقيق مطالبهم".

كما نظّم الحراك مسيرة احتجاجية في أحياء المدينة انطلاقا من "ساحة الثورة" عند "تقاطع ايليا" التي عاد اليها زخم المشاركة مجددا، وذلك رفضاً للأوضاع المعيشية الصعبة والتقنين المستمر للكهرباء وتأكيداً على الوحدة الوطنية ضد الطائفية، وأعقبها قطع عدد من الطرقات في المدينة بالاطارات المشتعلة وبمستوعبات النفايات، فيما بدأت تلوح في الافق أزمة مازوت بعد الغاز وحليب الأطفال... والحبل على الجرار.


MISS 3