غرفة عمليّات في قطر أدارت تنفيذ الغارة

تفاصيل جديدة عن اغتيال سليماني

10 : 29

كان سليماني يُعتبر بمثابة "الرجل الثاني" في إيران بعد خامئني (أ ف ب)

تتكشف تفاصيل عمليّة إغتيال قائد "فيلق القدس" في "الحرس الثوري" الإيراني الجنرال قاسم سليماني أكثر فأكثر يوماً بعد يوم، وكان آخرها التقارير التي تُفيد بوجود غرفة عمليّات لإدارة الغارة الجوّية في قطر، بمشاركة استخباراتيّة إسرائيليّة.

وبالرغم من أن تصفية سليماني حصلت قرب مطار بغداد في غارة جوّية أميركيّة، فإنّ العمليّة قد انطلقت استخباراتيّاً من مطار دمشق، حيث كان يوجد مخبرون تابعون لوكالة الاستخبارات المركزيّة الأميركيّة (سي آي إيه)، الذين أبلغوا قياداتهم بتوجّه سليماني إلى بغداد، تلك المعلومة التي أكدتها الاستخبارات الإسرائيليّة، بحسب تقرير لشبكة "أن بي سي نيوز" الأميركيّة.

وبمجرّد هبوط طائرة تابعة لخطوط "أجنحة الشام" من طراز "إيرباص A320" في مطار بغداد، أكد الجواسيس الأميركيّون الموجودون آنذاك في مطار بغداد، الذي يستضيف قوّات أميركيّة، المعلومات التي تلقوها من دمشق. وبعدها، انطلقت ثلاث طائرات أميركيّة بلا طيّار إلى مواقعها من دون أي خوف من مواجهة في المجال الجوّي العراقي، الذي تُسيطر عليه الولايات المتحدة بشكل كامل. وكانت كلّ طائرة مسلّحة بأربعة صواريخ من طراز "هيل فاير".وهذه الرواية حصلت عليها شبكة "أن بي سي نيوز" من شخصيّتَيْن على دراية بتفاصيل العمليّة، إضافةً إلى مسؤولين أميركيين كانوا على اطلاع عليها. وبينما كانت تتحضّر الطائرات لتنفيذ الغارة، كان المسؤولون الأميركيّون يُشاهدون عبر شاشات كبيرة، صعود مسؤول ميليشيا عراقي لتحيّة سليماني، الذي كان يترجّل من طائرته، وذلك في تمام الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، حيث كانت ألوان الشاشة تعمل بالأبيض والأسود ولا تظهر تفاصيل الوجوه بسبب استخدام "الأشعة فوق الحمراء". وتبيّن أن مسؤول الميليشيا هو أبو مهدي المهندس، وهو نائب رئيس هيئة "الحشد الشعبي"، الموالية لإيران، وقد اتهم المهندس بضلوعه في تفجير السفارة الأميركيّة والفرنسيّة في الكويت العام 1983.

على الناحية الأخرى، كانت مديرة وكالة الاستخبارات المركزيّة جينا هاسبل تُتابع العمليّة من داخل مقرّ الـ"سي آي إيه" في لانغلي بولاية فرجينيا الأميركيّة، فيما كان يُتابع وزير الدفاع مارك إسبر من مكان آخر. كما كان هناك عرض للعمليّة في البيت الأبيض بغياب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي كان موجوداً في فلوريدا آنذاك.



وأظهرت الشاشات مسؤولَيْن كبيرَيْن يدخلان سيّارة "سيدان" التي بدأت في السير، فيما صعدت بقيّة الحاشية في حافلة صغيرة والتي أسرعت للحاق بها. وبدأت الطائرات بلا طيّار تتبع المركبات بعد انطلاقها نحو مخرج المطار، بينما سعى خبراء الإشارة إلى تأكيد هويّة من بداخلها. وفي ذلك الوقت تقدّمت الحافلة صغيرة أمام السيّارة التي كانت تقلّ سليماني وسط حركة مرور خفيفة.

ومع تأكيدات المصادر على الأرض، تمكّن المشرفون على العمليّة من مقرّ القيادة المركزية الأميركيّة "سنتكوم" في العاصمة القطريّة الدوحة، من التخلّص من أي شكوك حول هويّة من كانوا داخل السيّارات. وعقب التأكد النهائي تمّ إعطاء الأمر بإطلاق أربعة صواريخ على السيّارات، في عمليّة لم ينج منها أحد.

وأوضح مسؤولون للشبكة الأميركيّة، أن الطائرات بلا طيّار لم تكن صامتة، لكن في بيئة حضريّة مثل بغداد يصعب تمييز صوتها. ولم يكن الرجال في السيّارة على دراية بأنّهم كانوا مستهدفين. كما كشفت مصادر أن الإدارة الأميركيّة كانت تتعقّب تحرّكات سليماني في كافة أنحاء المنطقة لأيّام، إذ تؤكد إدارة ترامب أن قائد "فيلق القدس" كان يُحضّر لهجمات إرهابيّة ضدّ مصالح أميركيّة، منها السفارات.

ووصف الخبير في حروب المستقبل في مؤسسة "نيو أميركا فاوندايشن" بيتر سينجر، عمليّة الاغتيال المعقّدة، قائلاً إنّه وخلال فترة بسيطة "انتقلنا من شيء غير طبيعي وقد يكون من أفكار الخيال العلمي، إلى النقطة التي أصبح فيها أمراً ممكناً"، بينما رأى الخبير العسكري في المركز الاستراتيجي والدولي للدراسات في العاصمة الأميركيّة واشنطن أنطوني كوردسمان، أن مثل الغارات التي ضربت سليماني تُمثّل تغييراً أساسيّاً في الحرب، مضيفاً أن الأمر "يحتاج جهداً استخباراتيّاً ومراقبة واستطلاع هائلين حقاً، لا يُمكن لأي دولة في العالم أن تُضاهيه، كما أنّه مكلف للغاية، ويستغرق وقتاً أطول، ويتطلّب الكثير من الخبرة".