التنحنح المتكرّر... بين أسباب وحلول

02 : 00

هل تشعر بأنك تحتاج إلى تفريغ المخاط المزعج في الجهة الخلفية من فمك؟ إنها حالة شائعة لدى معظم الناس. غالباً ما يدوم هذا الشعور لبضعة أيام إذا كنت مصاباً بأعراض الزكام العادي.

لكن ماذا لو استمرّت هذه المشكلة لأسابيع أو أشهر؟ قد يكون التنحنح مزعجاً لمن يتعايش معه، لكنه قد يزعج الأصدقاء وأفراد العائلة أيضاً عند سماع صوته الهادر طوال الوقت.

تتعدّد أسباب التنحنح المتكرّر. لكن إذا دامت الحالة لأكثر من أسبوعين أو ثلاثة أسابيع، فمن الأفضل أن يقيّم الطبيب الوضع.

التنقيط الأنفي الخلفي

قد يكون التنقيط الأنفي الخلفي السبب الأكثر شيوعاً للتنحنح على الأرجح. يفرز الأنف في هذه الحالة مخاطاً أنفياً لتسهيل تفريغ مسبّبات الحساسية وأي عدوى محتملة، أو رداً على مهيّجات مثل الطقس البارد. قد يصبح سيلان الأنف المتكرّر مزعجاً. ومثلما يقطر المخاط نحو الجهة الأمامية من الأنف، قد يقطر جزء منه أيضاً من الجهة الخلفية للأنف نحو الحلق، حتى أنه يقترب من الأحبال الصوتية أحياناً. إذا كان المخاط سميكاً لدرجة أن تعجز عن ابتلاعه، ستضطر لإخراجه بالقوة عبر التنحنح بصوت مرتفع.

يقضي أفضل حلّ لهذه المشكلة بمعالجة سبب التنقيط الأنفي الخلفي. لتحقيق هذا الهدف بأسهل طريقة ومن دون اللجوء إلى الأدوية، جرّب تقنية ريّ الأنف مع وعاء "نيتي" المستعمل لتنظيف التجويف الأنفي. إذا لم تلاحظ أي تحسّن، قد تستفيد من أنواع مختلفة من بخّاخات الأنف. لكن من الأفضل دوماً أن تناقش هذه الخيارات مع أهل الاختصاص لأن بعض البخّاخات يزيد الأعراض سوءاً. يتعلق أهم عامل بفهم السبب الكامن وراء فائض الإفرازات المخاطية.





الارتجاع

يتعلق سبب شائع آخر للتنحنح بالارتجاع الحنجري البلعومي. يسمح حمض المعدة بتسهيل هضم الطعام. لكن يتدفق فائض ذلك الحمض أحياناً بطريقة عكسية، فيعود إلى المريء الذي يربط الحلق بالمعدة. هذه العملية قد تؤثر على الأحبال الصوتية أو الحلق، فتتهيّج هذه المنطقة ويزيد التنحنح.

لكن لا يشعر جميع المصابين بارتجاع حمضي بحرقة في الحلق. ولا يتعرض الجميع لحرقة المعدة التي تُعتبر مؤشراً كلاسيكياً على مشكلة الارتجاع المعدي المريئي. وبالكاد يشعر البعض بالحاجة إلى التنحنح أو يصاب بسعال دائم. يقضي الحل بتبنّي حمية مضادة للارتجاع طوال أسابيع أو أشهر لتخفيف إنتاج الأحماض في المعدة.

الأدوية

قد ينجم التنحنح أيضاً عن فئة شائعة من أدوية القلب وضغط الدم. تُسمّى هذه الأدوية مثبطات الأنزيم المُحوّل للأنجيوتنسين. تكمن المفارقة في احتمال أن تُسبّب هذه الأدوية مشكلة التنحنح بعد سنوات على أخذها يومياً من دون ظهور هذا النوع من الأعراض. إذا كان سبب المشكلة مرتبطاً بهذه الأدوية، فيمكن معالجتها بسهولة. قد يتلاشى الشعور المزعج بالكامل بعد وقف الدواء، مع أنه قد لا يختفي قبل مرور أسابيع في بعض الحالات. من الضروري أن تستشير طبيبك في مطلق الأحوال قبل التوقف عن أخذ أي دواء، كي تتمكن من أخذ دواء آخر بدلاً منه.

مشاكل عصبية

يتعلق سبب محتمل آخر للتنحنح بتضرر الأعصاب المسؤولة عن الشعور المزعج في محيط منطقة الحلق. من الأصعب معالجة هذه المشكلة، وغالباً ما يتم تشخيصها بعد استبعاد جميع الاحتمالات الأخرى. في حالات كثيرة، يصاب الناس بهذا النوع من التنحنح لسنوات.

يقضي الحل باللجوء إلى فريق متعدد التخصصات من أطباء الأنف والأذن والحنجرة والأعصاب لاستكشاف المشكلة. ويمكن الاستفادة أيضاً من الأدوية التي تغيّر نظرة الفرد إلى الشعور المزعج الذي يتعامل معه.

قد ينجم التنحنح عن أسباب أخرى أيضاً. يكون البعض معتاداً على التنحنح بشكلٍ متكرر بكل بساطة. يمكن الاستفادة دوماً من رصد أي مؤشرات على سبب المشكلة. قد لا يبدأ التنحنح المتواصل مثلاً إلا في فصل الربيع، ما يشير إلى الإصابة بحساسية، أو ربما بعد شرب القهوة، ما يشير إلى مشكلة ارتجاع محتملة.

من خلال التركيز على التفاصيل وتدوين الملاحظات في مذكّرة، يمكنك أن تسلّط الضوء على المشكلة وتستكشف حلولها. لكن إذا بقي السبب مجهولاً، فقد يوصيك طبيبك في معظم الأحيان ببدء علاج تجريبي لتشخيص المشكلة.