رفيق خوري

المنسي المهم في معركة الرئاسة

26 تشرين الثاني 2022

02 : 00

ليس الدوران حول الرئاسة في حلقة مفرغة سوى تسليم بأن الدستور معلق. ولا تعليق الدستور سوى مرحلة متقدمة في أزمة عميقة قادنا إليها تخطيط أطراف وعملهم على مهل، وتذاكي أطراف وصغائرهم وتسابقهم على المال والسلطة. ولو كنا نطبق الدستور لما سمعنا كلاماً مضحكاً خلاصته أن الظروف لم تنضج بعد لإنتخاب رئيس جمهورية. فالإنتخاب حتمي في المهلة الدستورية مهما تكن الظروف. ولا حاجة الى انتظار تطورات لا أحد يعرف تماماً ما هي، كمن يراهن على الرياح للمجيء برئيس في «ساحة».

ومن مساخر الأداء في لعبة تدور على المكشوف، ترك مساحة للغموض في ما تدار به اللعبة بين قوى إقليمية ودولية قبل القوى المحلية. فالإنتخابات الرئاسية مصيرية هذه المرة، بصرف النظر عن صلاحيات الرئيس. معركة بين محور القبض النهائي على لبنان وبين الداعين الى إخراج البلد المخطوف من الأسر. إما رئاسة لصاحبها «حزب الله». وإما رئاسة تستعيد الجمهورية لكل اللبنانيين.

ومن هنا الإندفاع في السجال، بدل الحوار. والجدل حول نصاب الجلسات، بدل التزام جميع النواب حضور جلسات الإنتخاب كما هو المنطق الدستوري الديمقراطي، حتى انتخاب رئيس، وليس تطيير النصاب بعد الدورة الأولى التي يعرف الكل أنها فولكلورية. ومن هنا أيضاً لجوء «محور الممانعة» الى كل أنواع التحدي في الخطاب بحجة الرفض لمرشح أو رئيس «التحدي». هناك بالطبع من يرى أن موضوع السلاح خارج الشرعية و»احتكار الدولة للعنف الشرعي» حسب ماكس فيبر مؤجل حالياً. لكن المواصفات التي يريدها «حزب الله» في الرئيس الذي «يريده» ويصر على إغلاق طريق بعبدا حتى إيصاله، توحي أن المطلوب ليس بسط سيادة الدولة على أراضيها بل بسط «سيادة» المقاومة الإسلامية على البلد.

ذلك أن المنسي في اللعبة التي تدور على المكشوف هو أمران مهمان جداً.

أولهما أن الأهم من الإنتخاب الملح والمهم لرئيس الجمهورية هو استعادة المؤسسات وإعادة بنائها، إذ يقول جان مونيه مهندس السوق المشتركة التي صارت الإتحاد الأوروبي: «لا شيء ممكناً من دون الإنسان، ولا شيء دائماً من دون المؤسسات».

والثاني هو التحول الجيوسياسي في موقع لبنان ودوره والذي يفرضه الإتفاق على ترسيم الحدود البحرية وبدء التنقيب على الطريق الى استثمار الثروة الغازية والنفطية. فالحد الأدنى لما يتطلبه هذا الوضع هو الهدوء عبر نوع من تجديد إتفاق الهدنة، ولو كان السلام بعيداً. ولا بد من رئيس وحكومة لإدارة البلد والثروة والمرحلة الجديدة، حيث للمقاومة دور في حماية الإتفاق. وليس من السهل ولا قليل المخاطر الجمع بين هذا الدور الجديد وبين أن يبقى لبنان «الخط الأمامي» في ما تسميها إيران «جبهة المقاومة» الممتدة بقيادتها من اليمن والعراق وسوريا ولبنان الى غزة.

تذكّروا معادلة الإنتربولوجي مارك أوجي:»قل لي ماذا نسيت أقل لك من أنت».


MISS 3