طوني فرنسيس

عن "الممانعة" وأبنائها

26 تشرين الثاني 2022

02 : 00

ليس لما يسمّى « محور الممانعة»، ما يقوم به، لأنه ببساطة، غير موجود في الواقع. وما يصدر عن أطراف هذا المحور ليس سوى انشغالات موضعية تجري تغطيتها بخطابات مدوّية عن مواجهات كونية.

لنأخذ مثالاً عن ذلك ما يجري في إيران، حيث قيادة هذا المحور ومنظّمته ومديرته. هناك تستمرّ انتفاضة شعبية وتتصاعد منذ ثلاثة شهور، فتهزّ النظام هزّاً عميقاً ولا يجد في التعامل معها غير إطلاق التهم وتهديد الجوار. كانت النكتة الأبرز في توصيفات «الممانعة الإيرانية» للهجمات على العمائم، القول إنّ كلّ من يُسقط عمامة يقبض مبلغاً يُحوّل إليه بالعملة الرقمية. لكن هذه ليست النكتة الوحيدة. فالنظام يدافع عن نفسه بشراسة لأنّه يستشعر عمق الثورة ضده. إنّه الآن يلجأ إلى استحضار قياديين «إصلاحيين»، كان اتّهمهم بالخيانة ووضعهم في الإقامة الجبرية أمثال محمد خاتمي وحسين موسوي، للاستعانة بهم في حوارٍ مع المحتجين ضده، ولكن من دون جدوى.

«الممانعة» في سوريا لا تبدو أوفر حظاً. هناك أيضاً ينخرط الممانعون وحلفاؤهم الروس والأتراك في معارك ومناوشات. إذ لم يكد ينتهي اجتماع «ثلاثي آستانا» حتى استأنف الأتراك هجماتهم في سوريا والعراق، في توتر خفيّ مع الإيرانيين وصدام مع النظام وسط استياء روسي معلن.

«الممانعة» في التجربة السورية تتلقّى ضربات إسرائيل قبل تركيا وهي لا تردّ سوى عبر تحليلات ممانعين ينسبون عمليات الفلسطينيين في الضفة الغربية إلى إرث قاسم سليماني. «الممانعة اللبنانية» ليست في حال أفضل. صحيح أنّ طرفها الأساسي يبدو الأكثر راحة وتماسكاً، لكنّه يبدو عاجزاً عن إدارة أزمة البلد الذي ينتمي إليه باقتدارٍ ونجاح. ليس «للممانعة اللبنانية» ما تقوله في الاقتصاد والمال والعمل والهجرة، وليس لديها أكثر من محاولة خوض معركة الرئاسة بالانسحاب منها ولو مؤقتاً. فلا موازين القوى النيابية مؤاتية، ولا المزاج الشعبي العام ملائم!

إنها «الممانعة» في الإقليم، التي لا تجد سبيلاً أمامها سوى الاصطدام بأهلها أو جرّهم إلى الصدام.