خالد أبو شقرا

تسلّط المصارف اللبنانية "عابر للحدود": خسارة "المصرف الكوردستاني" مضاعفة

29 تشرين الثاني 2022

02 : 00

وقع مصرف كوردستان الدولي الإسلامي – العراق ضحية "سلبطة" البنوك اللبنانية، وخرقها أبسط أصول العمل المصرفي. فمع حلول موعد استحقاق وديعته في آب الفائت، فضّل المصرف الكوردستاني تركها في الحساب الجاري إفساحاً في المجال للتفاوض مع المصرف المعني على إمكانية استرجاعها. إلا انه تفاجأ بإبلاغه أن أمامه حلاً من اثنين: إما تجميد وديعته المستحقة من جديد، وإما إقفال الحساب ووضع المبلغ بشيك مصرفي مسحوب على مصرف لبنان لدى الكاتب العدل. الواقعة المستجدة ما هي إلا تكرار لقضية المودعين البريطانيين، التي خرقت فيها المصارف اللبنانية مجموعة من القوانين، ليس أقلها أهمية التعسف في إقفال الحساب، وخرق السرية المصرفية.

"أمام هذا الواقع وجدنا أنفسنا مجبرين على تمديد تجميد الوديعة المقدرة قيمتها بـ 32 مليون دولار لمدة إضافية سنة ونصف السنة"، بحسب مصادر مصرف كوردستان الدولي الاسلامي - العراق. فالشيك المصرفي في الوضع اللبناني لا يعتبر وسيلة إبراء، وهو لا يحقّق راهناً الإيفاء الفعلي. فالشيك يباع بـ 20 سنتاً للدولار الواحد، هذا إن توفر الشاري. ما يعني أن الوديعة ستخسر أكثر من 26 مليون دولار من قيمتها، ما يشكل نحو 80 في المئة من قيمتها الفعلية.

الخسارة بالنسبة لمصرف كوردستان الدولي الاسلامي – العراق مضاعفة. فنتيجة إرتفاع المخاطر النقدية اللبنانية، إتخذ المصرف المركزي العراقي قراراً يلزم بموجبه كل مصرف لديه وديعة في المصارف اللبنانية بعدم تجديدها عندما يحين أجل استحقاقها أو أخذ مؤونات عليها تعادل 100 في المئة من قيمتها. بمعنى آخر، فإن "مصرف كوردستان مجبر على تجميد 32 مليون دولار، مقابل الوديعة الموجودة في لبنان"، تقول المصادر، "أي أن هناك 64 مليون دولار لا يكمن استخدامها أو توظيفها. وهذا ما يمثل قمة الظلم، خصوصاً بعدما تراجعت الحركة التجارية بشكل كبير بين البلدين. فالوديعة بحسب المصادر وضعت في مصرف لبناني مراسل للمصرف الكوردستاني. وكان الهدف منها تأمين الحوالات، وتلبية ضمان فتح الاعتمادات المستندية للتجار وإعطاء الكفالات البنكية. وبما أن المصرف اللبناني لا يستطيع التحويل إلى فريق ثالث، والحركة التجارية تراجعت بشكل لافت، فإن الوديعة أصبحت في لبنان بحكم "الميتة"، بحسب ما تفيد أوساط البنك.

تعسف المصارف اللبنانية مع مصرف كوردستان الدولي الاسلامي – العراق ليس الاول من نوعه ولن يكون الاخير. ففي آذار الفائت أقفلت مجموعة من المصارف اللبنانية حسابات المودعين الذين يحملون الجنسية البريطانية. وذلك على خلفية اتخاذ المحكمة العليا البريطانية (Queen's Bench Division)، قراراً يلزم مصرفي "عودة" و"SGBL" اللبنانيين، بدفع مبلغ 4.6 ملايين دولار، لصالح المودع فاتشي مانوكيان، بعد أن قام المصرفان المذكوران بحجز أمواله لديهما والامتناع عن تحويلها. الضغوط الدولية والمحلية التي مارستها السفارة البريطانية في لبنان، ورابطة المودعين، خففت من حدة التعسف بحق المودعين من حملة الجنسية البريطانية، فيما لم يجد مصرف كوردستان من يدافع عنه.

الجدير بالذكر أن القرار باقفال الحساب ووضع المبلغ المستحق عند الكاتب العدل هو إجراء تعسفي بامتياز. فالشيك لا يعتبر وسيلة إبراء أصلاً، وتغيير شروط العقد بشكل إذعاني تحت طائلة التهديد باقفال الحساب مخالف للقانون ولأصول العمل المصرفي، ويتعارض مع قانون النقد والتسليف، ويخرق السرية المصرفية.