مايز عبيد

غضب في طرابلس والثوّار عادوا إلى ساحة النور... "لا تراهنوا على تعبنا"

15 كانون الثاني 2020

02 : 00

نزعت الثورة في طرابلس والشمال ثوب الهدوء، فرهان السلطة على تعب الشعب خاسر، حيث عاد اللبنانيون إلى الساحات مجدداً بالزخم نفسه الذي كان في بدايات ثورة 17 تشرين، بعدما ملّوا من سياسة "التطنيش" التي تنتهجها السلطة القائمة حيال مطالبهم.

وفي اليوم التسعين على ثورة الشماليين، إستعادت هذه الثورة زخمها المعهود، وشهدت مدينة طرابلس مسيرات حاشدة "نددت بالسلطة واستهتارها ورفضت سياسة تجويع اللبنانيين وجشع المصارف".

ومنذ الساعات الأولى من صباح يوم الثلثاء، شهدت مدينة طرابلس إقفالاً تاماً للطرق الرئيسية لا سيما دوار البحصاص، كما أقفلت كلّ مسارب الدوار بالسيارات وحاويات النفايات، وافترش شبانٌ الأرض بأجسادهم. كما عمد عددٌ من المتظاهرين إلى قطع مختلف أوصال المدينة ومحيطها، بدءاً من طريق البداوي والأوتوستراد الدولي عند نقطة البالما بالإتجاهين ومستديرة الملولة والطريق العام في منطقة التبانة بالإتجاهين، والبولفار وطريق القبة – زغرتا. هذا الأمر انسحب أيضاً على طرقات الكورة لا سيما أوتوستراد "كفرحزير" الذي قطعه المحتجون بالمستوعبات، وطريق وادي هاب الذي قطعه المحتجون بالحجارة والأتربة.

وكان لافتاً، ومن اليوم الـ 88 على الثورة، عودة الزخم الشمالي إلى ساحة النور (ساحة الثورة) بعد أيام لم تشهد فيها هذه الساحة الزخم الشعبي الذي كانت تشهده، خصوصاً في بدايات ثورة 17 تشرين. وفي ليلة التسعين على ثورة الطرابلسيين إحتشد المواطنون والمواطنات بشكل كبير في ساحة النور وأطلقوا الهتافات المؤيدة للثورة والرافضة لمماطلة السلطة في تلبية مطالب الشارع. وكان لـ"نداء الوطن" لقاءات مع أكثر من مشارك وناشط حيث اعتبر أحمد مسيكة أن "هذه السلطة وبعد 3 أشهر على انتفاضة الشعب اللبناني، لا تزال تتصرّف وكأن شيئاً لم يكن وظنت أن حماسة الناس قد خفت فعادت إلى الأسلوب السابق نفسه من تقاسم الحصص والمنافع المتبادلة بين أطرافها". أما السيدة ندى الشامي فقالت: "نقول للسلطة جميعها لا تراهني على تعب الناس لأننا لن نخرج من الساحات حتى تتحقق مطالبنا بالعدالة ودولة القانون والدستور".

كما شهدت المدينة مسيرات حاشدة جابت الشوارع والمناطق. أكبر هذه المسيرات كانت بعد الظهر بمسيرة سلمية من شارع عزمي إلى ساحة التل والكورة واخترقت شوارع المدينة مروراً من أمام مبنى بلدية طرابلس. وصدحت مكبّرات الصوت بالأغاني الثورية، وحمل المتظاهرون شعارات ولافتات تؤكد استمرار "انتفاضة الشعب وأهالي طرابلس حتى رحيل السلطة الفاسدة". كما ردد المتظاهرون هتافات نددت بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وسياسة المصرف الهادفة إلى تجويع اللبنانيين (يسقط يسقط حكم المصرف)... وكانت لافتة المشاركة النسائية ومشاركة طلاب وطالبات المدارس والجامعات بشكل يُذكّر بالأيام الأولى على انطلاقة الثورة. فالطالبة رنا مسلّم أوضحت لـ"نداء الوطن" أنّ "لا خروج من الشارع ولا رهان على ملل الطلاب والطالبات، لأنه من يجب أن يمل ويخجل هي هذه السلطة التي لا تسمع صرخات الناس التي ملأت الشوارع والساحات منذ ثلاثة أشهر... شعارنا كان ولا يزال "كلن يعني كلن" ونريد حكومة نظيفة يعطيها الشعب الثقة قبل أي أحد". كما شدد الطلاب والمشاركون في هتافاتهم على "ضرورة وضع حد لمعاناة الناس المعيشية وتلبية مطالب الشعب الثائر في وجه سلطة الفساد والاستبداد".

وكان النهار التسعون على الثورة قد بدأ شمالاً بإقفال الثوار عدداً من المؤسسات والدوائر الرسمية. أما طلاب ثانوية حلبا الرسمية، فقد رفضوا صباح الثلثاء الدخول إلى صفوفهم وتجمعوا أمام مبنى الثانوية وتظاهروا في بلدة حلبا، كما نزلوا إلى الساحات وشاركوا إلى جانب الثوار في قطع بعض الطرقات.

إلى ذلك استمرت معاناة المواطنين من نقص مادة الغاز المنزلي، وسط ارتفاع في أسعار السلع اليومية والمواد الغذائية وغيرها. وانتقد المواطنون "سكوت الأجهزة المعنية الذي يشجّع التجّار على جشعهم واستغلال أوضاع الناس المعيشية، لتحقيق أرباح غير شرعية على حساب المواطن وفقره".