"زيارة أكثر من دينية وأقلّ من طرح أسماء".. الرّاعي رفع من الفاتيكان سقف الخطاب في وجه "المعطّلين"

16 : 18

 جدد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وصفه جلسات انتخاب رئيس الجمهورية بـ"الهزلية".


وقال في حديثٍ إذاعيّ من روما: "نرى أنّ هناك فئةً من الكتل النيابيّة طرحت مرشحها النائب ميشال معوض، وتصوّت له، وفئة أخرى تصوّت بورقة بيضاء، والبعض يصوت لأسماء أو لشعارات، فهل يجوز أن نستمرّ كذك؟".


وتوجّه إلى أصحاب الأوراق البيضاء بالقول: "من هو مرشَّحكم؟ لماذا لا تعلنون عن اسمه وتصوّتون له؟ واذا كانت هناك من أسماء تستطيعون أن تتفاوضوا عليها، تَدعون إلى التفاوض ولا أحد يعرف ماذا يضمر الآخر، وهذا ما وصفته أنا بالجلسات الهزلية، ثم ماذا يعني حضور النواب كل خميس لجلسة انتخاب رئيس، فهذا غير دستوري؟ عندما كنا على مقاعد الدراسة هنا في إيطاليا، رأينا لمرات عدة كيف ينتخبون الرئيس: البرلمان يكون مفتوحاً يوميّاً، الجلسات متتالية، أسماء تظهر وأسماء تغيب ويصلون أخيراً إلى انتخاب رئيسٍ. أما وفق الطريقة التي تحصلُ في لبنان فيُمكن أن نستمرَّ جيلاً بعد جيل وسنة بعد سنة في الأسلوب نفسه، وهذا الأمر لا يجوز".


وسأل النواب: "ماذا يعني أنّكم تأتون إلى مجلس النواب ويكتمل النصاب ثم بعد الدورة الانتخابية الاولى تغادرون القاعة ويُفقد النصاب؟ فلو لم يتوافر هذا النصاب في الدورة الاولى "محلولة"، ولكن ما معنى أن توفروا النصاب في الجلسة الاولى وتغادروا في الجلسة الثانية؟ أين الدستور والمفاهيم، ألا يُعدّ هذا الأمر استخفافاً بالشعب اللبناني وبشخص رئيس الجمهورية، أياً يكن الرئيس؟".


وجدّد السّؤال: "لماذا تفعلون هكذا فقط برئيس الجمهوريّة المسيحيّ المارونيّ، فيما رئيس مجلس النّوّاب يُنتخب بجلسةٍ واحدةٍ ورئيس الحكومة يُكلّف فور انتهاء الاستشارات النيابيّة؟ كأنّكم تقولون إنّكم تستطيعون الاستغناءَ عن رئيس الجمهوريّة. وإذا كُنتم تتمسّكون بالميثاق، فأين هو العنصر المسيحي وأنتم تغيّبون انتخاب الرئيس، وأين هو فصل السلطات؟ فهذا كلُه ضد الدستور واستبداد وظلم في حق لبنان".


ورداً على سؤالٍ، قال: "لو كانوا يستطيعون حلَّ الموضوع الرئاسيّ داخلياً، لكانوا انتخبوا الرئيس، وهذا يدلُّ، أسبوعاً بعد أسبوع، أنّهم بانتظارِ كلمة السّرّ من الخارج. للأسف، وإن كانوا "رح يزعلوا منّي"، فهم لم يصلوا بعد إلى النضج في تقرير مصير وطنهم مع بعضهم البعض لانتخاب رئيس للجمهورية"، مشدّداً على أنّ "الاكثريّة المسيحيّة طرحت إسماً للرئاسة، فليطرح الآخرون اسماً ولا يقولوا إنّ المسيحيين لم يتفقوا، وحتّى الآن يبدو أن لا توافق على اسم مرشح في انتظار الخارج، وحتى الآن لن يأتي هذا الاسم، ولكن على المسؤولين اللبنانيين التشاور والتصويت، فهكذا يُنتخب البابا والبطريرك، ولو كنا نتفق قبل الانتخاب لما كان لنا لا بابا ولا بطريرك" .


"من حق لبنان ان يكون له رئيس"

وهل طرح خلال لقاءاته في الفاتيكان الموضوع الرئاسي ودور الكرسي الرسولي في هذا الموضوع، قال: "نسمع جميعنا نداءات قداسة البابا ودعوته المجتمع الدولي الى مساعدة لبنان للخروج من أزماته، فالفاتيكان يعنيه أمر لبنان، لان هذا البلد هو نموذج وصاحب رسالة في هذا الشرق، كما أعلن القديس الراحل يوحنا بولس الثاني، والفاتيكان ملتزم هذا القول، وفي كل مناسبة يعلن قداسته هذا الموضوع، وهو معني بالعمق ان لبنان يجب أن يخرج من أزمة الرئاسة، ويجب انتخاب رئيس جديد للجمهورية. أنا أقول إنّ من حقّ لبنان أن يكون له رئيس، ولا يحقُّ لأحد أن يعطّل هذا الاستحقاق، فعدم وجود رئيسٍ للجمهوريّة يعني أنّ هناك جسماً من دون رأس، ويعني أيضًا تفتيت أوصال الدولة".


وعن مساعِي الفاتيكان مع الدول الفاعلة، قال: "أكيد، الفاتيكان يعمل ديبلوماسيّاً مع الدول، ويبحث عن المفاتيح الدولية لمساعدة لبنان للخروج من هذه الازمة".


"المؤتمر الدولي لخلاص لبنان ولخير اللبنانيين"

وتطرق إلى "طرح الحياد والمؤتمر الدوليّ لخلاص لبنان"، قائلاً: "الفاتيكان لا يطرح عادةً قضايا من هذا النّوع، بل يعمل عندما يقتنع بالأمر بطريقته الديبلوماسيّة. لا ننتظر أن يعلن الفاتيكان يوماً ما أنّه مع حياد لبنان أو مع مؤتمر دولي للبنان، فهو عندما يقتنع بذلك يعمل ديبلوماسياً وليس إعلامياً، ومن جهتي، كتبت للفاتيكان عن هذه الامور وأترك له أن يقرر هل يريد أن يسير بهذا الموضوع أو لا. ولكن أنا كبطريرك، من واجبي أن أكتبَ للفاتيكان عن هذا الموضوع لكي يفهم المعنيّون الأمر منّي، وليس من غيري، وأن يُدركوا ماذا أعني بالحياد وكيف يُشكل خيراً لجميع اللبنانيين وليس لفئة معينة".


وجدد القول: "لكي يفهم الجميع لمرّةٍ واحدة وأخيرة، إذا أرادوا أن يفهموا، ما دام السياسيون والفئات والكتل السياسية لا يجلسون إلى طاولةٍ للبحث في مشكلة لبنان، وأن يُشّخصوا سبب معاناته، فلا يجوز ترك لبنان يموت على قارعة الطريق وهو عضو فاعل ومؤسس وملتزم في الامم المتحدة وفي جامعة الدول العربية، ولا يجوز أن يترك هذا البلد للموت كما هو الآن، أما أن تنتظروا أن يتفق جميع اللبنانيين على هذا الموضوع فهذا غير ممكن، لأن هناك من لا يريد، ويرى أن مصلحته ألا يكون لبنان في حياد.


- إن ما نطرَحُه في موضوع المؤتمر الدولي هو أولاً تطبيق اتّفاق الطائف نصاً وروحاً ولا نريد تغيير هذا الاتفاق، إذ إنّ عدم تطبيقِه منذ 30 عاماً هو الذي أوصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم، فلا توجد سلطة في لبنان بل عثرات أمام تطبيق الدستور.


- هناك قراراتُ مجلس الأمن وهي الـ1559- 1680 - 1701، ترتبط بسيادة لبنان وبسط سلطة الدولة على كامل الاراضي اللبنانية، وهي لمصلحة لبنان، ولبنان غير قادرٍ على تنفيذها بقوته، لذا، على المجتمع الدوليّ الذي أصدر هذه القرارات أن يطبقها.


- هناك قضية اللاجئين الفلسطينيين الذين يجب إيجاد حل لهم لأننا لا نستطيع لا نحن ولا هم أن نحلُم بأنه ستكون هناك دولة فلسطينيّة، وإن كنّا نرغب في أن يحصل ذلك، ولكن في حال لم يتم ذلك، ولا يسمح لهم أن يعودوا الى أرضهم، فعلى المجتمع الدوليّ أن ينظرَ بشأنهم وإيجاد طريقة لهم لكي يعيشوا بطريقة لائقة، لا في المخيّمات. فلبنان لا يستطيع أن يكون هناك على أرضه بُقع لا سلطة للدولة عليها، نحن مع القضية الفلسطينية ولكن في حال لم تُحَلّ فيجب ايجاد الحل لهذا الشعب.


-بالنسبة الى قضية اللاجئين السوريين، لبنان لا يستطيع بعد اليوم أن يتحمّل مليوناً ونصف مليون لاجئ سوريّ على أرضه، إضافةً إلى نصف مليون فلسطينيّ، وشعبه يهاجر، لذا يجب عودتهم إلى بلادهم كما وأنّه لا يجوز أن يُردّدَ المجتمع الدوليّ ألّا أمن في سوريا ويجب العودة الكريمة والمضمونة، وهذا يعني "إرزح يا لبنان تحت كل الأعباء الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية"، فلبنان استقبل اللاجئين السوريين، ولكن يجب أن يعودوا إلى سوريا لا كرهاً بهم، بل لأنّ سوريا وطنهم وهناك ثقافتهم وتاريخهم .


- لبنان لا يستطيع أن يعيش وهو يُعادي الدول، فقيمة هذا الوطن بحياده وأنه بلد متعدد الديانات والثقافات، منفتح على كلّ الدول والحضارات، وهو أول من وقّع وما زال يلتزم حقوق الانسان والحريات العامة، نظامه ديمقراطيّ، فلبنان ليس أرضاً للحروب بل إنه أرض اللقاء، ومجلس الأمن سبق له أن أعلن أنه بلد الحوار والتلاقي. يتكلمون على تدويل القضيّة وعلى سلام مع إسرائيل، فهذا ليس ما أطالب به عبر "المؤتمر الدولي لخلاص لبنان" كما يقول البعض، وأتمنى، ولو لمرة واحدة وأخيرة، أن يفهموا ماذا أعني من طرحي. وأجدد القول: إن هذا كلّه لخير جميع اللبنانيين من دون استثناء".

MISS 3