رالف شربل

منتخباتٌ برزت وتأهلت وأخرى ودّعت وخيّبت الآمال

3 كانون الأول 2022

02 : 10

اللاعبون الالمان يحيّون جماهيرهم بعد الخروج المبكر من المونديال
في متابعة لآخر أخبار مونديال قطر الذي تستمرّ منافساته حتى 18 كانون الأول الجاري، تنشر "نداء الوطن" في الحلقة الثانية اليوم تحليلاً مفصّلاً عن نتائج مباريات وأداء المنتخبات المشاركة ضمن دور المجموعات.

في قراءة متأنية لمجريات الدور الأول يمكن إستخلاص الآتي:

المجموعة الأولى:


1- هولندا: سبع نقاط، 2- السنغال: ستّ نقاط، 3- الاكوادور: أربع نقاط، 4- قطر: صفر من النقاط.

ذهبت صدارة المجموعة لهولندا كما كان متوقعاً، لكنّ هذه الأخيرة لم تقنع كثيراً بأدائها، وعانت الأمرّين أمام كلّ من الاكوادور والسنغال. ولعلّ أبرز الإيجابيات للطواحين الهولندية هو تألق النجم الواعد كودي جاكبو الذي سجّل هدفاً في كل مباراة من مباريات البرتقاليين في دور المجموعات، والدفاع الصلب الذي لم يتلقّ سوى هدف واحد في ثلاث مباريات.

أمّا المنتخب السنغالي، ثاني المجموعة، فقدّم مباريات كبيرة ولم يتأثر بغياب نجمه ساديو ماني بداعي الإصابة. انّ هذا الجيل السنغالي لا يقلّ شأناً عن جيل هنري كامارا والحاج ضيوف الذي وصل الى ربع نهائي مونديال 2002، فأبناء المدرب أليو سيسيه أقوياء بدنياً وأذكياء تكتيكيا ومميزين فنياً...

المنتخب الاكوادوري كان قاب قوسين أو أدنى من التأهل، فقد قدّم مباراتين كبيرتين أمام كلّ من قطر وهولندا، لكنّه دمّر كلّ ما بناه في تلك المباراتين في لقاء حسم التأهل ضد بطل أفريقيا، حيث لم يرتقِ للمستوى المطلوب...

المنتخب القطري خيّب الآمال، فقد بدا عاجزاً عن مقارعة أيّ من المنتخبات الثلاثة الأخرى في هذه المجموعة بسبب ضعفه الفني والتكتيكي الواضح.

المجموعة الثانية:


1- إنكلترا: سبع نقاط، 2- الولايات المتحدة الأميركية: خمس نقاط، 3- ايران: ثلاث نقاط، 4- ويلز: نقطة واحدة.

أكبر مفاجأتين حدثتا في هذه المجموعة كانتا أداء المنتخب الأميركي المميز، حيث كان الطرف الأفضل في جميع مبارياته، وفوز المنتخب الايراني المستحقّ على حساب المنتخب الويلزي. انّ هذا الأخير قد قدّم مستوى كارثياً، ليتذيّل ترتيب المجموعة بشكل منطقي.

المنتخب الإنكليزي ارتقى الى مستوى تطلعات جماهيره في مباراتيه أمام إيران وويلز على عكس مباراته مع المنتخب الأميركي. لعلّ أبرز نقاط قوة منتخب "الأسود الثلاثة" هو إمتلاكه دكة بدلاء مميزة، فعلى سبيل المثال تألّق البديلان ماركوس راشفورد وفيل فودين اللذان سجلا أهداف إنكلترا الثلاثة في لقائها مع جارتها ويلز، بالإضافة الى اللعب الجماعي وعدم التركيز على لاعب معين.

صحيح أنّ قائد انكلترا هاري كاين لم يسجّل، لكنّه كان كريماً جداً مع زملائه، وأكّد أنّه ليس فقط هدافاً من الطراز الرفيع، بل صانع ألعاب من طينة الكبار أيضاً.

المشاركة الإيرانية كانت جيدة رغم الخسارة الكبيرة في أول مبارياتها ضد إنكلترا بنتيجة 6-2، فالمنتخب الإيراني قدّم عرضاً بطولياً أمام ويلز وكان قريباً جداً من التأهل الى الدور الثاني.

نستطيع أن نلخّص نتائج هذه المجموعة بالعبارة التالية: المنطق فرض نفسه.



هل تدوم فرحة ميسي والأرجنتينيين حتى نهاية المونديال؟



المجموعة الثالثة:


1- الأرجنتين: ستّ نقاط، 2- بولندا: أربع نقاط، 3- المكسيك: أربع نقاط، 4- السعودية: ثلاث نقاط.

استُهلّت هذه المجموعة بإحدى أكبر المفاجآت في تاريخ كأس العالم، حيث تمكّن المنتخب السعودي من قلب الطاولة على نظيره الأرجنتيني والفوز عليه بنتيجة 2-1. أهدر "الأخضر" السعودي فرصة التأهل الى الدور الثاني في مباراته أمام بولندا، حيث لم يستطع ترجمة أفضليته الى أهداف فدفع الثمن غالياً، إذ استطاعت بولندا من خلال أدائها الدفاعي الواقعي أن تتغلّب على أبناء المدرب الكبير هيرفي رينارد بثنائية نظيفة. لم تكن السعودية على الموعد أمام المكسيك وفازت عليها الأخيرة عن جدارة. لكنّ إيجابيات كثيرة يمكن استخلاصها من المشاركة السعودية المشرّفة في هذا المونديال، منها التطوّر الفني والبدني والتكتيكي الكبير، وقدرة المنتخب السعودي على مقارعة أيّ منتخب آخر مهما علا شأنه.

المنتخب البولندي كان صاحب الأداء الأكثر تواضعاً من بين المنتخبات الأربعة في هذه المجموعة، فهو كان الطرف الأضعف في جميع مبارياته، لكنّه بفضل واقعيته وتألّق حارسه تشيزني استطاع بلوغ الدور الثاني للمرّة الأولى منذ مونديال 1986.

المنتخب الأرجنتيني قدّم أداء تصاعديًا في الدور الأول، فبعد بدايته الكارثية أمام السعودية، استطاع بفضل ملهمه وقائده ميسي أن يخطف فوزاً صعباً من المكسيك، قبل أن يختتم مبارياته في الدور الأول بعرض مميّز أمام بولندا مكّنه من تزعّم المجموعة. انّ نتيجة 2-0 التي فاز بها "الألبيسلستي" على بولندا ظالمة، فالأرجنتين استحقت أن تفوز بنتيجة أكبر نظراً لمستواها الاستثنائي من النواحي الفنية والبدنية والتكتيكية والجماعية أمام ليفاندوفسكي ورفاقه.

أمّا المكسيك فكانت قاب قوسين أو أدنى من التأهل، الا أنّ فارق الأهداف حرمها من ذلك. قدّمت المكسيك مباراة ممتازة أمام السعودية، لكنّها كانت ضعيفة من الناحية الهجومية أمام بولندا والأرجنتين، حيث عجزت عن هزّ الشباك في أوّل مباراتين لها.

المجموعة الرابعة:


1- فرنسا: ستّ نقاط، 2- أستراليا: ستّ نقاط، 3- تونس: أربع نقاط، 4- الدنمارك: نقطة واحدة.

أبدع المنتخب الفرنسي في أول مباراتين له أمام كلّ من أستراليا والدنمارك مقدّماً كرة قدم هجومية رائعة. نجح كيليان مبابي بخطف الأضواء بفضل أهدافه الثلاثة في مرمى أستراليا والدنمارك. كان المنتخب الفرنسي أوّل المتأهلين الى الدور الثاني، ما جعل المدرب ديدييه ديشان يقوم بزجّ تشكيلة معظمها من البدلاء أمام تونس. فازت هذه الأخيرة بهدف نظيف على الديوك بسبب استهتار ديشان واستبسال وعزيمة التونسيين، لكنّ هذا الانتصار التاريخي لم يكن كافياً لنسور قرطاج من أجل العبور الى الدور الثاني. ويبقى المنتخب الفرنسي، رغم النكسة الكبيرة التي تعرّض لها في مباراته الثالثة في الدور الأول، أحد أبرز المرشحين لخطف اللقب.

أستراليا كانت مفاجأة هذه المجموعة، فقد تمكّن "الكانغورو" من تحقيق انتصارَين بشقّ الأنفس على كلّ من تونس والدنمارك. هذه الأخيرة صدمت الجميع في هذا المونديال، فهي لم تقدّم المطلوب منها وخيّبت الآمال المعقودة عليها في جميع مبارياتها في الدور الأول.

تونس حققت الأصعب من خلال حصدها أربع نقاط في مواجهة المنتخبَين الأوروبيَين، لكنَها ضيّعت فرصة التأهل في لقائها أمام أستراليا الذي حسمته هذه الأخيرة بالواقعيّة بنتيجة (1-0).

المجموعة الخامسة:


1- اليابان: ستّ نقاط، 2- إسبانيا: أربع نقاط، 3- ألمانيا: أربع نقاط، 4- كوستاريكا: ثلاث نقاط.

هي بدون شك أكثر المجموعات جنوناً، فقد عرفت تقلّبات وسيناريوات غير متوقّعة. نجحت اليابان بقلب الطاولة على ألمانيا والتغلّب عليها في الجولة الأولى ثم كرّرت الحكاية نفسها أمام اسبانيا في الجولة الثالثة، في حين أنّها تكبّدت الخسارة في الجولة الثانية أمام كوستاريكا.

تربُّع "الكمبيوتر" الياباني على عرش هذه المجموعة لم يأت وليد الصدفة، فقد أظهر هذا المنتخب أنه ممتاز فنياً وذهنياً وبدنياً، بالإضافة الى امتلاكه دكة بدلاء تصنع الفارق.

أمّا المنتخب الألماني الذي خرج من الدور الأول للمرّة الثانية على التوالي فقد كان ضعيفاً جداً في الدفاع والحراسة، حيث دخلت شباكه خمسة أهداف في ثلاث مباريات بسبب الثغرات في دفاعه وهفوات حارسه مانويل نوير، كما أنّه افتقد لرأس حربة يُحسن ترجمة الفرص الى أهداف، اذ تفنّن لاعبو "الماكينات الألمانية" في اهدار الفرص السهلة... هذا الخروج من الباب الضيق يؤكد استمرار الانحدار بالنسبة "للمانشافت".

بعد بدايته النارية أمام المنتخب الكوستاريكي الذي إكتسحه بسباعية نظيفة، تراجع أداء المنتخب الاسباني في مباراتيه أمام ألمانيا واليابان، وقد ظهرت بوضوح عيوبه الدفاعية، ما يطرح علامات استفهام كثيرة حول استبعاد المدرب لويس انريكي لقلب الدفاع سيرجيو راموس. لعلّ أبرز الإيجابيات التي يمكن استخلاصها بالنسبة "للفوريا روخا" هي الأداء الجماعي المميز والتفوّق الفنّي "للماتادور" وتألّق ألفارو موراتا الذي سجّل ثلاثة أهداف في الدور الأول (هدف في كل مباراة).

كوستاريكا كانت الطرف الأضعف في جميع مبارياتها، لكنّها حققت فوزاً فيه الكثير من الحظ والواقعيّة على اليابان بهدف نظيف، ما سمح لها بالمنافسة على إحدى بطاقتي التأهل الى الدور الثاني حتى الرمق الأخير.. كوستاريكا هي أكثر منتخب اهتزّت شباكه في الدور الأول، حيث تلقّى حارسه كيلور نافاس 11 هدفاً.




الكرة بعيدة عن متناول الحارس البلجيكي كورتوا بمواجهة المغرب


المجموعة السادسة:


1- المغرب: سبع نقاط، 2- كرواتيا: خمس نقاط، 3- بلجيكا: أربع نقاط، 4- كندا: صفر من النقاط.

قبل إنطلاق أحداث هذه المجموعة، كانت الترجيحات تصبّ في صالح بلجيكا وكرواتيا، رغم تراجع مستوى كلا المنتخبين الأوروبيين مقارنة بنسخة العام 2018 من كأس العالم. لكن فوق أرض الميدان، خالف منتخب "أسود الأطلس" كلّ التوقعات والتكهنات والتحليلات، متربّعاً عن جدارة واستحقاق على عرش هذه المجموعة.

المنتخب المغربي قدّم ثلاث مباريات كبيرة جداً ضد كرواتيا وبلجيكا وكندا، فقد كان أداؤه متوازناً، ممتعاً هجومياً وصلباً دفاعياً، وخير دليل على هذا الكلام أنّ شباك المغرب تلقّت هدفاً واحداً فقط خلال الدور الأوّل!

أمّا المنتخب الكرواتي فكان جيداً واستحقّ التأهل، وكانت أفضل عروضه في ثاني مبارياته أمام كندا، حيث أظهر قوّة شخصيته قالباً الطاولة على ألفونسو دايفيس ورفاقه. أحد أكبر مكاسب كرواتيا في هذا المونديال هو قلب الدفاع جوسكو جفارديول الذي قدّم مستوى كبيراً، خصوصاً في لقاء حسم التأهل أمام بلجيكا. صحيح أنّ الجميع قبل انطلاق المونديال كان يتحدث عن تقدّم لاعبي المنتخب البلجيكي في العمر وعدم قدرتهم على تكرار انجاز مونديال 2018، الا أنّ أكثر المتشائمين لم يكن يتوقع من "الشياطين الحمر" هكذا أداء كارثي من الناحيتين الهجومية والدفاعية!!

نجح هازارد ورفاقه بالفوز بشق الأنفس على كندا في أول مبارياتهم رغم تفوّق الكنديين الواضح في الأداء والفرص، لكنّهم خسروا مباراتهم الثانية أمام المغرب وأضاعوا الفوز أمام كرواتيا بسبب رعونة روميلو لوكاكو الذي تفنّن في اهدار الفرص السهلة. باختصار، انّها نهاية حقبة في المنتخب البلجيكي، حقبة ذهبية كان فقط ينقصها التتويج بلقب كبير.

كندا قدّمت أفضل عروضها في مباراتها الأولى أمام بلجيكا وكانت تستحقّ الخروج بانتصار من تلك المباراة. لكنّ أداءها تراجع كثيراً في مباراتيها أمام كرواتيا وكندا، وهي المنتخب الوحيد رفقة المنتخب القطري الذي عجز عن الحصول على أيّ نقطة في الدور الأول.


المجموعة السابعة:


1- البرازيل: ستّ نقاط ، 2- سويسرا: ستّ نقاط، 3-الكاميرون: أربع نقاط، 4-صربيا: نقطة واحدة.



استهلّ المنتخب البرازيلي مشوراه في مونديال 2022 بقوّة، اذ استطاع التغلّب على نظيره الصربي بثنائية نظيفة كان بطلها المهاجم ريتشارليسون. لكنّ غياب نيمار في مباراتيه التاليتَين ألقى بظلاله على "السيليساو" حيث تراجع كثيرًا أداء "الأوريفيردي". عانى المنتخب البرازيلي في اللمسة الأخيرة حيث لم يسجل سوى ثلاثة أهداف في مبارياته الثلاث، ما يعدّ مخيبًا جدًا في ظلّ امتلاكه ترسانة من المهاجمين المميزين.



أمّا سويسرا فارتقت الى مستوى التطلعات، محققة فوزين صعبين على الكاميرون وصربيا. هذه الأخيرة تذيّلت المجموعة بسبب دفاعها السيّئ، حيث دخل مرماها ثمانية أهداف في ثلاث مباريات!



أمّا الكاميرون فقد كانت مشاركتها مشرّفة جدًا وأظهر لاعبوها شخصيّة قويّة، حيث تمكّنوا من خطف التعادل أمام صربيا بعد أن كانوا متأخرين بفارق هدفين، وحققوا انتصارًا تاريخيًا على البرازيل بهدف فينسنت أبو بكر.


المجموعة الثامنة:



1- البرتغال: ستّ نقاط، 2- كوريا الجنوبية: أربع نقاط، 3- الأوروغواي: أربع نقاط، 4- غانا: ثلاث نقاط.

تصدّر المنتخب البرتغالي هذه المجموعة عن جدارة، وكان أفضل عروضه أمام منتخب الأوروغواي حيث تمكّن "برازيليو أوروبا" من الفوز بثنائية نظيفة حملت توقيع برونو فرنانديس. هذا الأخير كان أفضل لاعب برتغالي في الدور الأول حيث سجّل هدفين وقدّم تمريرتين حاسمتين في أوّل مباراتين لمنتخب بلاده.

المنتخب البرتغالي أثبت أنّه من أبرز المنتخبات الأوروبية المشاركة في مونديال 2022 وهو يملك حلولا كثيرة بفضل رصيده البشري المميز في كافة الخطوط. أراح هذا الأخير معظم اللاعبين الأساسيين في مباراة البرتغال الثالثة أمام كوريا الجنوبية، فدفع الثمن غالياً حيث استطاع المنتخب الآسيوي الفوز بنتيجة 2-1.

خيّبت الأوروغواي الآمال المعقودة عليها في أوّل جولتين، قبل أن تفوز في المباراة الثالثة أمام غانا، الا أنّ هذا الفوز لم يكن كافياً للتأهل الى الدور الثاني. أبرز العوامل التي قادت "لا سيليستي" الى تحقيق الانتصار على غانا هو إهدار قائد الأخيرة أندري أيوو ضربة جزاء عندما كانت لا تزال النتيجة تشير الى تعادل سلبي بين المنتخبين، وتألق الثنائي الهجومي لويس سواريز وجيورجيان دي أراسكايتا والحارس سيرخيو روشيت.

المنتخب الكوري الجنوبي كان ندّاً صعباً لباقي منتخبات هذه المجموعة وتمكّن من انتزاع أربع نقاط من أقوى منتخبين في المجموعة، معوّضاً خسارته أمام غانا، لينجح بخطف بطاقة التأهل الثانية بطريقة "هيتشكوكية".


في الختام، لقد عرف الدور الأول الكثير من المفاجآت وأظهر أنّ الفجوة بين المنتخبات والقارات لم تعد كبيرة كما في السابق، وقد تجلّى ذلك بعدم قدرة أي منتخب على الحفاظ على شباك نظيفة أو الحصول على العلامة الكاملة.


MISS 3