حبيب حسني

الأزمة الاقتصادية في لبنان

16 كانون الثاني 2020

02 : 00

أ- كيف وصلنا إلى هناك؟

لطالما عُرف لبنان تقليدياً (أو كان صاحب السمعة السيئة !!) بقدرته على الحفاظ على وضع "العجز المزدوج" لفترة طويلة من الزمن:

1- العجز المالي.

2- عجز التجارة الخارجية.

وقد اعتبر الخبراء ذلك الأمر وضعاً محفوفًا بالمخاطر يصعب فهمه، إنما قيل أيضاً إن الفائض في ميزان المدفوعات يمكن أن يعوض العجزين، وبالتالي ستتمكّن تدفقات الأموال الكبيرة في النظام المصرفي اللبناني من تمويل العجزين.

ما لم يتوقعه صانعو السياسة والمسؤولون هو أن تدفقات الصندوق ستجف يوماً، وسيحتاج الاقتصاد إلى أموال جديدة للواردات وللاستثمارات الرأسمالية.

إضافة إلى ذلك، يجب تحسين البنية التحتية لتتمكن القطاعات الإنتاجية من تحقيق نمو في السلع والخدمات المصنعة للاستهلاك المحلي والصادرات الدولية.

كذلك لم يتوقع السياسيون انخفاض التدفقات الخارجية الناجمة عن عوامل تباطؤ مختلفة في البلدان التي تستضيف جاليات لبنانية كبيرة.

أخيرًا وليس آخرًا، لم يهتم السياسيون الفاسدون فعلياً بتنفيذ الإصلاحات اللازمة لأنهم يجنون فوائد فقاعة مالية ناجمة عن المال السهل وأسعار الفائدة المرتفعة.

من الواضح أن أفعال السياسيين فقدت التركيز وظهر عدم ثقة واسع النطاق بين غالبية السكان.

ومن العوامل الأخرى التي أثرت على العجز في ميزان المدفوعات، زيادة عدد اللاجئين الذين ينافسون العمالة المحلية ويرفعون البطالة الوطنية إلى مستويات أعلى.

في ظل غياب خطة اقتصادية واضحة، وعلى الرغم من توصيات ماكينزي الاستشارية، لم يهتم أحد بتبني سياسة لحماية الوظائف ذات الدخل المنخفض والصناعات المحلية.

النتائج الأكثر وضوحاً لما سبق هي:

- ارتفاع التضخم بشكل حاد بسبب الانخفاض السريع في قيمة الليرة اللبنانية في السوق الموازية.

- انخفاض مستويات الأجور والعمالة بشكل كبير، الأمر الذي ألحق الضرر بجميع القطاعات وبمجموعات واسعة من السكان.

ب- كيف سيكون الوضع الآن؟

سنرى في العام 2020 انكماشاً في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة مئوية تتخطى العشرة في المئة بالإضافة إلى خسارة الدخل الشخصي.

يجب أن يرتكز هدفنا على الحد من الضرر ومنع وقوع انهيار كبير.

يجب أن تكون استعادة الثقة أحد التدابير الرئيسية عن طريق:

1. الحد من التقلبات في سعر صرف الليرة اللبنانية.

2. تشكيل حكومة على وجه السرعة.

إنشاء "خلية أزمة" لبدء المفاوضات مع حاملي ودائني سندات اليورو المحلية والأجنبية لتمديد استحقاقات السندات وتخفيض مدفوعات أسعار الفائدة.

تشريع ضوابط رأس المال غير الرسمية المطبقة من قبل البنوك.

الاتفاق مع المتبرعين من صندوق النقد الدولي و CEDRE لضخ كمية كبيرة من النقد في الاقتصاد.

إعادة القطاعات المربحة إلى الدولة اللبنانية (الاتصالات، الموانئ، الأملاك العامة، واردات الوقود والغاز، إلخ).

تكليف النظام القضائي بقمع الفساد بهدف البدء بمحاكمة عمليات الاحتيال واسترداد الأموال العامة المسروقة.

بدء العمل على نظام إصلاح سياسي طويل الأجل، إلغاء النظام الطائفي والتحوّل إلى مجتمع مدني حديث.

إن عامل الوقت هو جوهر المسألة الآن، وينبغي ألا يتأخر تنفيذ التدابير لأننا نشهد تدهوراً في الوضع على أساس يومي وأسبوعي.

MISS 3