الثورة تجبر النظام الإيراني على حلّ "شرطة الأخلاق"

02 : 00

خلال تظاهرة لمعارضين إيرانيين في تولوز الفرنسية أمس الأول (أ ف ب)

في أوّل صفعة من العيار الثقيل يتلقّاها نظام الجمهورية الإسلامية على "وجهه الثيوقراطي" تحت وطأة زخم "ثورة النساء والحرّية" المندلعة في البلاد، اضطرت طهران إلى حلّ "شرطة الأخلاق" التي أطلق توقيفها لمهسا أميني وتسببها بوفاة الشابة بعد 3 أيّام، شرارة الثورة المنادية بإسقاط النظام الإيراني والتي لا تزال مستمرّة في مسار تصاعدي منذ حوالى 3 أشهر.


وجاء هذا الإعلان الذي يُعتبر بمثابة "النكسة" لقيادة الجمهورية الإٍسلامية التي تُحاول تهدئة غضب الشارع، بعدما قرّرت السلطات السبت مراجعة قانون 1983 في شأن الحجاب الإلزامي في إيران الذي فُرض بعد 4 سنوات على الثورة الإسلامية عام 1979، في حين يرى متابعون للشأن الإيراني أن القرار الأخير الذي يهدف النظام من خلاله إلى استيعاب الحراك الشعبي، سيأتي بنتائج عكسيّة لطهران، إذ سيُعطي دفعاً معنويّاً هائلاً للثوار بالإستمرار في حراكهم الميداني وتفعيله، بحيث بدأ يقطف ثماره وصولاً حتّى تحقيق هدفه بإسقاط النظام القمعي الحاكم برمّته، خصوصاً في ظل ما ظهر من مؤشّرات على تقديم هذا النظام تنازلات إضافية للشعب الإيراني المنتفض مع تأكيد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أنه من الممكن إعادة النظر في مواد بالدستور، الذي تمّت كتابته عام 1979.


وفيما كشف النائب العام حجة الإسلام محمد جعفر منتظري مساء السبت أن "شرطة الآداب أُلغيت من قِبل الذين قاموا بإنشائها"، اعتبر المتحدّث باسم رئاسة مجلس الشورى الإيراني أمس أن "أفضل طريقة للتعامل مع أعمال الشغب هي الانتباه إلى المظالم الحقيقية للشعب" والتي يتعلّق معظمها "بوسائل العيش والقضايا الاقتصادية"، بينما قوبل إعلان إلغاء "شرطة الأخلاق" بتشكيك من إيرانيين على الشبكات الاجتماعية، وأعرب أحدهم عن خشيته من أن يوكل دورها إلى هيكل حكومي آخر.


وبعد 1979، قامت "اللجان الثورية الإسلامية" التابعة لـ"الحرس الثوري"، بتسيير دوريات لفرض قواعد اللباس و"الآداب العامة" في إيران. لكن أُنشئت "شرطة الأخلاق" التي تُعرف محلّياً باسم "غشت ارشاد" (أي دوريات الإرشاد)، في عهد الرئيس المحافظ المتشدّد محمود أحمدي نجاد (2005-2013) من أجل "نشر ثقافة الحشمة والحجاب".


وتعليقاً على قرار إنهاء عمل "شرطة الأخلاق"، قال وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن خلال مقابلة مع برنامج "واجه الأمة" على شبكة "سي بي أس" الأميركية: "الأمر متروك للشعب الإيراني ولا يتعلّق بنا. وما رأيناه منذ مقتل مهسا أميني كان الشجاعة غير العادية للشباب الإيراني، خصوصاً النساء اللواتي قدنَ هذه الاحتجاجات ودافعنَ عن الحق في أن يكونوا قادرين على قول ما يُريدون قوله، وارتداء ما يُريدون".


واعتبر أنه "إذا كان النظام قد استجاب الآن بطريقة ما لتلك الاحتجاجات، فقد يكون ذلك شيئاً إيجابيّاً، لكن علينا أن نرى كيف يحصل ذلك من ناحية الممارسة". ومع مواصلة الاحتجاجات في البلاد، تستمرّ موجة الدعوات للمشاركة الواسعة في تظاهرات كثيفة جديدة تنطلق اليوم وتستمرّ حتّى الأربعاء. وأصدر عدد من الشباب الإيراني من مدن مختلفة، بياناً مشتركاً للانضمام إلى الإضراب والاحتجاجات على مستوى البلاد، بحسب موقع "إيران انترناشونال". ونزل المحتجّون إلى الشوارع لتوزيع المنشورات والدعوة لما أسموها "انتفاضة ديسمبر".


كما نشر معارضون إيرانيون عناوين المنازل وأرقام الهواتف المحمولة لأعضاء في "الحرس الثوري" الإيراني وميليشيا "الباسيج" وقوات الشرطة لتمكين المواطنين من تتبّع مضطهديهم والانتقام منهم، في حين تحدّثت السلطة القضائية الإيرانية عن إعدام 4 رجال دينوا بـ"التعاون" مع إسرائيل.