كلير شكر

"القوات" وبري وفرنجية... شو القصة؟

6 كانون الأول 2022

01 : 59

بعض نواب "الجمهورية القوية" في المجلس (رمزي الحاج)

في الواقع، لا يجوز الانخراط كثيراً في ثنايا لعبة الجلسة الحكومية، من باب تعداد الأهداف المسجّلة خلال "مباراة" تلك الخطوة، سواء في مرمى رئيس "التيار الوطنيّ الحرّ" جبران باسيل، أو في مرمى تفاهم "مار مخايل" الذي بدا في تلك اللحظة، أشبه بخصومة لا تحالف، في ضوء اصرار "حزب الله" على تغطية الجلسة والمشاركة فيها على خلاف حليفه الذي اشتغل على خطّ الوزراء المحسوبين على رئيس الجمهورية السابق ميشال عون وعلى باسيل، ليكونوا في عداد المتمرّدين، ولو أنّ رئيس "التيار" دأب منذ أشهر على الشكوى من عدم قدرته على المونة عليهم...

لا يجوز حصر مشهدية الجلسة، ومن خلفها الخلاف بين "التيار" و"الثنائي الشيعي"، في الإطار الحكومي فقط ومدى دستورية أو عدم دستورية تلك الجلسة، لأنّ أبعادها الرئاسية، أهم بكثير من تفاصيلها الموضعية. هناك تكمن كلّ العقدة، والاشكالية، حتى لو ألبس العونيون، المواجهة المباشرة التي شهدتها حلبة الحكومة، لبوس التعدي على موقع الرئاسة ومن خلفه الوجود المسيحي لدرجة أنّ جيشهم الالكتروني راح يسوّق لفكرة أنّ "ضرب الوجود المسيحي أتى على يد حزب الله".

عملياً، لا يزال الاستحقاق الرئاسي أسير "الشغور السياسي". كلّ الأطراف على مواقفها، ولا تطوّر أو تقدّم ولو نسبياً. مجرّد اتصالات عابرة للاصطفافات، ومحاولات خجولة لكسر الجمود الحاصل، علّ الحركة الداخلية تحرّك المياه الاقليمية والدولية في اتجاه انجاز الاستحقاق في وقت قريب.

"الثنائي الشيعي" يخوض معركة رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، التي يعتقد أنّها غير مستحيلة، لا بل هي أقرب إلى التحقّق اذا ما قررت السعودية أن تغضّ الطرف أو أن تقبل به رئيساً، مع العلم أنّ بعض خصومه يؤكدون أنّ موقف الرياض لا يزال على حاله: لا لرئيس حليف لـ"حزب الله". في المقابل، ثمة من يرى أنّ الرياض قد لا تشنّ حملة على أي تسوية داخلية قد تأتي بفرنجية رئيساً لكنها بالطبع لن تفتح باب المساعدات. ومن هنا، يتردد أنّ الأخير يحسمها: لن أكون رئيساً من دون تسوية خارجية تعيد استنهاض الوضع الداخلي.

بهذا المعنى يُفهم أنّ السيناريوات الرئاسية لا تزال متنوعة، خصوصاً بعدما دخلت قطر على خطّ التفاوض والتشاور، مع الإيرانيين بالدرجة الأولى، ومع باسيل بالدرجة الثانية، على قاعدة العمل على حياكة تسوية تأتي بقائد الجيش رئيساً للجمهورية، على اعتبار أنّه الاسم الأكثر قبولاً على المستوى الدولي فيما الفرنسيون يعملون على انجاز الاستحقاق في أسرع وقت ممكن. في المقابل، يسعى فرنجية إلى تحسين موقعه من خلال فتح قنوات مباشرة مع السعودية من خلال وساطة اماراتية.

على الضفّة النقيضة، لا تزال "القوات" عند موقفها الداعم للنائب ميشال معوض، مع أنّه كما داعميه، مقتنعون ومتأكدون أنّه لن يكون رئيساً توافقياً بسبب رفض قوى الثامن من آذار ترشيحه. لعبة السكور المتحرّكة، لا تبدّل في موقف داعمي معوّض، لكنها تؤشر إلى الحركة الخفيّة التي يتمّ العمل عليها بين النواب لجذبهم إلى هذه الجبهة، أو تلك.

ولكن مع ذلك، لا تقفل "القوات" أبواب اتصالاتها مع العديد من القوى السياسية، وأبرز تلك الاتصالات هي الجارية مع رئيس مجلس النواب نبيه بري. لطالما تعمّدت "القوات" تمييز رئيس المجلس وفصله عن توأمه الشيعي. للعلاقة معه طابع مختلف ولها خصوصيتها. وحين قرر رئيس "القوات" سمير جعجع توجيه رسالة إلى بري، لم يفتهُ ارفاقها بتعبير "مع المودة". بهذا المعنى تُفهم الجلسات الدورية التي يجريها النائبان ملحم رياشي وعلي حسن خليل ضمن مجموعة تلتقي بشكل دائم. صحيح أنّ هذه اللقاءات لا ترتقي إلى مستوى الحوار الرسمي، لكنها تشكل حديقة خلفية للتواصل بين الفريقين، قد تفرض الظروف والتطورات، الحاجة إلى ذلك التواصل في ما خصّ الاستحقاق الرئاسي الذي يشكّل الطبق الأساس لهذه الجلسات "المسائية".

وفي السياق نفسه، يتردد أنّ لقاءات شبيهة تعقد بين النائبين رياشي وطوني فرنجية، على قاعدة التواصل الرسمي بين الطرفين، بعدما كان طوني الشدياق هو المكلّف بمتابعة العلاقة مع "المردة"، فأوكلت المهمة إلى النائب المتني من دون أن يعني ذلك أنّ سيناريو دعم القوات لفرنجية مطروح على بساط البحث.

وهذا ما يؤشر إلى أنّ "القوات" تترك كلّ المنافذ متاحة أمامها... باستثناء الطريق التي توصل إلى الضاحية الجنوبية، فيما جسور الثقة مقطوعة مع "التيار الوطنيّ الحرّ"، وما الحملة التي خيضت بوجه رياشي على خلفية مونديال 2018، دون سواه من اللجنة الوزارية، إلا تعميق للأزمة، وهو الوحيد الذي كان على استعداد للعمل على تنقية العلاقة من شوائبها.


MISS 3